التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التلفزيون يجلب التعاسة


 رثيت لحالي مرتين وأنا أقراء آخر دراسة قام بها باحثون أمريكيون توصلوا خلالها من أن الأشخاص الذين يشاهدون التلفزيون كثيرا يشعرون بالتعاسة على المدى الطويل، رثائي لحالي جاء من كون وظيفتي التي أكتسب منها رزق يومي تأتي من التلفزيون أولا ومن إدماني على مشاهدة التلفزيون في البيت لمتابعة التطورات الحاصلة في العالم ومعرفة الجديد الذي يتحفنا به التلفزيون كل يوم ثانيا، لذا فان تعاستي تزداد كل يوم.

قد أتفق كثيرا مع هذه الدراسة من أن يشاهد التلفزيون ومن يعمل فيه أكثر الناس تعاسة فهم لا يستمتعون بأوقاتهم كباقي الناس ولا يقضون أوقاتا أكبر مع أسرهم كون الأسرة الأولى وهي التلفزيون تأخذ الوقت الأكبر من حياتهم وكونهم أول الناس تعرضا للأخبار السيئة والحروب والكوارث وما غم من الأخبار والتقارير.

أذهلني أن الدراسة الأنفة الذكر استمرت لمدة ثلاثين عاما عكف خلالها فريق من الباحثين على دراسة عينة من الأشخاص بلغت ثلاثين ألف شخص وطلب من الأفراد المشاركين التعبير عن مشاعرهم عند القيام بنشاط ما، وتدوين ذلك بشكل يومي، وفي نهاية الثلاثين عاما خرجت الدراسة لتقول أن الأشخاص الذين وصفوا أنفسهم بأنهم سعداء، كانوا يمارسون الأنشطة الاجتماعية،ويستمتعون بإجازاتهم ويقضون فترات أطول مع أسرهم ويقرؤون الصحف أكثر من الآخرين، فيما كان الأشخاص الذين اعتبروا أنفسهم غير سعداء يشاهدون برامج التلفزيون بشكل أكبر مقارنة مع غيرهم، وبنسبة بلغت عشرين في المائة، حيث تبين أنهم اعتمدوا على مشاهدة التلفزيون كنشاط رئيس يقومون به في أوقات فراغهم وفي أوقات شغلهم.

لا أدري لماذا أمضى الباحثون ثلاثون عاما لإثبات هذه النظرية التي لا يحتاج فيها من يشاهد التلفزيون ويعمل فيه سوى لعام واحد فقط ليعي ويفهم أن ما يقوم به من عمل لا يجلب له الكثير من السعادة مقارنة بنظرائه الآخرين من الموظفين السعداء الذين ما أن ينهي الشخص منهم ساعات دوامه وتدق الساعة معلنة موعد الانصراف إلا قام وأخرج مفتاح سيارته معلنا بدء فصل آخر من يومه أكثر سعادة.

الإدمان على مشاهدة التلفزيون لا يجلب التعاسة فقط بل يجلب الكثير من الأمراض التي حذر منها الأطباء فكثير من الأمراض لا تصيب إلا من ابتلاه الله بمشاهدة التلفزيون منها ضعف النظر والبدانة والبلوغ والشيخوخة المبكرتين والإصابة بمرض التوحد وغيرها من الأمراض التي تنخر في جسد مدمن التلفزيون حسبما أشارت بعض الدراسات الطبية.

نسأل الله أن يعافينا من شرور الأمراض التي تصيب المدمن على التلفزيون ونسأله في أيام الحج الأكبر أن يغفر لنا ذنوبنا ويتقبل توباتنا ويجعلنا من السعداء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ashouily@hotmail.com

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع