التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٦

يوم واحد فقط

         سليم يعمل حلاقا في محل للحلاقة في أحد أحياء العاصمة مسقط، يومه يبدأ من الصباح الباكر وينتهي عند منتصف الليل لا يقطعه إلا باستراحة تمتد إلى ثلاث ساعات هي وقت غداء وقيلولة بالنسبة له، يعمل سبعة أيام في الأسبوع بدون توقف، عمله يتطلب منه الوقوف منتصبا في كل مرة يسلمه زبون رأسه أو ورقبته ليحلقها. دخلت معه في حديث ودي للتسلية بدل الصمت المطبق على كلينا، فكانت فاتحة الحديث عن عمله وزبائنه وعن إجازتي التي قضيتها مستمتعا مع الأهل والأصدقاء في أجواء المطر الجميل خلال إجازة نهاية الأسبوع، فإذا بتنهيدة تصدر من أعماق صدره يتبعها بحسرة من أنه لا يمكنه ولا حتى لنصف يوم من أخذ إجازة فهو يعمل سبعة أيام في الأسبوع طوال العام باستثناء يومين في العام هما أيام أعياد المسلمين، وعند سؤاله عن السبب الذي يمنعه من أخذ إجازاته قال إن المسؤول عنهم في المحل لا يسمح لهم أبدا بأخذ أيام إجازة وكان هذا شرطا لقبول الوظيفة وقد يكون سببا لفقدانها إن هو طالب بيوم راحة يريح فيها بدنه من عناء التعب والإرهاق الشديد الذي يكابده من وقوفه اليوم أمام رؤوس الناس وذقونهم. لا يقتصر إلغاء الإجازة الأسبوعية وإجازات الراحة

عام الخروف

ثلاثة أيام وتنقلب الصفحة إلى صفحة جديدة، إلى عام جديد، إلى ميلاد جديد، إلى رقم جديد يضاف إلى أرقام سابقة شهدتها الإنسانية من قبلنا وستشهدها من بعدنا، يسطر فيها المنتصرون إنجازاتهم ويندب فيها الخاسرون خيباتهم وأوجاعهم، يضحك فيها البعض ويبكي فيها الآخر بحرقة الدم والدمع. عام انقضى بكل أفراحه وأتراحه، بكل حروبه ودماره، بكل مؤامراته ومكائده، وبكل أوجاعه وأسقامه، ولعل أصدق وأدق وصف لهذا العام هو ما أطلقه الصينيون على سنتهم هذه من تسميتها بسنة الخروف والتي يعتقد الصينيون بأنها سنة فأل سيء وتجلب لهم سوء الحظ. يعتبر الصينيون أن الخروف يتمتع بحظ سيء بين أقرانه الحيوانات الإثني عشر التي تتكون منها السنة الصينية والتي تبدأ في شهر فبراير وتمتد حتى اثنتي عشرة سنة لتبدأ بعدها سنة جديدة، وكل عام صيني يحمل اسم حيوان حيث يبدأها الفأر بالعام الأول يليه الثور فالنمر فالأرنب والتنين والثعبان والحصان ثم العام السابع الذي هو عامنا عام الخروف يأتي بعده عام القرد ثم الديك فالكلب وتنتهي بعام الخنزير. وبحسب المعتقد الصيني فإن من يولد في عام الخروف فإنه سيكون مفتقرًا إلى الشدة والحزم، ويسهل انق

درس خصوصي

« مدرس رياضيات خبرة 20 سنة في تدريس المادة لجميع المستويات، للتواصل …» مررت على هذا الاعلان ملصوقا على عمود إنارة، ورأيته ثانية ملصوقا على واجهة محل للحلاقة قريب من مدرسة ثانوية، ووصلني مرة برسالة نصية في احدى المجموعات لأجدني محاصرا بصاحب هذا الرقم الذي أخبرني بعد اتصالي به من أن درسا خصوصيا لمدة ساعة يمكن أن يكلفني عشرين ريالا للمرة الواحدة، فحاولت أن أجادله بلغة الأرقام التي هو خبير بها فأجابني أن ليس لديه كثير وقت ليضيعه في ثرثرة لا طائل منها وإن قبلت برقم ساعته فعلي معاودة اتصالي به. في السابق كنا نسمع عن مدرس خصوصي يعطي دروسه في الخفاء بعيدا عن الأضواء، واليوم المدرس ذاته يعلق اعلانه في عمود إنارة ليرى الناس كلهم خدماته الجليلة التي يقدمها للمجتمع وأبنائه، وبالأمس يوم كنا صغارا نعيب على من يأخذ درسا خاصا ونعتبره من قليلي الفهم، واليوم صرنا بأنفسنا نبحث لأبنائنا عمن يعينهم على فهم ما لم يفهموه في حصص المدرسة وكأن المناهج قد تغيرت أو أن علوما أخرى قد أدخلت وزيدت عليها. ما أعرفه أن الوزارة المعنية بأمر التعليم قد صنفت هذا النوع من الدروس بأنه تجارة مستترة يجب أن يح

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

أئمة جوجل

                                 جوجل متهم بالارهاب وتم ادراجه في خانة الجماعات المتطرفة التي تحرض وتدعو الى العنف والتطرف والتشدد وربما قريبا ستبدأ بعض الدول في تطبيق قوانين مكافحة الارهاب عليه وقد يصل الى الامر الى حجبه إن اقتضت الحاجة الى ذلك. أول من بدأ باستخدام مصطلح "إمام جوجل" أو " أئمة جوجل" هم الفرنسيون، فعقب التفجيرات الاخيرة التي حدثت في باريس وتبنت جماعة متطرفة مسؤوليتها عنها، اتهم وزير العمل والصحة الفرنسي السابق كزافيي بيرتران، جوجل بالوقوف وراء حالات التطرف الحاصلة في بلاده مطالبا اياها باتخاذ اجراءات صارمة لمكافحة إرهابها الالكتروني الذي كما قال الوزير السابق بأنه يسهم في تكوين شباب متطرف، بدورها جوجل دافعت عن نفسها قائلة بأنها تبذل جهدا كبيرا في مراقبة ما يبث من محتوى على مواقعها المختلفة ولكنها لا تستطيع مطلقا التحكم في كم المعلومات التي تتدفق بشدة على مواقع الانترنيت. جوجل وغيره من المواقع الالكترونية سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو سمها ما شئت أضحت منابر يستخدمها الكل في التعبير عن رأيه وكتابة وتصوير ونشر كل ما يحلو له من دون رقيب أو

ما بين مليسا و زيكا

يقال والعهدة على الرواي: إن أول فيروس أصاب الإنسان كان في العصر الحجري الحديث عندما تسببت طماطة زرعها فلاح حجري في انتقال العدوى إليه، ويقول الراوي ذاته: إن علماء المصريات- وهم العلماء المختصون بدراسة تاريخ مصر القديمة- اكتشفوا أن مومياء رمسيس الخامس المتوفى قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام قد ظهرت عليها علامات إصابته بفيروس الجدري مما أدى إلى وفاته وهو صغير في السن في الثلاثينات من عمره بسبب ذلك الفيروس، وقد دللت آثار طفح جلدي وبثور صغيرة بارزة على رقبته وصدره ووجهه على أصابته بذلك الفيروس الخطير. رحم الله أجدادنا الفراعنة ومن قبلهم ومن بعدهم ومن سيأتي منهم مستقبلا ممن فتكت وستفتك بهم الفيروسات التي لا يزول أثرها حتى بعد إجهازها على ضحيتها، فهي تتبدل وتتغير في أوصافها وأشكالها وألوانها وآثارها ونتائجها فمرة تأتيك من النبات ومرة من الحيوان ومرة من الطيور وأخرى تأتيك من الإنسان وغيرها يأتيك من الطبيعة والجو المحيط حيث تتعدد الاسباب والانفلونزا واحدة، ولا يمر علينا عام إلا ونسمع عن فيروس جديد بأعراض جديدة يبدأ بعدها العلماء في التفكير في اختيار اسم له يتناسب مع مواصفاته وأعر

يوميات صحفي مكتئب

من المحبط حقا أن تجد أن وظيفتك التي أفنيت فيها زهرة شبابك وتتكسب من ورائها لقمة عيشك وعيش أبنائك هي اليوم من المهن العشرة المهددة بالانقراض وأنك ستصير عما قريب مخلوقا مهددا بالانقراض وسيكون حالك حال الديناصور الذي تكالبت عليه مهالك الزمان والمكان فأصبح رميما في الأرض، ومما يدعو للكآبة والإحباط معا أن يصنفك مكتب العمل الأمريكي من ضمن فئات المهن الدنيا التي لا يوصى ولا ينصح بها لأنها من المهن التي لن يجد ممتهنها لقمة عيش يقتات ويقيت أولاده بها إن هو استمر وأصر على ممارستها رغما عن التحذيرات المتتالية للابتعاد عنها، تلك هي يا أعزائي مهنتي مهنة الصحافة التي وصفها الأقدمون بأنها السلطة الخامسة وصاحبة الجلالة ومرآة المجتمع تقارن اليوم بمهن الحطاب والطباخ وحراس السجون وسائقي سيارات الأجرة. ليس هذا ما أثار حفيظتي من كلام اعتدنا عليه نحن الصحفيين الورقيين من أفواه بعض أعدائنا القادمين إلينا من الشاشات المسطحة التي لا يعرف أصحابها الكثير عن العالم الحقيقي سوى تبشيرنا في كل شاردة وواردة بأن فترات بقائنا على هذا الكوكب معدودة وفرص بقائنا في مهنتنا هذه مفقودة، ولكن ما أثار حفيظتي ورفع عقيرت