التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2014

تداخل السلطات

          في الدولة الحديثة تقسم السلطات إلى ثلاث وهي السلطة التشريعية وهي التي تتبنى سن القوانين والتشريعات ويمثلها المجالس النيابية والتشريعية والبرلمانية، أما السلطة الثانية فهي السلطة التنفيذية وهي المسؤولة عن تنفيذ السياسات والتشريعات التي تسنها وتوافق عليها السلطة التشريعية ويمثل هذه السلطة الحكومة ومجلس الوزراء، أما السلطة   الثالثة والاخيرة فهي السلطة القضائية التي هي سلطة الفصل في النزاعات والخصومات وهي المسؤولة عن المحاكم وتطبيق القضاء في الدولة. بتطبيق هذه السلطات الثلاث على بلادنا نجدها كلها حاضرة، فلدينا سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية، ويمكن القول ولله الحمد بأننا في طريقنا إلى استكمال منظومة بناء الدولة العصرية الحديثة التي تتعاون فيها السلطات الثلاث لتحقيق المصلحة العليا للوطن. غير أن ما أثير مؤخرا من جدل حول قرار السلطة التنفيذية بتحديد بعض السلع لمراقبة اسعارها من الزيادة واغفال الاخرى بدون الرجوع إلى السلطة التشريعية لاقرارها، واستدراك الاخيرة ورفضها للقرار ومطالبته ـ في بيان رفع إلى المقام السامي ـ السلطة التنفيذية بالعدول عن قرارها وتأجيله لحين يتم اتخاذ بع

تحرير الهيئة قبل السوق

تحرير الهيئة قبل السوق       لن أخفي عليكم سعادتي بالسجال الدائر بين من أيد قرار مجلس الوزراء بتعديل قرار الهيئة العامة لحماية المستهلك بحظر رفع أسعار 23 سلعة فقط وترك باقي السلع بدون رقابة، وبين من عارضه وشجبه وندد به وطالب بإلغائه مستخدما في ذلك كل الوسائل الممكنة لرفع الصوت والمجاهرة بذلك. ذلك بأن هذا السجال أظهر بأننا في الطريق الصحيح باتجاه تأسيس الدولة أي جعلها دولة مؤسسات بمعنى أن الدولة تتحول إلى مؤسسة من المؤسسات تنفصل سلطتها عن شخص الحاكم وتكتسب هذه السلطة طابع قانوني لا شخصي. مما أثلج صدري في هذا السجال أن الناس لم تقف موقف المتفرج من هذا القرار باعتباره قرار سيادي صادر من مجلس له من السلطة التشريعية والرقابية ما يؤهله ليكون نافذا على الجميع ويجب أن ينفذ بدون نقاش أو جدال، فقد شهدت ساحات وسائل التواصل الاجتماعي كثيرا من الكتابات والتعليقات والنقاشات والرسومات، حتى وصل الأمر ببعض ذوي القانون والاختصاص لدراسة التظلم من هذا القرار ورفعه إلى الجهات القضائية للحكم والبت في قانونيته من عدمه باعتبار أن الهيئة ورئيسها هما المناط بهما إصدار القوانين والتشريعات. وهذا ما يعطي ب

هل أنت عماني ؟

هل أنت عماني ؟ عبدالله بن سالم الشعيلي. ashouily     نتهم نحن العمانيين بأننا شعب لا يقدر قيمة العمل، ولا يخلص ولا يتفانى فيه أيضا. أي بمعنى آخر نحن شعب نعتمد على الآخر كثيرا في انجاز كثير من أعمالنا ونكتفي بالمراقبة والإشراف عن بعد. سمعت هذه العبارة مؤخرا من أحد الأجانب المقيمين لفترة طويلة في هذا البلد، كان الحديث قد ابتدأ عن مسارات التعليم والتعليم العالي وجودته ومخرجاته وتفرع إلى أشياء وأحاديث أخرى حتى جاء الحديث على ذكر صديق عماني يعمل معه في نفس الوظيفة بجد ونشاط وتفان وإخلاص لدرجة أنه سأله هل أنت عماني؟ مع معرفته بالجواب وأصل وفصل ذلك الزميل إلا أن سؤاله كان ذا مغزى وهو أن العمانيين لا يعملون مثلك بهذا التفاني والإخلاص والجد والمثابرة وما عرف عنهم أنهم شعب لا يكترث كثيرا  بالعمل وقيمه. ربما تتطابق صورتنا هذه مع صور باقي جيراننا من دول الخليج فكلنا كما يقال في الهم شرق، حيث قرأت مرة أن متوسط إنتاجية الموظف الحكومي في دول الخليج لا يتجاوز 48 دقيقة فقط في اليوم لو سلمنا أن الدوام الرسمي في تلك الدوائر يصل إلى سبع ساعات فهذا الموظف يقضي أقل من ساعة في اليوم في عمله الحكو

حارس الوعل

اللوتي الحرسوسي، حارس للحياة الفطرية في محمية الكائنات الحية والفطرية في المنطقة الوسطى والتي كانت تعرف بمحمية المها العربي، وصل إلى سن التقاعد قبل سنوات قليلة، عرفته قبلها بأعوام بينما كنت في زيارة إلى تلك المحمية لتصوير فيلم وثائقي تلفزيوني عن الحياة الفطرية في سلطنة عمان. بدوي من الصحراء، ذو قامة متوسطة، تزين وجهه لحية اكتست بالبياض، وابتسامة لا تفارق محياه السمح، يلقاك من بعيد بوجه بشوش، يبدؤك بسؤال عن الأخبار والعلوم كحال سكان عمان كلها والبدو خصوصا، وما أن يفرغ من ذلك حتى يدعوك إلى قهوته البدوية التي يصنعها بنفسه في ذلك الحين على نار حطب السمر. حكى لنا في جلسته تلك عن التحاقه بالعمل كحارس للحياة الفطرية في المحمية التي يسكن هو في جزء قصي منها، فهو قبل زواجه كان بدويا مرتحلا معه ناقته وعزبته وسيارته المتهالكة،ينتقل من مكان لآخر في أرجاء الصحراء قبل أن يعرف الاستقرار الأسري والبيتي. روى لنا قصته التي ابتدأها مع الوعل وانتهاها مع المها ، حين كان في يوم من الأيام متجولا في أرجاء المحمية إذ لاح له من البعد وعل ذو قرنان طويلان وفرو يشبه الأرض، بدأ بمخاتلته حتى تمكن من الإمساك به بمهارة

في بيتنا وافد

عبد القيوم، عامل من الجنسية الآسيوية قدم إلى هذه البلاد منذ ما يزيد عن العشر سنوات. صباحه روتيني جدا يبدأه بالوقوف أمام محل لصديق له يحمل ذات الجنسية يبيع مواد البناء والمواد الصحية. يتربع عبد القيوم على كرسي خشبي متهالك وبجانبه حقيبته المعدنية التي تحوي بداخلها كل مستلزمات السباكة والكهرباء وما يمت لهاتين المهنتين من أدوات وآلات بسيطة يسهل حملها ونقلها من مكان لآخر. قصدته مرة لتعديل بعض السباكة في المنزل، كانت مهمة سهلة ولا تتطلب جهدا كبيرا، لكن – جهلي الشديد وانشغالي الكثير- جعلني ألجأ إليه لإصلاح ما أفسده انقطاع المياه المتكرر عن بيتي، أنهى عمله في أقل من عشر دقائق وأرجعته من حيث حملته، وكان ما دفعته نظير تلك الخدمة البسيطة هو عشرة ريالات. أخذني الفضول لمعرفة تفاصيل حياته وكيف يقضي يومه ومستوى دخله اليومي والشهري، فأجاب بأنه يعمل منذ الصباح الباكر حتى بعد صلاة العشاء باستثناء راحة بسيطة في فترة الظهيرة، وهو مستمتع بعمله الذي كما قال لي بأنه يدر عليه دخلا جيدا، وإن لم يصرح برقم معين. بحسبة بسيطة جدا لمستوى الدخل الشهري لعبد القيوم وجدت أن ما يتقاضاه من أجر نظير عمله – المط

إبني في مدرسة خاصة

ابني في مدرسة خاصة كل صباح أحرص على توديع ابنتي وابني قبل ذهابهما إلى المدرسة، الأولى إلى مدرستها الحكومية الواقعة بالقرب من بيتنا، والثاني إلى مدرسته الخاصة أيضا الواقعة بالقرب من بيتنا، وفي المساء أحرص قدر المستطاع الجلوس مع الإثنين ومناقشة يومهما الذي قضيا جله في مدرستيهما الحكومية والخاصة. قبل أيام قليلة قررت نقل ابنتي – والتي هي الآن  بالصف الخامس – إلى مدرسة خاصة والإبقاء على ابني في ذات مدرسته، فالاثنان سيذهبان العام المقبل إلى مدارس خاصة بعد أن وصلت إلى قناعة شخصية محضة من أن التعليم في مدارس التعليم العام لن يحقق لي ولا لأطفالي تلك النوعية من التعليم التي رسمتها لمستقبل هذا الجيل من الشباب. طبعا لن يعجب كلامي هذا الكثيرين ممن يقرأون هذا المقال وأجزم أن أولهم سيكون القائمون على تدريس أبناء عمان وتعليمهم، وبعض الأولياء والمربين ممن يرون أن التعليم في مدارس الدولة هو من أفضل أنواع التعليم وأن مناهجه قد تكون من أجمل مناهج التعليم العام في وطننا العربي الكبير. ربما من محاسن الصدف أن يتزامن نقل ابنتي إلى مدرسة خاصة للعام المقبل مع نشر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لبعض البيانات ا

في مكتب الوزير

قبل ثلاث سنوات وجه جلالة السلطان وحدات الجهاز الإداري بالدولة بإنشاء دوائر مختصة لخدمات المراجعين تتبع مباشرة للوزير أو رئيس الوحدة تكون مهمتها استلام وتسجيل طلبات المواطنين ومتابعة الإجراءات التنفيذية المتخذة حيالها، بهدف إعطاء دفعة إيجابية لقنوات التواصل بين الجهات الحكومية والمواطنين. بعد هذه التوجيهات هبت مؤسسات الدولة المختلفة بإنشاء هذه الدائرة وتسابقت في نشر أخبار إنشائها في وسائل الإعلام المختلفة. بعد هذه الخطوة يفترض أن الهوة بين المواطن والمؤسسات التي تقدم له الخدمة قد ردمت، وأن العلاقة بين الطرفين صارت قائمة على أساس أن رغبات وطلبات هذا المواطن سوف تختصر كل المسافات وتصل سريعا لمن يعنيه الأمر ويتم الاستجابة والتعامل معها بأقصى درجات السرعة. ولكن، لا يزال كثير من الناس يتذمرون مما يلقونه من تعامل بعض المؤسسات الخدمية معهم، وما زالت رسائلهم وخطاباتهم وشكاويهم وحتى اقتراحاتهم تراوح مكانها. هي كما قال احدهم لا تزال في مكتب الوزير بانتظار أن يصل دورها كي يسدي معاليه توجيهاته الكريمة بكيفية التعامل معها سواء بالرد أو التحويل أو الدراسة أو قد يكون بالتجاهل التام لفحواها ولمن قام بك

المكيافيلي

يعتقد بأن مركزه المالي والإداري والقبلي يمكن أن يحقق له كل شيء، لا يتورع عن الاقدام على الكثير من المحظورات طالما أن غايته تبرر وسيلته. هو الأمير والآخرون هم الرعية، ما لم يستطع تحقيقه بماله فبنفوذه أو بسلطته أو بعشيرته أو بأي قوة أخرى ما دام هو راغب في تحقيق ما حلم به أو أراده ذات يوم. انه الشخص المكيافيلي الذي أخبرنا عنه الايطالي نيكولو ميكيافيلي في كتابه “الامير” الذي كتبه في بدايات القرن السادس عشر واضعا فيه خلاصة تجربته وحكمته التي قدمها للأمير لورنزو كنصائح تعينه على حكم شعبه. لا يختلف الشخص المكيافيلي عما وضع تصوره صاحب هذه النظرية عن الشخص الذي يعيش بيننا هذه الايام، فطباع البشر لا تتغير ولا تتبدل، هي مجبولة على حب الخير والشر، على الطيبة والقسوة، على الكبر والتواضع، فهو – أي الشخص المكيافيلي- تتجمع فيه كثير من طباع الاستبداد والغرور والثقة المفرطة بالنفس ووهم بعلو الشأن وبلوغ المراتب العليا وتسيده على باقي أقرانه. هو دائما يتدثر برداء التقوى والتواضع وحب الناس وهو مشغول الفكر والبال بما يحقق له غايته التي سهر من أجلها، لا يعترف بعمل الآخرين طالما كان هو موجودا. هو من يرسم ويخط

كتاب اعجبني

قراءة في كتاب  "القصص القرآني" للمفكر محمد شحرور". يلخصه عبدالله الشعيلي لبرنامج " كتاب أعجبني" على YouTube - https://www.youtube.com/watch?v=o2B9vtnOlmk&feature=youtube_gdata_player

هل حكومتنا ذكية؟

   قبل عقد من الزمان كنا نسمع عن مسعى أن تكون الحكومة الكترونية، ولكن هذا المصطلح يبدو أنه اليوم في طريقه إلى الزوال ليحل محله مصطلح وفهم جديد للتعامل الالكتروني للحكومة مع المجتمع وهو مصطلح الحكومة الذكية يتماشى مع ما يتطلبه هذا العصر من ذكاء الكتروني يتمثل في أجهزة الاتصال والتواصل الذكية التي ربطت العالم شرقه بغربه بلمسة بسيطة من إصبع مواطن ذكي. هنا يثار تساؤل، هل يمكن أن نصنف الخدمات التي تقدمها الحكومة للفرد والمواطن على أنها خدمات ذكية وأن حكومتنا أصبحت حكومة ذكية؟ أم أننا أنجزنا كثير من الخطوات في ميدان الحكومة الالكترونية ونتهيأ قريبا لترقية خدماتنا الالكترونية لتصبح خدمات ذكية تصل للجميع أينما كان وفي أي وقت شاء؟ أم أن حكومتنا لا تزال والى اليوم في كثير من قطاعاتها لا تزال ورقية ولم تستطع حتى الآن من تقديم خدماتها للجمهور سوى باستخدام الورقة والقلم؟ عندما تضطر للمرابطة على باب إحدى المؤسسات الحكومية منذ صلاة الفجر كي تحصل على رقم يتيح لك الفرصة لإنهاء معاملتك الكترونيا، فهذه ليست حكومة ذكية ولا حتى الكترونية. وعندما تضطر إلى حمل كل أوراقك في حقيبة وكأنك ذاهب إلى المدرس

مذهبية بغيضة

سأبدأ الحديث باقتباس للمفكر العراقي الدكتور علي الوردي في كتابه " مهزلة العقل البشري" حيث يقول  “ نرى المسلمين اليوم يذوبون حبا بالنبي ويتغنون في مديحه في كل حين، وهم إنما يفعلون ذلك لأنهم ولدوا في بيئة تقدس النبي محمدا وتبجله. ولو أنه ظهر بينهم بمبادئه التي قاومه عليها أسلافهم لما قصروا عن أسلافهم في ذلك" ما يذهب اليه الوردي في حديثه هو أننا كمسلمين نتعصب لهذا الدين لاننا ورثناه أبا عن جد ولأن أجدادنا من الصحابة اعتنقوه وآمنوا بصاحب تلك الرسالة عن اقتناع منهم بأن العقيدة الجديدة ما جاءت إلا لتخلصهم مما كانوا يعيشونه من الظلم والجهل، أما نحن أحفاد الصحابة فلا نستطيع أن نتقبل حتى مجرد التفكير في عقيدة أخرى غير العقيدة التي ندين بها، ولا نرضى بقبول مذهب آخر غير المذهب الذي ندين به، لأننا على قناعة تامة من أن ديننا ومذهبنا وعقيدتنا هي العقيدة والملة الصحيحة وغيرها باطل وغير صحيح. من يلقي نظرة علوية على المشهد العربي والإسلامي اليوم يراه يعيش في جاهلية حديثة. تعصب حد الموت يصل إن تعلق الأمر بقبول الآخر أو التعايش معه، لا صوت يعلو على صوت المذهبية والدينية والحزبية

من يراقب الفساد

   ربما تكون من أصعب الكلمات التي يمكن أن تجد لها تعريفا محددا لدى الناس، فبخلاف ما تورده المعاجم ودلالات اللغة من تعريف لها، إلا أن جذورها يصعب الوصول إليها ويختلف فهمها من شخص لآخر ومن مجتمع لغيره، فما يطلقه هذا على ذاك بأنه "فاسد" قد لا يفسره ال"ذاك" على أنه هو عين ما قصده ال"هذا". هنالك وضوح في بعض مفاهيم الفساد لا يمكن أن تنكر أو تغطى أو يستر عنها، وهنالك أيضا كثير من المفاهيم التي يختلف في وصفها ونعتها باختلاف الشخوص والمواقف والحاجات والمطالب، ولا يمكن لكثير من العامة أن يصدر فتواه في أمر الفساد إلا بعد أن يخضعه للتمحيص والبحث والتحقيق والرقابة عليه من قبل جهات مختصة تمتلك الأدوات والمقومات والأسس المساعدة في تعريفه. وصفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي وقعت عليها كثير من دول العالم   ( الفاسدة وغير الفاسدة) وصفت الفساد بأنه "ظاهرة خبيثة توجد في جميع البلدان صغيرها وكبيرها، غنيها وفقيرها إلا أن تأثيرها في العالم النامي يكون أكثر تدميرا وهو يضر بالفقراء حيث أن الأموال المخصصة للتنمية لا تذهب إلى مسارها الصحيح، ويؤدي الفساد