التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إعلام الفــرد


      
   هذا المصطلح بدأ تداوله على نطاق واسع عقب استفحال الثورة المعلوماتية وغزوها للحياة الشخصية للأفراد والمجتمعات. ووسائل الإعلام حالها حال الآخرين استفادت من هذه الثورة وبدأت في ابتكار مصطلح " المواطن الصحفي" وأفردت له مساحات كبيرة من خلال إتاحة الفرصة له للتعبير عن رأيه بالكلمة والصورة. إلا أن هذا التزاوج بين المواطن الصحفي ووسائل الإعلام لم يدم طويلا بسبب اتساع رقعة الشقاق والخلاف بينهما فالأولى التي يهيمن عليها القرار الحكومي أو جهة أخرى غيرها في صياغة وتحرير الأخبار ونشر ما لا يتعارض مع سياسات الحكومة لم ترتض ما يكتبه المواطن من أخبار وتعليقات ومقالات فحرمته من المشاركة معها واستفردت بنفسها بنشر ما لا يتعارض مع سياستها. في الوقت ذاته عارض المواطن الصحفي هذا الإجراء فبدأ بنفسه في البحث عن وسائل إعلامية أخرى لا تسأله عما يكتب ويكون هو بنفسه محررا وكاتبا وناشرا ومن هنا ظهر مصطلح " إعلام الفرد" ليكون مصطلحا أعم وأشمل من المصطلح السابق الذي ربط المواطن بالصحافة.


عندما بدأت الانترنيت تغزو المدن وتلاها الهاتف المحمول ليكمل الحلقة أصبح الفرد اليوم إعلاميا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بل وصارت الكثير من وسائل الإعلام تستعين بالفرد لإمدادها بالمواد الإعلامية التي تستعين بها على النشر والسبق الصحفي وباتت مصادر وسائل الإعلام اليوم معتمدة على الفرد في الحصول على المعلومة والخبر، وبدأت معادلة وسائل الإعلام التقليدية والفرد في الميل لصالح الفرد بعد أن كانت لسنوات طوال تميل لصالح الوسيلة الإعلامية وبات الفرد هو من يختار لأية وسيلة إعلامية يعطي أخباره وتفرده في نشر الأخبار .


ووصل الأمر إلى أبعد من ذلك من وثوق الكثير من المؤسسات في إعلام الفرد أكثر من وسائل الإعلام التقليدية وأصبحت تلك المؤسسات تعطي الأولوية في نشرها أخبارها للأفراد قبل أن توزع تلكم الأخبار على وسائل الإعلام التقليدية ربما لجس نبض الشارع والمتلقي قبل نشرها في الوسائل الرسمية وربما أيضا لضمان الانتشار الواسع والسريع لتلكم الأخبار.


إنها الانترنيت التي قلبت موازين هذه المعادلة ورجحت الفرد على الوسيلة وبات إعلام الفرد اليوم هو الإعلام الأسرع والمحقق للسبق الإعلامي وهو الوسيلة الأرخص كلفة والأسهل في الحصول عليه وربما يضاف سبب آخر هو المصداقية التي اعتبرها البعض عاملا مهما في إعلام الفرد لا يتوافر في الإعلام التقليدي لا سيما ذلك النوع من الإعلام المسيس والناطق باسم جهة ما ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع