التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2011

وكانت سنة مرهقة

      لم يكن العام المنصرم عاما كالأعوام كالتي مرت قبله، أرهقني كثيرا هذا العام، عشت وعايشت فيه أقسى اللحظات وأحلاها، كبرت خلاله كما لم أكبر في غيره من السنين، تعلمت فيه الكثير مما لم أتعلمه في غيره من السنين، وهرمت – كما قال ذلك التونسي الفرح بثورته- كما لم أهرم في غيره من السنين. كانت سنة مرهقة بالنسبة لي - وكما أعتقد هي أيضا بالنسبة الى الكثير من البشر- ربما هي تشبه العام الذي تحدث عنه القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف عليه السلام بأنه "عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون". نعم اغيث الناس في عامنا المنصرم وخرجوا الى الشوارع والميادين والازقة بحثا عن أشياء كثيرة وخرجت أنا معهم أبحث عن أشيائي، وجد بعضهم ضالته وحقق بغيته ووجدت معهم بعضا من ضالتي. فرح الناس بتحقيق ما خرجوا من أجله ولكنها كانت فرحة مرهقة لم تكتمل بعد، هي بانتظار سنة أو سنوات غيرها من الاستقرار والرخاء والسلم والامن. تزلزلت عروش، وهددت عروش غيرها، تبدلت حياة، وجاءت حياة غيرها، وما ننتظره قد لا يكون افضل مما فات وقد يكون الافضل والعلم عند الله. من جلس على كرسي من سبقه لم يكن بافضل حال كما كان يحلم الكثير من ا

نهاية العالم في 2012

 أول من تنبأ بأن العالم سوف يفنى في العام 2012 - وهو العام الذي نحن على مشارف دخوله بعد بضعة أيام- هي حضارة المايا التي قامت في بعض دول ما بات يعرف اليوم بأمريكا الوسطى مثل المكسيك وجواتيمالا والسلفادور. التقويم الذي وضعته هذه الحضارة العريقة كانت نهايته تشير إلى العام 2012 باعتبار أنه العام الذي تنتهي فيه الخليقة حيث قدروا أن البشر يخلقون ويفنون في دورة حياة تستمر لخمسة آلاف عام وستنتهي هذه المهلة في العام المقبل 2012. السينما تبنت هذه الفكرة فأخرجت لنا العديد من الأفلام سواء الوثائقية أو السينمائية لعل آخرها فيلم أنتج في العام 2009 وحمل عنوان 2012 تقص علينا قصته حكاية نهاية العالم بالغرق في العام المقبل وسينجو من هذا الغرق مجموعة بسيطة جدا من البشر هم الساسة وبعض العلماء. حتى المنجمون والمتنبئون أشاروا إلى أن نهاية العالم ستكون في 21 ديسمبر 2012 وبرروا ذلك بعدد من الظواهر التي ستلوح في الأفق وادعوا بأن الكون سيتجدد في هذا العام وحدوث بعض الكوارث والتغيرات المناخية وارتطام نيزك كبير بالأرض يفني الحياة التي بها. أما السياسيون فيرون أن الأزمات التي بدأ يمر بها العالم منذ

مواعيد لما بعد الموت

كنت أسمع فقط عن تأخر المواعيد في المستشفيات الحكومية وطول أمدها الى أن وقعت بنفسي في هذا الفخ. سأحكي تجربتين لامستاني شخصيا تتعلق بموضوع هذا المقال وسأبدأ بالاولى.. ابن اخي – رحمة الله عليه – ابتلاه الله بمرض في الكلى وتم تشخيص حالته بأنه فشل كلوي بعدما بدأ في التردد على "مستشفى حكومي"، وما بين الزيارة والاخرى يتم تحديد موعد جديد للمراجعة يطول لعدة اشهر الى أن ساءت حالته فاضطر والده الى أن يبحث له عن تشخيص وعلاج له في دولة آسيوية حتى انتقل الى جوار ربه. هل يا ترى مواعيد المستشفيات الحكومية في بلدنا تحجز لما بعد الموت؟ التجربة الاخرى حدثت لي بعدما اكتشفت اصابتي بحصى في الكلى – وهذا لا يعتبر في حقل الطب بحاجة الى جهد وعلاج كبير- وبعد مراجعتي " لمستشفى حكومي" أتاني الموعد بعد ثلاثة أشهر وتم تأجيله لشهر آخر غيره بعد ذلك. والى اليوم وأنا أنتظر الدور. اسمحولي أن أوجه سؤالي هنا الى وزارة الصحة. ألا يوجد لديكم أي علاج لهذه المواعيد المتراكمة؟ أين يكمن الخلل في هذا التراكم؟ هل في نقص الاجهزة؟ أم نقص في الكادر البشري؟ أم نقص في المكان؟ أم أن المسألة أتت هكذ

حياتنا .. بين الخاص والعام

لنقترب من عنوان هذا المقال أكثر دعوني أسرد لكم تجربة شخصية قد يكون الكثير منكم يشاركونني إياها. أنا موظف يعيش على راتب وظيفته، يقسمه على أشياء عديدة منها أقساط تدفع رسوم لدراسة الأبناء في مدارسهم وأقساط أخرى تدفع لتسديد فواتير العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة وما يتبقى من هذا الراتب يذهب الى مصاريف الحياة المختلفة. يبقى السؤال لماذا انقلبت حياتنا من العام إلى الخاص؟ في حين أننا كنا وقبل فترات ليست بالبعيدة نفضل العام على الخاص. نفضل ما تقدمه لنا الحكومة من خدمات ونعتبره بأنه ذو جودة عالية ولا نقارنه بالخاص. لماذا انقلب الأمر كما يقول المثل رأسا على عقب وبات الفرد منا يركض وراء الخاص تحاشيا من الوقوع في العام؟ هل لأن جودة خدمات القطاع العام باتت أقل من جودة الخاص؟ أم أن كثرة أعداد الناس والسكان شكلا ضغطا على مؤسسات القطاع العام؟ أم أن من يقود القطاع العام الآن لا يملك المؤهل والخبرة الكافية لإدارته؟ هذه عينة بسيطة فقط من الأسئلة المطروحة في محاولة لتشخيص الحال الذي وصلنا إليه قد لا يكون هنا في السلطنة وحدها ولكن لربما أنه صار داء عاما طال كل دول العالم فيما بات يطلق عليه

استراتيجية اعلامية

التعديلات الاخيرة التي شملت تعديل بعض أحكام النظام الاساسي للدولة وتعديل قانوني مجلسي الدولة والشورى وغيرها من القوانين والتشريعات، شملت أيضا الاعلام وكان نصيبه منها وافرا. فابتداء بتعيين رئيس للهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون بمرتبة وزير وتعيين نائب له، وانتهاء بتعيين وكيل لوزارة الاعلام، كل هذه التعديلات والتغيرات بدأت في تشكيل المشهد الاعلامي هنا في السلطنة. اليوم، بدأت منظومة العمل الاعلامي العماني تتضح بعض الشىء فبإنشاء الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون والابقاء على وزارة الاعلام كما هي – رغم أن التكهنات كانت تشير الى تقليص حجمها أو اندماجها أو أنها قد تكون في كيان آخر كهيئة أو مجلس أعلى للاعلام- يصبح هذا المشهد الاعلامي كما قلنا واضحا بعض الشىء من أن دور الوزارة سيبقى دورا اشرافيا بحتا على كل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية سواء أكانت حكومية أو شبه حكومية أو خاصة وسيتم معاملتها على قدم المساواة بدون أن يكون هنالك تمايز في المعاملة بين وسيلة واخرى. أعتقد بأنه آن الاوان اليوم بأن تصاغ استراتيجية اعلامية للسلطنة تعنى بتحديد القواعد والاسس العامة لتنظيم عمل وسائل الا

بين المتنبي والقذافي

أبو الطيب المتنبي هو من حاز على هذا اللقب، قال عنه خصومه ومناصروه بأنه شاعر ملأ الدنيا وشغل الناس سواء في حياته أو عند مقتله. واليوم يبدو أن الراحل معمر القذافي الرئيس الليبي السابق قد ينافس أبو الطيب على هذا اللقب حيث أنه فعلا ملأ الدنيا في حياته وشغل الناس عند موته. بين الرجلين قواسم مشتركة لكن مع الفارق العظيم بين شخصيتيهما، فكلاهما أي أبو الطيب المتنبي والقذافي سارعت تصريحاتهما في مقتلهما. فأبو الطيب وكما تروي لنا القصص المتواردة عنه بأن شعره سارع بمقتله فعندما هجا أبو الطيب أم فاتك الاسدي بأقبح الصفات قام الاخير بالانتقام له ولعرضه بالترصد للشاعر وقتله انتقاما له ولاسرته. وكذلك هو الحال مع الراحل معمر القذافي الذي سارعت بعض خطبه التي كان يخاطب بها شعبه بمقتله عندما وصفهم بالجرذان وتعهد بمطاردتهم في كل زنقه وحارة، الامر الذي أثار حفيظة الليبيين وسارعوا بقتله بسرعة كبيرة بدون أن يقدم للعدالة أو المحاكمة. مقتل الرجلين أيضا هو قاسم مشترك. فأبو الطيب اراد الهرب من غريمه في البدء لكن كلمة من خادمه أرجعته الى ساحة المعركة عندما استفزه بقوله ألست القائل الخيل والليل والبيداء تعرفن

" الزمن" غيت

            شخصيا ارتبطت كلمة " غيت" بالفضيحة الشهيرة التي تفجرت في الولايات المتحدة الامريكية في العام 1972 عندما قام أحد الصحفيين في صحيفة الواشنطن بوست بكشف تورط الحزب الجمهوري في عهد الرئيس نيكسون بالتجسس على مكاتب الحزب المنافس له. اسميت هذه الفضيحة بفضيحة ووترجيت نسبة الى المبنى الذي شهد عمليات التجسس. توالى بعد ذلك استخدام مصطلح " غيت" في وسائل الاعلام التي بدأت في وصف أي فضيحة أو قضية تثير الرأي العام وتطلق عليها هذا الاسم مثل قضايا عدة لعل أشهرها ايران غيت ومؤخرا فضيحة مردوخ غيت. قد لا يكون من الانصاف اطلاق اسم " الزمن " غيت على القضية التي تشغل بال الشارع العماني هذه الايام، ولكنني استعير هذا الاسم فقط للدلالة على انها من أهم القضايا التي تحدث معنا في السلطنة التي لم تعتد على هذا النوع من القضايا باعتبار أن المجتمع وأهله مسالمون ولا أحد في المجتمع يمكنه أن يقاضي أو يحاكم الحكومة ومؤسساتها بما في ذلك وسائل الاعلام التي لم تعتد بعد على لهجة الوقوف في وجه الحكومة وفضح بعض الممارسات الخاطئة بها. الحكم الاولى لهذه القضية صدر بسجن رئيس تح

إعلام الفــرد

           هذا المصطلح بدأ تداوله على نطاق واسع عقب استفحال الثورة المعلوماتية وغزوها للحياة الشخصية للأفراد والمجتمعات. ووسائل الإعلام حالها حال الآخرين استفادت من هذه الثورة وبدأت في ابتكار مصطلح " المواطن الصحفي" وأفردت له مساحات كبيرة من خلال إتاحة الفرصة له للتعبير عن رأيه بالكلمة والصورة. إلا أن هذا التزاوج بين المواطن الصحفي ووسائل الإعلام لم يدم طويلا بسبب اتساع رقعة الشقاق والخلاف بينهما فالأولى التي يهيمن عليها القرار الحكومي أو جهة أخرى غيرها في صياغة وتحرير الأخبار ونشر ما لا يتعارض مع سياسات الحكومة لم ترتض ما يكتبه المواطن من أخبار وتعليقات ومقالات فحرمته من المشاركة معها واستفردت بنفسها بنشر ما لا يتعارض مع سياستها. في الوقت ذاته عارض المواطن الصحفي هذا الإجراء فبدأ بنفسه في البحث عن وسائل إعلامية أخرى لا تسأله عما يكتب ويكون هو بنفسه محررا وكاتبا وناشرا ومن هنا ظهر مصطلح " إعلام الفرد" ليكون مصطلحا أعم وأشمل من المصطلح السابق الذي ربط المواطن بالصحافة. عندما بدأت الانترنيت تغزو المدن وتلاها الهاتف المحمول ليكمل الحلقة أصبح الفرد اليوم إعلاميا ب

مدينتي تقرأ

  بدأ بعض السعادة والفرح يلج الى داخل قلبي الذي انهكه كثرة الحزن على ما فقد في ربيعنا العربي وعلى الحال الذي وصلنا اليه اليوم من مآس وويلات حروب كنا في غنى عنها، ولكنني سمحت لبعض الفرح أن يتسرب الى داخل نفسي عقب خبر قرأته عن مبادرة أكبرت القائمين عليها وهي مبادرة " مدينتي تقرأ" التي أخذ بزمامها مجموعة من الشباب وبجهودهم الشخصية وبتبرعات مالية محدودة. " مدينتي تقرأ" هي كما قال عنها مبادروها بانها "مباردة ثقافية واجتماعية لتشجيع القراءة والمطالعة الحرة تهدف الى خلق مجتمع قارىء". انطلقت هذه المبادرة من ولاية الرستاق تلك الولاية العريقة التي كانت في يوم من الايام عاصمة لعمان أيام حكم اليعاربة وتزخر بتاريخ وتراث حضاري عريق ضارب في القدم. هذه الولاية بدأ شبابها يفكرون في استغلال أوقات الفراغ لدى مجتمعهم فبدلا من قضاء الاوقات في القيل والقال والمشاهدة واللعب، أو كما اختصرها أحد المتبحرين في علم التنمية البشرية ب الثلاث شينات وهي شيشة – شاشة – شاي قرروا استثمار هذه الاوقات فيما ينفع النفس والمجتمع بمبادرة ترجع الناس الى أول آية أنزلها الله على رسوله الكريم و

امرأة نوبل

      يبدو أن العرب هذه المرة لن يرفعوا رأسهم عاليا ويتفاخرون فيما بينهم بجائزة نوبل للسلام التي فازت بها اليمنية توكل كرمان وتقاسمتها مع امرأتين اخريين هما رئيسة ليبيريا إلين جونسون سيرليف، ومواطنتها ليما جبوويس. ولا أعمم خيبة الامل العربية من نوبل على كل العرب بل ما عنيته هم بعض من العرب اللذين يرون في الربيع العربي تخريب للانظمة الحاكمة وخروج عن طاعة ولي الامر. كثيرون هم من أبدوا امتعاضهم من فوز امرأة عربية بنوبل للسلام قائلين بأن اللجنة التي منحت الجائزة قد شاخت وضعف بصرها وضلت الطريق الصحيح والا كيف يمكن أن تمنح جائزة بهذه السمعة العالمية لفتاة لم تتجاوز الثانية والثلاثون من عمرها ولم تقدم شيئا للسلام ولا لأهله بل على العكس فهي تشجع على المواجهة بأسلوبها الاستفزازي والمتسلط الذي يدعوا الى التغيير والاصلاح والاطاحة بالنظام الحاكم في بلد لا تتمتع فيه المرأة بحقوق كثيرة عدا عن كونها امرأة خلقت فقط للرجل ولبيتها. نوبل هذه المرة مختلفة في الطعم والنكهة ، طعمها مر بمرارة الثورات العربية المناضلة لاحقاق الحق والحياة الكريمة للشعوب المقهورة التي لم تكن تملك حولا ولا قوة في قول كلمة

قتل .. للتسلية

"ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" النساء الآية 93.   جندي أمريكي يروي قصة قتله لفتى أفغاني يقول فيها لقاضي التحقيق "طلبت من الفتى الأفغاني الاقتراب مني، وعندما أصبح على بعد خمسة أمتار مني ألقيت عليه قنبلة يدوية وأطلقت بعدها النار عليه ". اعتراف الجندي الأمريكي بقتله للفتى الأفغاني بقصد التسلية والترفيه فقط ليس هو الأول وإنما سبقه اعتراف جنديين أمريكيين آخرين يعملان في أفغانستان بقتلهما أفغانا بقصد التسلية والترفيه فقط، وليس بداع الحفاظ على الأمن والاستقرار أو بداع الدفاع عن النفس أو أي سبب آخر. إلى هذا الحد وصل الاستهتار بالنفس البشرية التي خلقها الله عز وجل ولم تعد النفس مصانة ولا تتمتع بالحماية في ظل قوانين الاحتلال التي تبيح للمحتل أن يفعل ما يشاء بمن يحتله حتى وان كان يتسلى بذبح رقاب الناس، فالقوانين والأعراف العسكرية تبيح له فعل ما يريده في مقابل تكريس الاحتلال ونهب الخيرات. في حديث يروى عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام " أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، لا هي أطلقتها ولا تركتها تأكل من

المثقف والسلطة

بدأ الدم يصعد إلى قمة رأسه وربما في تلك اللحظة وصل الى مرحلة الغليان، قال في نفسه لو كنت خارج أسوار هذا المكان لكان الرد على هذا المدعي سيأخذ منحى آخر. هيبة المكان ووقاره واحترامه لقداسة قاعة المحكمة وقبل هذا وذاك تقديره للقاضي ذو الشيب الابيض الذي يتوسط اثنان من القضاة هما في سن والده هو ما أجبره على كبت ما كان يهم بقوله لصديقه الذي يقاسمه المقعد لكنه قاله لنفسه وهو يضغط على قلمه الذي كان يدون به بعض الكلمات التي نطق بها ذلك المدعي. لم يعر انتباها كثيرا الى مجريات المحكمة التي أخذ فيها صوت كلا من المحامي والمدعي العام يعلو تدريجيا، فما كان يشغل باله لحظتها ما تفوه بها ممثل الادعاء العام "من أن الصحيفة تحاول تأليب الرأي العام عن طريق من يسمون أنفسهم بالمثقفين"، معتبرا أن هذا الكلام موجه له هو شخصيا وأقرانه من الادباء والكتاب والمفكرين. الكر والفر بين السلطة والمثقف هو دائما على هذا الحال في كثير من بلادنا العربية، فالسلطة ترى أن من حقها أن تشرف على ما يقال وينشر ويحق لها كذلك أيضا أن تحاكم وتقاضي وأحيانا تزج ببعض الاشخاص الى السجن إن ارتأت أن ما يتفوهون أو يكتبون أو

الثورة النـاعمــة

        من تونس للقاهرة مرورا بطرابلس وصنعاء وانتهاء بلندن وأثينا وهنالك متفرقات عالمية هنا وهناك اجتمعت فيما بينها على القيام بثورة أيا كان هدفها ومغزاها ونتائجها فكلها أو لنقل معظمها مجمع على القيام بثورة ضد ما يعانيه شعوب تلكم الدول. المحرض في كل تلك الثورات واحد ومن قام بإشعالها واحد ومن أجهها واحد والمتهم الذي يشار إليه بأصابع الاتهام هو واحد حتى مع اختلاف الزمان والمكان والهدف والنتيجة ولكن يبقى من كل هذا كله هو أن حكومات الدول المتضررة من هذه الثورات تلقي باللائمة على مواقع التواصل الاجتماعي والهاتف النقال الذكي البلاك بيري وأجهزة الكمبيوتر المحمول وكما أسماها البعض بأنها الثورة الناعمة أو الغزو الناعم. أشعر بأن من أطلق على هذا العصر بأنه عصر ثورة المعلومات كان قد تنبأ بأن المعلوماتية هي من سيقود الثورات في العالم فأطلق عليها هذا الاسم مسبقا حدسا منه بأن هذا العصر هو عصر الثورات الناعمة التي تقودها أجهزة الهاتف النقال في أيدي الأولاد والبنات من جيل هذا العصر الذي استعان بهذه التقنية ووظفها للوصول إلى غاياته في الحياة بدلا من القوة والعنف والبطش التي تمتلكها الحكومات وا

وآتت أُكٌلَها

        بورصة الدراما العمانية مرتفعة هذا العام ويعزى هذا إلى سبعة أعمال درامية سمان عوضت السنوات العجاف التي عاشتها الدراما المحلية ولعل السبب الرئيس والحقيقي في ارتفاع مؤشر الدراما العمانية هذا العام وبقاءه في حاجز الضوء الأخضر هو الأعمال الدرامية المتمخضة عن لجنة تطوير الدراما العمانية والتي بدأت تؤتي أكلها.     هذه اللجنة والتي تشكلت بأمر سامي في العام 2008 لدراسة وضع الدراما العمانية والمسرح ووضع الحلول والمقترحات ووضع إستراتجية وخطة للنهوض بهذا القطاع، ها هي ذي اليوم تبدأ في قطف أولى ثمار جهودها وخططها بعدد من الأعمال الدرامية التي استطاعت شد وجذب اهتمام المشاهد المحلي لا سيما عقب الإفطار عندما يتحلق أفراد الأسرة لمشاهدة عارف البرذول الذي قال عنه أحد الكتاب عبارة " البرذول الذي وحد عمان" ويقصد بذلك أن جميع الأسر العمانية تتسمر أمام شاشة التلفزيون عقب الإفطار لمشاهدة عارف البرذول ومحاد وعائلاتهم اللذين يعكسون جزءا من شخصية المجتمع التي يتشارك فيها شخص من الشمال وشخص من الجنوب في بيئة عمانية تعكس مدى الألفة والانسجام في نسيج هذا المجتمع . إنتاج مسلسل كرتوني عماني ت

مجتمع من زجاج

                 " من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة".                                                    مثل عربي.       أخذ الحديث الذي دار بيني وبين زميل منحى آخر بعد السؤال عن العلوم والأخبار وما الجديد في الحياة وموقع الإعصار أو المنخفض وهل سيصل إلينا كما وصل ما قبله أم سيؤثر الابتعاد عنا ويتركنا تحت لهيب شمس الصيف الحارقة ولهيب الثورات العربية التي بدأت نارها في الاستعار مع دخول الصيف. تطرق هذا الزميل إلى موضوع هل نحن مجتمع محصن من كل ما يحدث ولا نخشى أن يكسره شيء؟ وهل مجتمعنا هو من بناء خرساني صلب أم أنه مجتمع زجاجي يمكن أن يتأثر من أول حجر يلقى عليه؟ أثار في نفسي هذا الاستفهام تساؤل كبير فنحن كأمة لها جذور متأصلة في الأرض التي نحيا عليها وهذه الجذور هي حصننا الحصين من أي حجر يلقى علينا، فلن تؤثر تلك الحجارة الملقاة على شجرتنا الضاربة بعروقها في الأرض العمانية، وستعمل كثير من القيم والأخلاق والعادات التي ورثناها وتربينا عليها كحائط صد ضد أي تخريب يحاول المساس ببيتنا الداخلي. ولكن هل يا ترى لا زالت حوائط الصد هذه باقية كما هي عليه منذ ـ أيام زمان

أمــة من الغنـم

حاشا لله أن يكون عنوان هذا العمود مقصود منه أننا نحن أمة العرب هي أمة الغنم فنحن أفضل من "الغنم" التي هي بلا عقل تسرح في هذه الدنيا بغير مسؤولية إلى أن يأتي يومها الموعود وتقاد فيه إلى الذبح. لكن المقصود هنا بأن هذه الامة هي الامة الامريكية التي وصفها الكاتب وليم ليدر في كتابه الذي حمل نفس العنوان بأنها عبارة عن قطيع من النعاج والغنم تقاد الى حيثما أراد الراعي أن يقودها بدون أن يبدي هذا القطيع أي اعتراض على مكان اقتياده. ولكن لماذا أطلق هذا الكاتب على أمته أنها أمة الغنم؟ وإذا كانت الأمة الأمريكية والغربية على وجه العموم هي أمم من الغنم فماذا نكون نحن أمة العرب؟ هل سنكون في نفس مرتبتهم؟ أم أننا سنكون أعلى أو أقل من درجته؟. الكتاب يتحدث في السياسة الخارجية الأمريكية والتعتيم الإعلامي وحجب الحقائق عن الشعب, وكيف تتحكم تلك الإدارة في شعبها وتحجب عنه الحقائق التي ترغب في حجبها وتفرج عما ترغب في الإفراج عنه. وهو – أي الكاتب- أطلق على الشعب الأمريكي بأنه شعب من الغنم لا يفقه كثيرا من الأمور التي تجري من حوله فهو يصدق كل ما تبثه وسائل إعلامه من معلومات لا يكلف الفرد نفس

الحياة بدون سريعة

   سريعة هذه هي عاملة المنزل التي تعمل لدينا، بمفهوم هذا الزمان هي مدبرة ومديرة المنزل فكل شيء يتعلق بالمنزل ابتداء من المطبخ الذي تعتبره مملكتها لا ترضى لأحد أيا كان حتى لو كانت زوجتي أن تدخله إلا للأكل، وكل ما بقي من المنزل يقع تحت مسؤوليتها. الكبار قبل الصغار إذا أرادوا شيئا يخصهم في المنزل فإن سريعة هي التي تعرف مكانه وأين وضع وسهولة الحصول عليه. سريعة وين نعالي، سريعة وين قميصي، سريعة وين مقص الأظافر، سريعة وين مصري الجديد سريعة سريعة سريعة، وتستمر نداءات البيت من كل صوب عن أشيائهم الشخصية في بيتهم. سريعة غادرتنا هذا الأسبوع لقضاء إجازتها مع أسرتها وتركتنا وحيدين، من يا ترى سيساعدنا في إيجاد أشيائنا الخاصة جدا غير سريعة؟ من سيطبخ لنا أكلاتنا العمانية المفضلة من القبولي والعوال والسمك والعرسية والهريس والأكلات العربية والأسيوية، من سيكوي لنا ملابسنا ويصففها ويبخرها لنا ، من سيعتني بالأطفال ويحممهم ويعطرهم ومن ومن ومن؟ استعدادا لهذا اليوم الموعود واقصد به موعد سفر مدبرة منزلنا، جلسنا أنا وحرمي المصون لتدابر عواقب ما سينتج عن غيابها وأقصد هنا غياب العاملة وليس غي

وآمعتصماه

         كلنا يعرف قصة المرأة التي استجارت بالخليفة المعتصم بالله عندما جار عليها الأعداء فاستنجدت بصرختها بأمير المؤمنين الذي هب لنجدتها، بعد تلك المرأة أصبح كل من أراد أن يستنجد بأحد من جور آخر، يصيح بأعلى صوته وامعتصماه فذهبت هذه الجملة مثلا للاستجارة وطلب النجدة. في هذا الزمان أطلق كل من وقف احتجاجا على شيء لم يعجبه اسم "اعتصام"، وربما -أقول ربما- حملت هذه الكلمة دلالة على أن المعتصمين يستجيرون بمن يعصمهم ممن اعتدى عليهم.   شهدنا كما شهد غيرنا من بلاد العرب اعتصامات كثيرة منها ما طالب بتحسين مستوى معيشة وزيادة في الأجور ومنها ما طالب بأشياء ذهبت أبعد من لقمة العيش والوظيفة بكثير حينما طالبوا بدساتير وتعديل في بعض القوانين ومنهم من طالب بمحاكمات من أطلقوا عليهم رموزا للفساد. تفرق شمل أغلب المعتصمين عقب فورة الغضب فأذهبت رياح الاصلاحات بعضا منها، في حين بقي الآخرون في خيامهم التي لم تزعزعها أو تقتلعها رياح المطالبات لهم بفك اعتصاماتهم أو ثنيهم عن مغادرة المكان. اللافت في الأمر أن الاختلاف في وجهات النظر بين المطالبين بكسر اللام والمطالبين بفتحها لا يعدو كونه نق

أحجار الجمعيات الاهلية

    رياح التغيير التي عصفت بالعالم العربي طالت الكثير من الأمور المسكوت عنها وحركت أحجارها الراكد من المياه وبدأت هذه المياه التي تأثرت بفعل هذا الحجر في التحرك والانسياب والجريان حتى وإن كان هذا الجريان صغيرا وقليلا إلا أن المتفائلين منا يفضلون السيلان البطيء عن عدم السيلان أصلا. كما هبت تلك الرياح على كثير من عواصمنا العربية وصلت إلينا محملة ببعض الأتربة والاغبرة التي نتمنى أن يصفو جونا منها قريبا لتعود سمائنا كما كانت وكما عرفناها دائما صافية يمكن الاستمتاع بجوها الجميل بعيدا عن حرارة رياح التغيير. هذه الرياح طالت فيما طالته مؤسسات المجتمع المدني وأعني بها هنا الجمعيات الأهلية، خصوصا جمعيات الثقافة والفن والإعلام التي يعلق عليها الكثير من منتسبيها آمالا عراضا في الارتقاء بالمشهد الثقافي والاجتماعي والاعلامي هنا في السلطنة. غير أن ما تنوقل من أخبار عن وجود بعض الشقاق والخلاف بين تلك الجمعيات ومنتسبيها من جهة وبين تلك الجمعيات ودورها في المجتمع من جهة اخرى يثير في النفس تساؤل هو هل استطاعت هذه الجمعيات تحقيق ما قامت من أجله؟ ولماذا خفت بريق الكثير منها بعد إشهارها؟ ولماذا هجر ا

مصادرة السمك

         قال مازن: البحر ينضح بناحيتنا فادع الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا , فقال عليه الصلاة و السلام :" اللهم وسع عليهم في ميرتهم و أكثر خيرهم من بحرهم"                                                    من دعاء الرسول عليه السلام لأهل عمان. لست من أهل البحر حتى أعرف المعاناة التي يعانيها أهله لتوفير لقمة العيش أولا لأولاده وثانيا لنا نحن الجالسون في بيوتنا ننتظر وجبة الغداء الدسمة من الكنعد أو الجيذر أو غيرها من الأسماك التي تسبح في بحارنا، ولكنني سأروي لكم تجربتي الشخصية بعد أن قادتني الظروف في يوم ما إلى إحدى الجرافات المبحرة في بحر العرب. مالكها من إحدى الجنسيات الآسيوية ويعمل تحت تصريح من شركة الأسماك العمانية، يقول هذا المالك: بدأت حياتي في عمان منذ العام 1980 عندما كنت أعمل كابتين لهذه السفينة إلى أن امتلكتها اليوم وأصبح لدي تسع غيرها كلها لديها تصريح للصيد البحري والتصدير للخارج. منظر هذه الجرافة أو كما يسميها البعض "الجاروف" مهيب فعلا فهي تسبح في عرض البحر ولا يمكن مقارنتها بباقي السفن التقليدية أو القوارب فهي الحوت الأزرق في البحر لا يضاهيها أي شي