التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٢٢

أنسنة المدن

قد لا  اجافي الحقيقة إن قلت أن التخطيط الحضري القديم كان أفضل في نوعه من التخطيط الحديث بمرات عديدة، المدينة أو القرية القديمة كان تخطيطها يعتمد في أساسه على ال انسان وحاجته ومتطلباته اليومية م ع ابقاء الخدمات المصاحبة قريبة من متناول الانسان الساكن وتوفير البيئات الصالحة للسكنى بأقصى معايير الجودة والنظام بحيث لا يتداخل او يتدخل أو يزاحم أي مرفق على مرفق آخر فالجزء يخدم الكل والكل يشكل منظومة  سكانية  حضرية يتداخل فيها الانسان مع حيزه المكاني. مع  التمدد الحضري  وزيادة عدد السكان في القرى والمدن لم يعد بالامكان السيطرة على الزحف العمراني فدخلت الكثير من المفاهيم العشوائية على اسلوب ونسق المدينة العربية والاسلامية والعمانية وغابت الكثير من التفاصيل التي كانت حاضرة في المدينة القديمة ولم يعد ذلك النظام موجودا ولا تلك الروح التي كانت تميز المدن عن بعضها بل ذابت كل تلك العناصر واصبحت المدن والقرى عبارة عن نسخة ممسوخة من  تخطيط حضري ظل طريقه. تتشابه مدننا وقرانا تشابها متطابقا في كونها مدنا ليست بالصديقة للانسان وانما هي أقرب الى علب اسمنتيه ليست بذات حياة ممزوجة بشوارع طولية وعرضية مرصوفة

مسارات

  مشهد طوابير السيارات العالقة في زحام نهارات مسقط الصائمة يعيد إلى الأذهان ما كانته هذه الشوارع قبل عامين حين تسببت الجائحة في منع الحركة وإغلاق الشوارع. المشهد في تناقضه بين الفضاء والزحام يحيلنا إلى تذكر تلك الأيام حين كانت الأعمال تدار من البيوت والاجتماعات تعقد في الفضاءات الافتراضية وبيئة الأعمال بأكملها غدت بيئات افتراضية يتواصل الناس فيها عبر السماوات المفتوحة. انقضى الهم الأكبر من الجائحة وبقيت بعض عوالقها تطل برأسها بين فينة وأخرى، وعادت الحياة إلى صخبها كما كانته من قبل وامتلأت الشوارع بضجيج وزحام السيارات وعاد الناس إلى طبيعتهم وكأن شيئا لم يكن وكأن دروسا لم تتعلم من تجربة كانت ثرية وكفيلة بأن تحل كثيرا من مشكلات البشر وهمومهم ومعضلاتهم وكما يقال فالخير في أحيان يولد من رحم الشر. سألني صديق في معرض تعليق له على أكداس السيارات المتوقفة في حارات شوارع مسقط انتظارا للوصول إلى وجهاتها المحددة، ألا من حل لهذا الزحام الصباحي المتراكم وكأن المسألة تبدو من غير حل وكأنها قد استنفذت بدائلها كلها؟ لماذا لا نؤوب إلى العادات الحميدة في التقليل من المشاوير ومن إنجاز الأعمال من المنزل ما

البيانات الضخمة ومناجم الذهب

  عرفت متأخرا معنى ” عندما لا تدفع ثمن السلعة فاعلم أنك أنت السلعة” أو بعبارة ثانية ” كل شيء مجاني، أنت تدفع ثمنه” ورغم علمي اليقيني بهاتين المقولتين الا انني لا زلت مدمنا على كل شيء يقدم لي وبالمجان خصوصا في عوالم الانترنيت اللامتناهية. أكره المواقع التي تجبرني على الشراء وأحب الأخرى التي تقدم لي كل شيء بالمجان ابتداء من تحميل الكتب المجانية ورفع الصور وتحميل الفيديوهات والدردشة والاستضافات المجانية والاتصال بالصوت والصورة بالمجان وبت كالطفل الذي يفرح بهدية من الحلويات عندما يجد كل شيء وبالمجان. أيقنت انني كنز دفين وثمين لشركات التقنية والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل صغيرها وكبيرها تعرف عني كل شيء أكثر حتى من نفسي، تعرفني متى أنام ومتى استيقظ حتى عندما أغفل في بعض الأحيان عن موعد نومي تذكرني تلك المواقع – جزاها الله خيرا- بأن موعد نومي قد حان أو عندما أتأخر في الاستيقاظ تذكرني بأنني لا بد أن أصحو، وتستمر هذه المجادلة بيني وبين مواقعي المفضلة طيلة اليوم فهي تحفظني عن ظهر قلب. رغم يقيني وعلمي ومعرفتي التامة بأنني منتهك من قبل المواقع الالكترونية وان لا خصوصية بات لي في شيء فقد أهديت

لا معنى للمكان

شخص لعبت الصدفة وحدها دورا في رفعه من منزلة المغمور إلى مرتبة المشهور في فضاءات المكان، يتحدث عن ذاته بأنه لا يحبذ الإشارة إليه بأنه "مؤثر" أو " مشهور" أو غيرها من الأوصاف المتداولة على ألسنة الغافين على دروب وطرقات وسائل التواصل. هو يميل إلى التبسط في استخدام الكلمات كحال ما يقدمه من تبسيط في القول والفعل من خلال ما يعرضه على الألواح المحمولة، يقول بأنه إنسان بسيط ومتبسط لكن الوسيلة هي من جعلته رقما صعبا في العالم الرقمي.    كحال الأسئلة الوجودية في الحياة تساءل رواد الاتصال الأوائل عمن يأتي أولا هل الوسيلة هي من يصنع الرسالة أم أن الرسالة هي من يؤطر الوسيلة؟ وبمعنى آخر هل الأهمية في وسائل الاتصال والإعلام تكون للوسيلة الناقلة للرسالة أم أن المضمون والمحتوى هي من يفرض نفسه كلاعب أساسي في تشكيل الوسيلة؟ بإسقاط هذه المصطلحات والتعريفات على عالم اليوم نستطيع القول إن وسائل الإعلام التقليدية كالصحف والإذاعات والتلفزيونات وما شاكلها من وسائل تقليدية كان المحور الأساس فيها ما يقدم للجمهور من مضمون ويتلقاه الناس من خلال تلك الوسائل فالغلبة هنا كانت لمضمون الخطاب المقدم. أ