التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" الزمن" غيت





     
      شخصيا ارتبطت كلمة " غيت" بالفضيحة الشهيرة التي تفجرت في الولايات المتحدة الامريكية في العام 1972 عندما قام أحد الصحفيين في صحيفة الواشنطن بوست بكشف تورط الحزب الجمهوري في عهد الرئيس نيكسون بالتجسس على مكاتب الحزب المنافس له. اسميت هذه الفضيحة بفضيحة ووترجيت نسبة الى المبنى الذي شهد عمليات التجسس.


توالى بعد ذلك استخدام مصطلح " غيت" في وسائل الاعلام التي بدأت في وصف أي فضيحة أو قضية تثير الرأي العام وتطلق عليها هذا الاسم مثل قضايا عدة لعل أشهرها ايران غيت ومؤخرا فضيحة مردوخ غيت.


قد لا يكون من الانصاف اطلاق اسم " الزمن " غيت على القضية التي تشغل بال الشارع العماني هذه الايام، ولكنني استعير هذا الاسم فقط للدلالة على انها من أهم القضايا التي تحدث معنا في السلطنة التي لم تعتد على هذا النوع من القضايا باعتبار أن المجتمع وأهله مسالمون ولا أحد في المجتمع يمكنه أن يقاضي أو يحاكم الحكومة ومؤسساتها بما في ذلك وسائل الاعلام التي لم تعتد بعد على لهجة الوقوف في وجه الحكومة وفضح بعض الممارسات الخاطئة بها.


الحكم الاولى لهذه القضية صدر بسجن رئيس تحرير هذه الجريدة ومسؤول تحريرها 5 أشهر ، كذلك سجن الموظف بتلك الوزارة لنفس المدة، مع غلق الجريدة مدة شهر، بعد أن ادانت المحكمة الابتدائية المتهمين جميعا بالافتراء وإهانة كرامة موظفين أثناء ممارستهما عملهما ، وتنظر محكمة الاستئناف في هذه القضية ويمكن أن تصدر قرارها بتأييد الحكم أونفيه أو تخفيفه.


منذ النطق بالحكم الاولى في هذه القضية حدثت بعض الامور والتغييرات التي يمكن أن تميل الكفة لصالح الوزارة رافعة القضية أو الجريدة المرفوع ضدها القضية ومن هذه الامور المرسوم السلطاني الصادر في التاسع من هذا الشهر بتعديل بعض أحكام المطبوعات والنشر والذي نص على انه "يحظر نشر كل ما من شأنه المساس بسلامة الدولة أو أمنها الداخلي أو الخارجي , وكل ما يتعلق بالأجهزة العسكرية والأمنية وأنظمتها ولوائحها الداخلية .. الخ". وبالاضافة الى هذا المرسوم فقد صدر مرسوم آخر بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء العماني، بالاضافة الى أن طرفا من أطراف هذه القضية لم يعد على رأس عمله بعد أن تم تعيين وكيل وزارة العدل في منصب عضو بمجلس الدولة.


أيا ما يكن من أمر هذه المحكمة والحكم الذي ستصدره فانه حتما سيكون حكما يبرهن على أن القضاء في عمان لا بد وأن يكون نزيها وانه يحكم باسم الله الرحمن الرحيم ويحكم باسم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان هذه البلاد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع