التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أمة أقرأ .. تقــرأ



    سمعت هذه العبارة من الكثير من المثقفين والمتثاقفين " نحن أمة لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم وإذا فهمت فمصيرها الشقاء"، بقيت أصداء هذه العبارة ترن في أذني تكاد تخرقها هل فعلا ونحن الأمة التي أنزلت فيها  أول سورة من القرآن تحظ على القراءة لا تقرأ ولا تتدبر وهذه الأمة تفضل استبدال الكتاب والقراءة بالمشاهدة والاستماع وقتل الوقت بالكثير من القيل والقال؟

الكثير من الإحصاءات عن معدلات القراءة عند أمة أقرأ تشير إلى اتجاه عدم القراءة، المواطن العربي كما تشير الإحصاءات الصادرة عن الكثير من مراكز الدراسات وآخرها دراسة صادرة عن اتحاد كتاب الانترنيت العرب تشير إلى أن معدل قراءة المواطن العربي هو كلمة واحدة فقط في الأسبوع في حين أن نظيره الغربي يقرأ ستة وثلاثين ساعة في السنة أي أن كفة الغربي ترجح على العربي في القراءة بمعدل 360 مرة لصالح الغربي وهنالك الكثير والكثير من الدراسات التي تثبت بالبرهان القاطع إلى إننا أمة لا نقرأ .

أستغرب كثيرا من هذه المقولات المتشائمة والتي نجلد بها ذاتنا كل يوم وننعت بها أنفسنا كل ساعة ونعاير بها ذواتنا كل حين من أننا لا نقرأ، إلا إنني ما أراه أمام عيني مغاير تماما لما يقال إحصاءات أعداد زوار معرض مسقط الدولي الثالث عشر للكتاب خلال العام الماضي 2008 بلغ حوالي ثمانمائة ألف زائر خلال فترة المعرض وقيمة المشتريات من الكتب بلغت مليونين وثلاثمائة وثمانين ألف ريال ويتوقع خلال هذا العام أن يتضاعف هذا المبلغ والعدد عن العام السابق.

من يزور معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته لهذا العام والأعوام التي سبقته يندهش من مستوى إقبال الناس على اقتناء الكتاب والتهافت على شراءه ومن يستمع إلى دور النشر والمكتبات المشاركة في المعرض لن يصدق بان لدينا أزمة في القراءة أو أننا أمة لا تقرأ فالكل في انتظار هذا المعرض منذ أن يفتح أبوابه وحتى آخر يوم فيه طلاب المدارس والجامعات الأطفال والكبار المرأة والرجل الباحث والهاوي الكل يبحث عن سلعة واحدة هي الكتاب.

قد يختلف كثيرون معي في هذا الطرح من أن القارئ يشتري الكتاب ليضيفه إلى أصدقائه من الكتب الأخرى في مكتبته العامرة التي ينفض عنها الغبار مرة في العام عندما يضيف إليها كتبا جديدة ولكنني أقول إن القراءة والكتابة هي عبارة عن مجموعة حلقات متصلة لا تبدأ من الورق وتنتهي بالكتاب هي سلسلة مترابط بعضها البعض من البيت والأسرة والمدرسة والمجتمع والمكتبة العامة التي شح وجودها في زماننا.

أتمنى أن نبقى متفائلين وننظر لأنفسنا نظرة تفاؤل ونردد دائما أول سورة نزلت على خاتم الرسل " أقرأ باسم ربك الذي خلق" فنحن أمة لا زالت تقرأ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ashouily@hotmail.com

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع