التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٢٠

لا أريد لهذا الفيروس أن ينتهي

       ليسامحني الشاعر الكبير محمود درويش فاستعير منه عنوان آخر دواوينه الشعرية ” لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي” فأنا لا أريد لهذا الفيروس أن ينتهي فقد تعلمت منه كثير من الحكم والدروس والفوائد العظيمة التي لولاه لما تسنى لي أن أتعلم كل هذا الكم من العلوم والمعارف في كافة جوانب الحياة منها ما يتعلق بالنفس البشرية وضرورة التباعد بين البشر ومنها ما يتعلق منها باكتساب العلوم البشرية المختلفة في التقنية والاقتصاد والطب والتعليم وكثير غيرها. تعلمت في هذه المحنة ما لم أتعلمه في دهر كامل، تعلمت الاصغاء والصمت أكثر من الكلام الذي لا طائل منه، تعلمت من صمتي قراءة ما يثرثره كثير من الناس وما يمكن أن تقودهم اليه ثرثرتهم، تعلمت أن الصمت فضيلة لا يتقنها كثير من الناس وأن الحديث قد يكون رذيلة يتسابق إليه كثير من الناس، تعلمت أن العزلة والانطواء والتباعد والخلوة هي من أفضل حالات الإنسان كي يعرف ذاته ليسألها عما بها وما تشتكي وما تعانيه من آلام ذاتيه وأوجاع خارجية، تعلمت أن النظر الطويل الى الأشياء يمنحك التفكر فيما خلق الله من مخلوقات لم نكن لنجد الوقت لمعرفتها والتعرف عليها لو لا هذا الفي

واذا الصحف نشرت

شدني خبرًا قرأته في أحد المواقع الإلكترونية عن مراهق أمريكي قام بتصميم موقع إلكتروني لتتبع الحالات المستجدة عن فيروس كرونا التاجي عالميًا وحظي بمشاهدات يومية عالية وصلت إلى ثلاثة ملايين مشاهد يوميًا. استمعت إلى هذا المراهق ذي السبعة عشر ربيعًا وهو يحكي تجربته التي بدأها في نهايات العام الماضي عند بداية انتشار الفيروس في الصين وكيف أنه فكر في استغلال معرفته البسيطة بتصميم أول موقع إلكتروني لتتبع حالات كورونا وحلمه بأن يكون موقعه هذا تأسيسًا لمنظومة أكبر لاستشعار الأوبئة والأخطار حول العالم. لا أدري ساعتها لماذا قفز إلى ذهني تساؤل أزلي قديم عن فكرة بقاء واستمرارية وسائل الإعلام سواء بصورتها الحالية أم بصورها المتطورة المتجددة وكم من الوقت قد يستغرقه هذا التحول الجديد، وأرجعتني هذه التساؤلات إلى السؤال الأهم عن البدايات الأولى لاستخدام تلك الوسائل لاكتشف أنها لم تكن في الأساس مخصصة كمنابر للإعلام والنشر لكن تم تطويعها لهذه الأغراض فمثلًا لم يكن في فكر غوتنبرغ عندما قرر أن يخترع مطبعته منتصف القرن الرابع عشر الميلادي أن تكون لطباعة جريدة لكنه اخترعها لطباعة الكتب (الإنجيل) في

أيام من العزلة

عبدالله بن سالم الشعيلي. وكأنه حلم نعيشه أو رواية من خيال نقرؤها أو كلام غير ذي عقل يصدق فينا. كل تنبؤات العرافين لم تستطع الوصول الى هذا الحال وكل روايات الخيال المكتوب لم تقدر أن تشطح بخيالها للحالة التي نعيشها، وكل ما عاشته البشرية من حروب ودمار ومآس وأسقام وأوجاع وأوبئة هو في كفة وما نحياه اليوم من تجربة وباء غزا الدنيا وشغل الناس هو في كفة أخرى. لم يتبق لنا شيء في هذه الحياة يمكن أن نخشاه أو نرهبه أكثر مما مر بنا من أوجاع ومآس وما قد يأتي مستقبلا لن يكون ذا بال أو شأن أكثر مما مر بنا. فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة وصف بالذكي تمييزا له عن اخوته من الفيروسات التي سبقته ومجاراة للحالة الكونية التي نعيشها بتضخيم الأشياء وعملقتها ووصف كل ما هو جديد ومتطور بالذكي – حتى أمراضنا نعتناها بالذكية – استطاع هذا الفيروس بذكائه الحاد الفطن أن يجبر كل سكان الأرض قاطبة على البقاء في منازلهم وترهيبهم وتخويفهم فتمكن من اغلاق الدول وتقوقعها على نفسها واغلاق حدودها مع جيرانها، وتمكن من اغلاق السماوات المفتوحة والاراضين السالكة، تمكن من اغلاق أبواب الأقارب والجيران عن بعضهم بل حتى أبواب الله

الحياة في 2020

عبدالله بن سالم الشعيلي. كان لهذا العنوان أن يكون ذا وقع كبير لولا فيروس  صغير الحجم لا يرى بالعين المجردة أوقف صخب الحياة وأرجعها على الأقل عشر سنوات للوراء، كان لهذا العنوان أن يشد انتباه القارئ لو أن الحياة استمرت على وتيرتها في التناحر والتحارب والتخابر بين الأفراد والمجتمعات؛ لو أن الحياة سارت على ذات الوتيرة من التسابق في الابتكار والاختراع والتقنية على الأرض وفي الفضاء؛ كان يمكن أن يكون كل شيء طبيعيًا لو لم يخرج هذا الفيروس من قمقمه فيبدأ في نشر الخوف والذعر في كل مكان ويلزم الناس بيوتهم ومساكنهم. كانت الحياة تلهث والناس من ورائها تركض منذ انشقاق الفجر حتى منتصف الليل أو تزيد قليلا، فلا الراكض يهدأ ولا المركوض وراءه يلحق؛ لهاث يصل إلى حد انقطاع الأنفاس من قسوته وشدته وطول مداه ، لا ينقطع ولا تبدو بارقة أمل لانتهائه أو انقضائه. لهاث كانت تُسمع جعجعته ولا يُرى طحنه ؛ حتى جاءت اللحظة التي صمتت فيها أنفاس اللاهث وتوقف كل الراكضين عن ركضهم وكأن الزمن أوقف ساعته على الدقيقة صفر من عمر البشرية حتى اشتكى الكل من أن الزمن يمشي بطيئًا مملًا بسرعة لم يعهدها كل