التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أئمة جوجل


                                
جوجل متهم بالارهاب وتم ادراجه في خانة الجماعات المتطرفة التي تحرض وتدعو الى العنف والتطرف والتشدد وربما قريبا ستبدأ بعض الدول في تطبيق قوانين مكافحة الارهاب عليه وقد يصل الى الامر الى حجبه إن اقتضت الحاجة الى ذلك.
أول من بدأ باستخدام مصطلح "إمام جوجل" أو " أئمة جوجل" هم الفرنسيون، فعقب التفجيرات الاخيرة التي حدثت في باريس وتبنت جماعة متطرفة مسؤوليتها عنها، اتهم وزير العمل والصحة الفرنسي السابق كزافيي بيرتران، جوجل بالوقوف وراء حالات التطرف الحاصلة في بلاده مطالبا اياها باتخاذ اجراءات صارمة لمكافحة إرهابها الالكتروني الذي كما قال الوزير السابق بأنه يسهم في تكوين شباب متطرف، بدورها جوجل دافعت عن نفسها قائلة بأنها تبذل جهدا كبيرا في مراقبة ما يبث من محتوى على مواقعها المختلفة ولكنها لا تستطيع مطلقا التحكم في كم المعلومات التي تتدفق بشدة على مواقع الانترنيت.
جوجل وغيره من المواقع الالكترونية سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو سمها ما شئت أضحت منابر يستخدمها الكل في التعبير عن رأيه وكتابة وتصوير ونشر كل ما يحلو له من دون رقيب أو حسيب، ولم تتوان الجماعات التي تهدف الى نشر الفساد في الارض عن استخدام هذا المنبر كما استخدمت من قبله منابر عدة منها المنابر الاعلامية والصحفية ومنابر المساجد وقاعات الدروس التي باتت بالنسبة لتك الجماعات منابر تقليدية تساعدها في نشر دعوتها الى القتل والدمار والخراب في شرق الدنيا ومغربها.
منابر المساجد لا تزال الى اليوم هي المنبر المفضل لدى جماعات الاسلام المتشدد التي تستخدمها لجذب أتباعها وحشدهم في سبيل الخروج الى الدعوة والجهاد في سبيل الله ولقتال الكفار والمنافقين ولإعلاء كلمة الله في أرضه ولنشر راية الاسلام خفاقة ولتمتلىء الارض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا.
حضرت مرة درسا في مسجد اقيم بعد صلاة مكتوبة يتم فيه قراءة فتاوى وأحكام وأحاديث نبوية من كتاب يعود به التاريخ الى القرن السابع للهجرة، وعقب الانتهاء من الدرس والقراءة وجهت لي دعوة  للخروج "في سبيل الله" للتبليغ والدعوة ونشر الاسلام ولتجربة لذة وحلاوة الخروج في سبيل الله.
لم أستطع مقاومة إغراء هذا العرض خصوصا وان صاحب الدعوة حببني في الخروج وأغراني بكثير من الفضائل واللذائد التي لا يشعر بها إلا من جرب حلاوة الخروج مع " الاحباب" فاستدرجت صاحبي الجالس بجانبي لمعرفة من يقف وراء هذه الدعوات وأين يمكن أن يكون هذا الخروج ومن المستهدف بهذه الدعوة وغيرها من الاسئلة المتطفلة والحائرة التي تبحث عن إجابات من أرباب حملات الدعوة الاسلامية في مشارق الارض ومغاربها، فأجابني بأن الجماعة التي أمامي ما هي إلا جزء من جماعة صغيرة تتفرع الى الأكبر منها لتكبر حتى تصل الى النواة الحقيقية المؤسسة التي تدير وتخطط وتنظم وتشرف على مسائل كلها ذات صلة بالدعوة تبدأ من المسجد الصغير وتنتهي بالعالم الكبير الفسيح.
فهمت لاحقا أن أتباع هذه الدعوة كثر وهم لا ينشدون من ذلك إلا الاجر والثواب ونشر الدين وهم يبتغون فيما يفعلون الاجر من عند الله عز وجل.

منبر آخر من المنابر الدعوية التي تستخدمها هذه الجماعات هي المنابر الاعلامية والتي ولله الحمد قد كثرت هذه الايام بفضل التقنيات الهائلة المستخدمة في وسائل الاتصال الحديثة، فأينما وليت وجهك ستجد قناة تلفزيونية هنا تبث حديثا مطولا مع شيخ ذو عمة يكاد لا يفارق الشاشة الا للصلاة، وتقع على قناة أخرى يتناوب فيها " الاحباب" في القاء أحاديثهم التي ترغب الناس في الزهد والورع وتذكرهم بأيام المصطفى عليه السلام وحياته وحياة السلف الصالح وضرورة الاقتداء بهم، وقناة ثالثة مخصصة فقط للفتوى بها شيخ ذو عمة وعلى جبهته زبيبة يفتي كل من اتصل به حتى وان طلب منه تفسير حلم.
ترك هذه المنابر بدون رقابة يؤدي حتما الى نتائج لا تحمد عقباها، فمنابر الاعلام إن تركت بلا رقيب فسدت وأفسدت ومنابر المساجد إن لم تحدد أدورها نشرت الفساد في الارض ومنابر جوجل وأخواتها إن لم تراقب بعناية فتكت بالبشر والحجر.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع