التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ومن التلفزيون ما قتل



كتب: عبدالله بن سالم الشعيلي.

الكثير من المشاجرات اليومية تحصل في بيوتنا بسبب وبدون بسبب ولعل أغرب هذه المشاجرات تنشأ بسبب التلفزيون ورغبة كل طرف داخل المنزل في بسط سيطرته على الآخر بامتلاك والاستحواذ على جهاز الريموت كنترول الذي هو جهاز التحكم عن بعد فمن يملك هذا الجهاز فهو المتحكم في الآخرين يسيرهم وفق هواه وليستمتع هو بما يجد فيه متعته وليبقى الآخرين يتململون غصبا عنهم في مشاهدة ما يمليه عليهم الدكتاتور المنزلي.

الكثير من الحكايات الغريبة والعجيبة نسمعها يوميا عن هذا الجهاز العجيب الصغير فمن يمتلكه فكأنما صار هو ملك زمانه يلف به العالم طولا وعرضا شرقا وغربا يحلق عاليا ويسبح في أعماق البحار ويتسلق الجبال ويعبر الفيافي والقفار، مرة حكي لي صديق عزيز عن علاقته مع الريموت كنترول وغضب زوجته عندما تراه مسترخ على أريكته يقلب القنوات الفضائية فتكتم غيضها وتترك له المكان لتقول له كلمتها المعتادة " ها بديت تسبح" بمعنى أن صاحبنا هذا لا يقف عند شيء معين فهو يبدأ في تقليب القنوات الفضائية من بدايتها وحتى نهايتها ليعود من جديد ليقول " ما في شي في الفضائيات يستاهل أحد يشوفه" فشبهت الزوجة تقليب زوجها لقنوات التلفزيون بالتسبيح بالمسبحة.

نسمع كل يوم عن شجارات تحدث داخل البيوت للسيطرة على جهاز الريموت كنترول ولكن أغرب هذه الشجارات ما قرأته الأسبوع الفائت عن شجار دار بين رجل تايواني ووالدته بسبب نزاع دار بينهما حول من يتحكم في الريموت كنترول، وتطور هذا الشجار إلى صراع بالأيدي واستخدام للهراوات والعصي وتدافع وتراشق بين الأم وابنها حيث كان الابن يرغب في مشاهدة فيلم تسجيلي في حين كانت الأم ترغب في مشاهدة نشرة الأخبار.

هذا الصراع الحامي أدي إلى قتل الابن لوالدته بعد أن حاولت الأم التقاط هراوة خشبية لتضرب ابنها العاق الذي لا يسمع الكلام فدفعها الابن بقوة بعيدا عنه وعن الريموت كنترول ليرتطم رأسها بالجدار وبطاولة قريبة من جهاز التلفزيون لتفارق بعدها الحياة.

مهما بلغ حبنا وشغفنا لمشاهدة التلفزيون وممارسة هواية التسبيح الفضائي لكن يجب علينا احترام مشاعر الآخرين والخوف على أنفسنا من بطش الآخرين في حال تمسكنا برأينا ضد الآخر.

أنصح الكثير من الأزواج من أمثالي في حال رغبت زوجتك في مشاهدة التلفزيون فيجب تغيير القناة وإعطائها الريموت كنترول عن طيب خاطر لان كيد النساء لا ينتهي فقد تتشابه نهايتك مع نهاية تلك الأم المسكينة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

ashouily@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع