التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2017

دردشة وكلام فارغ

تقرأ عن القيمة السوقية لبرنامج محادثة صغير يحتل مساحة صغيرة من ذاكرة هاتفك لكنه يحتلك أنت بكامل قواك العقلية فتجدها تفوق ميزانية دولة كبرى يربو تعداد شعبها على المليون نسمة ومواردها تتعدد بين الذهب الأسود والأبيض والأحمر وقس عليها كل الألوان الطبيعية والصناعية فتنبهر بالأرقام الخرافية والفلكية التي يقوم عليها هذا البرنامج الذي لا يوفر سوى دردشة وكلام فارغ بلغتنا العربية الدارجة ومساحة معقولة من الترفيه والتسلية وقليلا من التجارة والاستثمار وتسلم أخيرا في نهاية حملقتك في الأرقام بأن هذا النوع من الاستثمار هو أفضل أنواع الاستثمارات التي مرت على البشرية على الإطلاق وغيرها من الاستثمارات ما هي إلا ملاليم بسيطة. برامج الدردشة واللعب والكلام الفاضي هي برامج الاستثمار اليوم وهي السائدة والرائجة والرابحة في عالم اليوم فمن أراد التجارة الرابحة فعليه بها ومن أراد الضفر بالدنيا وملايينها فعليه بها، فكرة صغيرة بسيطة لا تكلف صاحبها سوى بضعة ريالات أو بلغة البزنس بضعة دولارات خضراء ومكان صغير قد لا يزيد عن غرفة صغيرة في قبو مهجور تبدأ فيه مشروعك المليوني بنقرة زر صغيرة وبمجموعة أصغر من زملائك ينش

دين الحب - قراءة في رواية موت صغير

كنت قد سمعت به لكنني لم أقرأ « قندسه» التي حصل فيها على جائزة معهد العالم العربي بباريس بترجمتها الفرنسية؛ ولا قرأت سقف الكفاية ولا صوفيا ولا حتى طوَّق الطهارة؛ غير أن اسمه كان يتردد صاخبا في أروقة البوكر بأنه الروائي المنتظر للفوز بها هذا العام فقبلها كانت « القندس» قاب قوسين من الفوز بها حيث وصلت الى القائمة القصيرة في عام 2013. في معرض الكتاب الأخير اقنعني « الساقي» بأن « موت صغير» هي أفضل ما كتب من روايات لهذا العام وربما هي أفضل ما كتب عن التصوف الاسلامي فهي تتبع خطى الشيخ الأكبر وسلطان العارفين محيي الدين بن عربي منذ ولادته في الأندلس في منتصف القرن السادس الهجري وحتى وفاته في دمشق، قلبت بين يدي بضعا من صفحاتها التي تقارب الستمائة صفحة وبنظرة خاطفة شدتني اللغة والأسلوب اللتان كتبا بهما الرواية. بعد اعلان محمد حسن علوان فائزا بالبوكر عن روايته «موت صغير» أخرجت الكتاب من خزانته وعزمت على قراءته لمعرفة تفاصيل حياة أكثر المتصوفين شغلا لحياة الناس ليس لأفكاره التي خالف فيها من عاصروه وانما ايضا لترحاله في كثير من بلاد الله في سبيل بحثه عن العلم والمعرفة وايضا كما يسرد علوان في ال

باعة متجولون

صيف حار وشمس صاهدة بلا شك ولكنها لقمة العيش، كما يقول من وقف على قدميه طيلة نهاره أمام ناصية شارع يبيع خضارا أو فاكهة، يشوي لحما أو يبيع سمكا، يقلي ذرة صفراء أو يتاجر في خرداوات جمعها من هنا وهناك، هذا هو حاله وديدنه منذ أن تطلع شمسه وحتى قبل أو بعد أن تغرب، يأتي شخص ويذهب غيره والحال كما هو، مكان تعارف عليه العامة من الناس بأنه مكان بيع اقتطع من أرض هي ربما ملك لشخص أو جهة ولكنها توفر ملجأ ولقمة عيش كريمة لصاحبها وتوفر في ذات الوقت ثمنا أزهد لمشترٍ عجز عن ابتياع متاعه من باعة لا يرحمون. هذا هو مشهد الباعة المتجولين والمشترين المتجولين، كلهم مخالفون للقانون والنظام، فلا الباعة ملتزمون بقواعد البيع والشراء والصحة والنظافة، ولا المشترين أيضا ملتزمون بقواعد الصحة والسلامة التي تكون على المحك عند شرائهم لمنتجات لم تخضع لفحوص أو إشراف من قبل جهات الإشراف، ولكن لن يتوقف الباعة وأيضا لن يتوقف المشترون فكل منهم له مصلحة كبرى في الكسب من الآخر وفي ذات الوقت لن تتوقف الجهات المناط بها الإشراف على هؤلاء عن مخالفتهم لارتكابهم جرم العمل بدون تصريح ومنافستهم للباعة الحقيقيين ممن يذهب نصف دخلهم عل

حوكمة الحكومة

النتائج المالية لبعض الشركات التي قامت الحكومة بإنشائها أو الاستثمار فيها تشير الى تحقيق خسائر وهذه الخسائر لا زالت تتوالى عاما بعد عام ولا يبدو أن بوارق أمل سوف تلوح لتعديل مسار هذه الشركات ونقلها من خانة المؤشر الأحمر السالب إلى خانة المؤشر الأزرق الصاعد إلا كما يقول المختصون بالاقتصاد والعارفون به أن تطبيق بعض الإجراءات والتي من شأنها أن تضمن عدم إهدار المال العام يمكن أن تعافي بعضا من بدن هذه الشركات التي أنهكتها أمراض البيروقراطية والمحسوبية وضعف الإدارة وقلة الإنتاجية وعدم المساءلة الإدارية والمالية وبتعبير آخر تطبيق مبادئ الحوكمة على هذه الشركات لضمان وجود شفافية ووضوح في طريقة عمل وإدارة تلك الشركات. تعرف الحوكمة بأنها «مجموعة النظم التي يتم من خلالها إدارة الشركات والتحكم في أعمالها بهدف تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف الشركة»، ولو تعمقنا قليلا في تفسيرات ومعاني الحوكمة لوجدنا أنها تذهب بعيدا الى أدق التفاصيل في المؤسسات والشركات كالعلاقة بين مجلس الإدارة وحملة الأسهم والمواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس التنفيذي

تغيير السلوك

الأسبوع الفائت التقيت زميل مهنة تقاعد منها بعد أن أمضى فيها أكثر من عشرين عامًا؛ كان طوال فترة عمله لا يمر عليه يوم أو يومان إلا واسمه متصدر صفحات صحيفته التي كان شاهدًا على ميلادها وتطورها؛ سألته: متى سنرى كتابك الذي وعدت به في آخر يوم رأيناك فيه وكنت متحمسًا كثيرًا لإصداره وإصدار عشرة غيره؟ لم يجد جوابا، لكنه أسر لي بأن الحياة أخذته إلى بحر آخر غير بحر الكتابة، وأن هواء الكسل حمله بعيدا عن هواء الكتابة. كلنا مثل هذا الزميل فهو ليس وحده ممن أخذته بحور الكسل، والتبلد، فما نقوم به من نشر وقراءة وكتابة، وتدوين إنما نرجع مرده إلى الوظيفة التي نقوم بها التي فرضت علينا القيام بذلك فبدونها ربما لن ننشر، وبدونها لن نقرأ، وبدونها لن نكتب، وبدونها لن يصبح هنالك قراء لنا ولغيرنا؛ وقد يكون ما هو لزام، وجبر علينا فعله هو ما يدفعنا دفعا إلى هذا الإنجاز اليومي، وليست الهمة العالية أو السعي نحو تحقيق النجاح، والشهرة، والمجد هي ما يدفعنا إلى ذلك. البشر عمومًا لا يحبون الالتزام بشيء ما لم يجبروا عليه؛ فالنفس البشرية مركبة ومجبولة على عدم الالتزام بنمط حياة معين تداوم عليه لفترات طويلة ما لم يجبرها

حوار بين حداثي وتقليدي

لم تعد الحياة كما كانت عليها من قبل فكل ما فيها تحول وتبدل وترقم وتحدث، صار حداثيو الحياة المتطورة يطلقون على كل ما هو قديم مصطلح «تقليدي» ويوازيه في ذلك مصطلح آخر ابتكروه هم ذواتهم فأسموه « بالحديث» للدلالة على أن كل ما لا يتفق مع أهوائهم هو تقليدي وما يتواءم معها هو حديث أو حداثي أيا كانت حداثة ذلك الشيء سواء أعاد بالنفع على البشرية أم ساهم في تكريس تخلفها وتراجعها أم ساهم في الإجهاز والقضاء على بعض من مبادئها وقيمها وأخلاقها. أكتب هذا الكلام بعد جدل طويل دارت رحاه بيني وبين آخر وسمني بالتقليدي والحمد لله أنه لم يسمني بـ «الرجعي» ووسم نفسه بالحداثي المتطور المنفتح على العالم وشؤونه وشجونه، دارت بيننا بعض الحوارات الساخنة على أرض الواقع أي وجها لوجه وهذا ما اعتبرته بداية تقدم عليه حيث إن المناظرة بيننا لم تجر بطرق حديثة وباستخدام وسائط وتقنيات حديثة فكان هذا أول نصر مؤزر لي. هو رآني وأمثالي من التقليديين بأننا لا نزال من ألد أعداء الطبيعة والمحاربين لها بإصرارنا على استخدام الورق ومنتجاته في القراءة والكتابة، في حين أن الحداثة التقنية التي يتبع هو مذهبها ساهمت في حفظ التنوع البيئ

معادلة التوظيف والهجرة

لم استطع فهم هذه المعادلة، وإن كان منكم من يستطيع إفهامي إياها أو إقناعي بها فكل آذاني له صاغية، تقول هذه المعادلة إن أرقام الباحثين عن عمل من الشباب كل يوم في ازدياد حتى وصل عددهم إلى ما يزيد كثيرا عن الاثنين والأربعين ألف باحث حسب إحصائية نشرت العام الفائت، في حين أن طرف المعادلة الأخرى والتي هي معادلة الهجرة الوافدة إلى هذا البلد هي أيضًا في ازدياد وارتفاع حتى بلغ مجموع أعداد الوافدين القادمين إلى العمل في السلطنة إلى مليونين وثلاثمائة وثمانين ألف نسمة وهذه النسبة والرقم هما في ارتفاع شبه يومي مع ازدياد تدفق هذه القوى العاملة إلى البلاد. المعادلة الصحيحة وكما أفهمها بفهمي البسيط -فأنا لست من الاقتصاديين ولا من أصحاب الأعمال- تقول إنه إذا قلّت فرص الحصول على الأعمال في أي بلد فإن المتضرر من ذلك يكون أبناء البلد وغيرهم ولن يفكر وافد في الهجرة إلى بلد أهلها باحثون عن عمل، ولكن في حالتنا هذه فإن المعادلة مقلوبة مواطن يبحث عن عمل ووافد يحصل عليه بسهولة! كيف ذلك؟ سألت بعض العارفين والعامة ممن يعرفون وممن لا يعرفون معنى الاقتصاد والاستثمار عن إجابة لمعادلتي فلم يسعفني شخص بجواب شاف وكأن

دين الحب - قراءة في رواية موت صغير

  كنت قد سمعت به لكنني لم أقرأ « قندسه» التي حصل فيها على جائزة معهد العالم العربي بباريس بترجمتها الفرنسية؛ ولا قرأت سقف الكفاية ولا صوفيا ولا حتى طوَّق الطهارة؛ غير أن اسمه كان يتردد صاخبا في أروقة البوكر بأنه الروائي المنتظر للفوز بها هذا العام فقبلها كانت « القندس» قاب قوسين من الفوز بها حيث وصلت الى القائمة القصيرة في عام 2013. في معرض الكتاب الأخير اقنعني « الساقي» بأن « موت صغير» هي أفضل ما كتب من روايات لهذا العام وربما هي أفضل ما كتب عن التصوف الاسلامي فهي تتبع خطى الشيخ الأكبر وسلطان العارفين محيي الدين بن عربي منذ ولادته في الأندلس في منتصف القرن السادس الهجري وحتى وفاته في دمشق، قلبت بين يدي بضعا من صفحاتها التي تقارب الستمائة صفحة وبنظرة خاطفة شدتني اللغة والأسلوب اللتان كتبا بهما الرواية. بعد اعلان محمد حسن علوان فائزا بالبوكر عن روايته «موت صغير» أخرجت الكتاب من خزانته وعزمت على قراءته لمعرفة تفاصيل حياة أكثر المتصوفين شغلا لحياة الناس ليس لأفكاره التي خالف فيها من عاصروه وانما ايضا لترحاله في كثير من بلاد الله في سبيل بحثه عن العلم والمعرفة وايضا كما يسرد علوان في

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع

الصحافة: ليست التي اعراف

  و كأنني فوق قمة جبل أنظر خلفي لأرى سنوات الشباب التي لن أتشاءم وأقول بأنها ضاعت في دراسة تخصص لم تعد قواعده ولا أسسه وأركانه تطبق، فكلها كما قالت مارجريت ميتشيل في روايتها بأنها «ذهبت مع الريح»، ولا عزاء في هذا سوى للمشتغلين الممتهنين لهذه الصنعة التي تركوها بإرادة منهم لمن لا صنعة له ممن صار يتسلق ويتملق، ينافق ويحابي، يكذب ، فاختلط على البعض حابل هذه المهنة بنابلها، غثها بسمينها إلا على الحصيف الذي آتاه الله عقلًا راجحًا وعينًا بصيرة تمكنه من معرفة الأصل والفرع. صحافة اليوم هي ليست الصحافة التي أعرفها ونشأت وتربيت عليها ودرست مناهجها ونظرياتها وأسسها وأخلاقياتها منذ أول سنة لي في الجامعة، هي ليست التي قيل لي عنها بأنها السلطة الرابعة أو صاحبة الجلالة، وليست هي مهنة المتاعب التي لا يرتاح أو يهدأ ممتهنها حتى يصل إلى الحقيقة ليبدأ في البحث عن حقيقة أخرى، هي ليست التي أقالت رئيسا من منصبه وكشفت فساد أنظمة، وعزلت مسؤولين عن مناصبهم. هذه الصحافة التي حسبتني أعرفها تحولت اليوم إلى مسخ حقيقي بشع المنظر كريه الرائحة لا يمت إلى الإنسانية بصلة وصار طفيليوها يوجهون دفتها إلى الهاوية التي ل

إيران: سفر عبر التاريخ والحضارة

  خيوط الفجر تتسلل إلى هذه البقعة من الأرض، نسمات باردة تهب من أقصى الشمال حيث بقايا ثلوج شتوية بدأت بالذوبان من أعلى قمم جبال البرز، وسيارتنا تشق طريقها الطويل من مطار الخميني الدولي إلى وجهتنا في فندق يتربع على زاوية في قلب العاصمة طهران قال لنا مرشدنا محسن سالم الذي يتقن العربية تماما إنه بني قبل حوالي أربعين عامًا، ويجاوره أكبر حديقة تتوسط العاصمة تحمل ذات الاسم. من نافذة غرفتي أطلت النظر إلى برج ميلاد، وهو يعانق السحب بطوله الفارع ويناطح بقامته العالية تلك الجبال المكسوة بياضًا والتي لطالما حرست العاصمة الثانية والثلاثين لإيران بعد أن قرر الملك القاجاري آغا محمد خان نقل العاصمة من شيراز إلى طهران في عام 1795. طهران أو كما تلفظ بالفارسية تهران وتعني بذات اللغة الأرض المنبسطة التي تتموضع على سفوح جبال البرز العملاقة، مدينة مكتظة بكل شيء بالبشر والعمران والتاريخ. سكانها يصل عددهم إلى عشرين مليون نسمة من أصل ثمانين مليونا يتوزعون على باقي مدن ومحافظات البلاد، مدينة لا تعرف الهدوء والراحة حتى في منتصف الليل وساعات الصباح الأولى هي مزدحمة ومكتظة ومرجع ذلك يعود إلى تمركز الكثير م

حلوى و متاي

عرفت البحرين حتى قبل أن أعرف مسقط، الآيبون من غربتهم في قريتنا أطلقوا اسم البحرين على السكة التي نسكنها في حارتنا القديمة فصارت البحرين بمثابة البيت والحضن الذي نأوي إليه كل يوم، كبرت وعرفت أن البحرين شقيقة لنا وأن من رحلوا إليها لطلب الرزق من الأوائل عادوا محملين بكثير من الذكريات الجميلة فأصروا على تخليد ذكرياتهم في حارتهم، وعرفت أيضا أن البحرين ما هي إلا اسم اشتق من نضوح البحر المالح في نواحيها الأربع وأن اليابسة والماء يطفوان على بحر من المياه العذبة. عرفت أيضا أن تاريخ البحرين أقدم من تاريخ حارتنا بسنين مديدة، فدلمون القديمة أشارت إليها نصوص سومرية تعود إلى نهاية الألفية الرابعة قبل الميلاد واصفة إياها بأنها «مركز تجاري مزدهر وحيوي بالنسبة للاقتصاد السومري»، مثل النص السومري القديم الذي كتب قبالة بئر «إنكي» داخل قلعة البحرين يتحدث عن أن هذا البئر هو هبة الماء إلى أرض دلمون.. دع الشمس تأتي بالمياه العذبة من الأرض. دع دلمون تشرب المياه الوفيرة. دع ينابيعها تصبح ينابيع المياه العذبة. دلمون، تايلوس، أرادوس، أوال كلها أسماء تسمت بها البحرين قديما ولا يزال بعض من هذه الأسماء م

نأكل ما لا نزرع

 أتساءل كثيرا كيف وصلت أرقام الأيدي العاملة الوافدة في هذه البلاد إلى أرقام قاربت أعداد السكان الأصلية وستفوقها عددًا خلال السنوات القليلة القادمة فنحن لا نعد أو نصنف من الدول الصناعية التي هي بحاجة إلى عمالة لتسيير مصانعها، ولا نصنف أيضا بأننا من الدول التجارية التي هي بحاجة إلى تسيير تجارتها عن طريق استقدام الأيدي العاملة إضافية، ولسنا من الدول الزراعية التي يعتمد اقتصادها على ما يزرع في أرضها ويستهلك داخل أو خارج أرضها فنحن لا زلنا وكما قال جبران خليل جبران بأننا «نلبس مما لا ننسج، ونأكل مما لا نزرع، ونشرب مما لا نعصر» وإذا كنا كذلك فيبقى السؤال أين تتركز هذه الأيدي العاملة، وماذا تفعل وما الذي نقوم به نحن وما الذي تقوم به هذه الأيدي العاملة التي استوردناها؟ . إحصاءات رسمية حاولت إيجاد إجابات لتلك التساؤلات موضحة أن معظم هذه الأيدي العاملة هي من الأيدي العاملة غير الماهرة التي لا تحمل مؤهلات دراسية عالية أي أن مؤهلاتها الدراسة لا تتجاوز الإعدادية العامة وبعضها ليس لديه حتى إلمام بالقراءة والكتابة في حين أن الأيدي العاملة الماهرة لا تتجاوز نسبتها العشرة في المائة من مجمل الأيد

وادي الحريم

اسمها غريب ومن غرابته تحاول ألا يقع عقلك في المنطقة الم حرمة من التفكير في محاولة منك لإيجاد تفسير منطقي لتسميتها؛ حتى من زفر فيها أول أنفاسه لم يفلح في إيجاد تفسير مقنع لتسمية أجداده الأوائل لها. وادي الحريم؛ يتندر أهلها بأنها مكان يزيد فيه عدد الحريم عن عدد الرجال بسبب حروب قد نشبت في الماضي بين القبائل القاطنة على ضفتيه ولكن قد تتبدى الحرمة هنا في أن النتائج الأليمة لتلك الحروب حتمت على أهلها تحريم الحرب على قبائلها أو قد يعزو بعض سكان الوادي سبب هذه التسمية كون أن الوادي له إحرامات وأن أحجاره البيضاء الصلدة ينبغي لها أن تبقى بعيدة عن أراضي الوادي الخصبة التي تنبت فيها فواكه الجنة التفاح والرمان. دعوة تطلب الوفاء بها عاما كاملا؛ مضيفنا لم يعد بكثير من المفاجآت في واديه لكن جمال الاسم وقوة وقعه على القلب جعلنا نقبل ضيافته من دون تردد؛ شددنا الرحال الى تلك القرية النائمة بين أحضان جبال تطوقها من اليمين والشمال لتبقيها هائنة هادئة وادعة لا يكدر صفوها ضجيج ولا تلوث فقط هنالك الصمت والسكون اللذان يطبقان على المكان باستثناء بعض أصوات آتية من أعلى الجبل لثغاء شياه أو رغاء ناقة تبحث عن و