التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٦

أبيض و أسود

افتقدت المتفائلين في هذه الحياة، جل من التقي بهم هم من فئة الأسود التي ترى الدنيا برمتها سوداء كالحة وأن الحياة ليس فيها ما يدعو الى التفاؤل فكل ما يحيط بك هو ظلام دامس بدءا من اختفاء البسمة من ثغر الطفل وانتهاء بالحروب والمجازر التي ترتكب في أرجاء المعمورة وكل هذا كفيل بتحويل حياة من فكر في الفرح الى حزن وترح فالحياة ليس فيها سوى الأسود. جالست وخالطت الكثيرين ممن ينتقدون كل شيء في الكون هم غير راضين عن وزنهم الزائد ولا عن وضعهم المالي وغير مقتنعين بزوجاتهم وأولادهم ويعانون مشاكل صحية يتذمرون منها كل يوم، لا تعجبهم خدمات الحكومة فهي دائما ناقصة وغير مكتملة وتعاني من بيروقراطية زائدة، يشتكون من الزحام اليومي الذي بات روتينا وجزءا من حياتهم الصباحية، لا يتلفظون بـ»شكرا وأحسنت» لأحد لأن لا أحد يستحق الشكر والتقدير سوى خالق الكون فقط، اعتادوا التذمر والشكوى بسبب وغير سبب هم متجهمون ومكتئبون في أحسن حالاتهم لا ترى لهم ابتسامة ولا تسمع لهم ضحكة وان تبسم فجأة أو ضحك عاد الى تجهمه فاستغفر الله راجيا أن لا يحدث مكروه لأحد بسبب ابتسامته. هؤلاء الذين خلعوا ثوب البياض وتوشحوا بالسواد، تر

بحثا عن الخلود

من عجب هذه الدنيا أن الإنسان فيها موقن بأنه غير خالد، وأن مآله يومًا إلى الفناء والموت، ولكنه مع ذلك يبحث عن ترياق الخلود، فحبه للحياة وملذاتها يدفعانه إلى البحث عما يطيل له أيامها، وقد تكون هذه غريزة بشرية غرسها الله في البشر منذ خلقهم فأبو البشر جميعًا وإنسان الأرض الأول أبونا آدم -عليه السلام- لم يمكث فترة طويلة إلا وبحث عما يخلده في هذه الأرض فصدق بذلك وعد إبليس بالخلود إن هو أكل من شجرة الخلد التي لم تكن سوى شجرة حرَّمها الله على آدم وزوجه لاختبارهما. بحث الإنسان عن الخلود سطره فيما كتب ودون وما ترك من أثر، فأسطورة أخيل مثلا تحكي لنا قصة تعميد أمه وغمسها له في نهر الخلود كي يحيا خالدًا أبد الدهر لكن الأسطورة تشير إلى أن سهما أصاب عقب أخيل غير المغمسة بالماء فقتله، كذلك أسطورة جلجامش التي تتحدث عن بحثه عن الخلود بعد وفاة أقرب أصدقائه أنكيدو، فهام في البرية بحثًا عما يخلده حتى وصل إلى أن عشبًا سحريًا تحت البحر يمكن أن يرجع له الشباب فيقرر الغوص حتى يجده لكن أفعى سبقته إلى أكل تلك العشبة فضاع أمله في الخلود. كما حاول فراعنة مصر القدماء تخليد أجسادهم بتحنيطها بمواد لم تعرف

يوميات صحفي مكتئب

من المحبط حقا أن تجد أن وظيفتك التي أفنيت فيها زهرة شبابك وتتكسب من ورائها لقمة عيشك وعيش أبنائك هي اليوم من المهن العشرة المهددة بالانقراض وأنك ستصير عما قريب مخلوق مهدد بالانقراض وسيكون حالك حال الديناصور الذي تكالبت عليه مهالك الزمان والمكان فأصبح رميما في الارض، ومما يدعو للكآبة والاحباط معا أن يصنفك مكتب العمل الامريكي من ضمن فئات المهن الدنيا التي لا يوصى ولا ينصح بها لانها من المهن التي لن يجد ممتهنا لقمة عيش يقتات ويقيت أولاده بها إن هو استمر وأصر على ممارستها رغما عن التحذيرات المتتالية للابتعاد عنها، تلك هي يا أعزائي مهنتي مهنة الصحافة التي وصفها الاقدمون بأنها السلطة الخامسة وصاحبة الجلالة ومرآة المجتمع تقارن اليوم بمهن الحطاب والطباخ وحراس السجون وسائقي سيارات الاجرة. ليس هذا ما أثار حفيظتي من كلام اعتدنا عليه نحن الصحفيين الورقيين من أفواه بعض أعدائنا القادمين إلينا من الشاشات المسطحة التي لا يعرف أصحابها الكثير عن العالم الحقيقي سوى تبشيرنا في كل شاردة وواردة بأن فترات بقائنا على هذا الكوكب معدودة وفرص بقائنا في مهنتنا هذه مفقودة، ولكن ما أثار حفيظتي ورفع عقيرتي هو

قم للمغرد

ساكنو مواقع التواصل الاجتماعي في ازياد مستمر، كل يوم تطلع علينا فيه الشمس نفاجأ فيه بساكن جديد قد قطن في حي من أحياء هذه المواقع واستوطن فيها وضرب وتدا في أرضها ، فصار يعرج على أراض أخرى مجاورة عله يحظى فيها بقبول ويجد صدى وترحيبا لتغريداته إن وافقت هوى من قصد. من لم يجرب الاقامة في بيوت وغرف هذه المواقع اليوم فسيجذبه اغرائها غدا ويمكن أن يعتاد عليها أو أن يدمن الاقامة فيها من دون تفكير للرحيل عنها أو مفارقتها لارض أخرى، فهي أرض خصبة بكلماتها القليلة وصورها البراقة وفيديوهاتها المتقنة الصنع ومعلوماتها السريعة الطبخ السريعة الانتهاء والعطب والفساد، ومن اعتاد على جوار بعض مشاهير ونجوم هذه المواقع فمن الصعب عليه مفارقة هذه الجيرة الطيبة التي تأتيك كل يوم بالاخبار والانباء من كل حدب وصوب. هؤلا النجوم والمشاهير فاقت شهرتهم أرض اللاواقع الى أرض الواقع فخرجوا على استحياء من قماقمهم المشبعة بالظلمة الى أرض النور والضياء فوجدوا لهم تقديرا وترحيبا يعادل ويوازي الترحيب والتقدير الذي ألفوه وعاشوه في عالمهم الافتراضي أو عالمهم الخيالي الخالي من البشر الحقيقيين ذو اللحم والدم، فانبهروا

فقاعات صحفية

                          لم يشفع لمجلة النيوزويك الامريكية تبريرها الذي ساقته عقب توزيعها لأولى نسخها الورقية والتي حملت على غلافها صورة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وكتب تحتها عنوان " الرئيسة هيلاري كلينتون"، بأنه تم إعداد الغلاف قبل اعلان النتائج النهائية للانتخابات التي خسرتها كلينتون وان المجلة استعادت النسخ الخاطئة، بل إن ذلك جر عليها الكثير من الاتهامات من صناع الصحافة والاعلام أنفسهم متهمين اياها بعدم المهنية والتسرع في اصدار أحكام مبنية على قناعات شخصية مسبقة من طاقم التحرير بالمجلة وانهم بعيدون عن الشارع وهمومه. إعلاميين وصحفيين اعترفوا عقب اعلان نتيجة الانتخابات بأنها سببت لهم صدمة لانهم لم يكونوا يتوقعون خلاف ذلك، مبررين ذلك بأن استطلاعات الرأي التي كانت متوفرة لديهم كانت تشير وبدون أدنى شك الى تقدم المرشح الديمقراطي، وانهم كانوا مغيبين عن الاستماع الى آراء الناخب نفسه مكتفين بما تسوقه لهم استطلاعات الرأي وآراء الساسة وأهل الاقتصاد ممن تربطهم بهم علاقات عمل. العاصفة التي خلفها انتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة لم تعصف فقط بالمرشحة الديمقراطية و

حارة عمانية قديمة

اضافة الى الكتب فإن العمارة والمباني الأثرية التي تركها لنا الاجداد هي من الشواهد التاريخية على حياة الامم والشعوب ودليل على تمدنها وتحضرها، وتمكننا دراسة هذه الشواهد من معرفة أسلوب حياة الشعوب والامم ومدى الوعي والتحضر الذي وصل اليه ذلك المجتمع في فترات التاريخ المختلفة. لم نعرف عن حضارة عمان وتاريخها إلا من خلال تلك الشواهد التاريخية التي يعود البعض منها الى الالف العاشر قبل الميلاد، ولم نتعرف على براعة المهندس المعماري العماني الا من خلال تصميماته الحربية والمدنية المتمثلة في القلاع والحصون والبيوت الاثرية. فتصميمات العمارة الساحلية في عمان تختلف في نمطها وشكلها وفنونها عن تصميمات العمارة الجبلية أو عن تصميمات العمارة السهلية وعمارة التحصينات الدفاعية تختلف عن عمارة المساجد والقصور التي تمتاز بزخرفتها ونقوشها الاسلامية البديعة. حارات عمان القديمة لا تزال الى اليوم منتصبة في كل قرية صغيرة كانت أم كبيرة حتى وإن بدأ البعض منها بالاندثار والتهدم بسبب الاهمال وعوامل الطقس المؤثرة وعدم الوعي المجتمعي بأهمية هذا الارث الحضاري، إلا أن المتجوال داخل هذه الحارات يلحظ بشكل لافت براعة

تنميط

     تجادل إثنان في مسألة ما فركن كلاهما الى أدلته التي يستند عليها فما كان من الاول إلا أن قال للآخر " هذه أدلة العقلانيين الذين يقولون بكذا وكذا وكذا" صاما اذنه ومغلقا قلبه عما يقوله الاخر الذي ُصنف لاحقا بأنه منتم الى نفس الطائفة. البشر عموما لديهم ما يسمى بالقوالب الجاهزة أو الصور النمطية فإذا ما استدعى الى عقله أو سمعه وبصره شىئ ما فإنه يركن الى ما رسمه عنه من صور ذهنية وقوالب جاهزة ليؤطره بها دون تكليف نفس بالبحث والتقصي عن ذلك الموضوع سواء بالسلب أم بالايجاب، وتتدخل عوامل كثيرة في رسم تلك الصور في مخيلة البشر منها البيئة والثقافة والعادات والاصدقاء ووسائل الاعلام وغيرها من الوسائل. نلجأ الى قولبة الاشخاص والاشياء من حولنا استسهالا لاصدار حكم عام على الجميع فيمكن أن نصور شعب ما بأكمله بأنه شعب كسول لا يحب العمل وكل من ينتمي الى ذلك الشعب فهو رغما عنه سيكون في نظرنا كسولا حتى وان كان غير ذلك لاننا لسنا على استعداد لتغيير صورة ذلك الشعب النمطية من أجل شخص أو شخصين، أو نصوير مجتمع ما بأن افراده يتمتعون بدرجات ذكاء أقل من المجتمعات الاخرى، أو أن مجتمع ما غني بسبب

أئمة جوجل

                                    جوجل متهم بالارهاب وتم ادراجه في خانة الجماعات المتطرفة التي تحرض وتدعو الى العنف والتطرف والتشدد وربما قريبا ستبدأ بعض الدول في تطبيق قوانين مكافحة الارهاب عليه وقد يصل الى الامر الى حجبه إن اقتضت الحاجة الى ذلك. أول من بدأ باستخدام مصطلح "إمام جوجل" أو " أئمة جوجل" هم الفرنسيون، فعقب التفجيرات الاخيرة التي حدثت في باريس وتبنت جماعة متطرفة مسؤوليتها عنها، اتهم وزير العمل والصحة الفرنسي السابق كزافيي بيرتران، جوجل بالوقوف وراء حالات التطرف الحاصلة في بلاده مطالبا اياها باتخاذ اجراءات صارمة لمكافحة إرهابها الالكتروني الذي كما قال الوزير السابق بأنه يسهم في تكوين شباب متطرف، بدورها جوجل دافعت عن نفسها قائلة بأنها تبذل جهدا كبيرا في مراقبة ما يبث من محتوى على مواقعها المختلفة ولكنها لا تستطيع مطلقا التحكم في كم المعلومات التي تتدفق بشدة على مواقع الانترنيت. جوجل وغيره من المواقع الالكترونية سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو سمها ما شئت أضحت منابر يستخدمها الكل في التعبير عن رأيه وكتابة وتصوير ونشر كل ما يحلو له من دون رقيب

التغريدة الاخيرة

يحذر خبراء السوشيل ميديا الجدد من أن تغريدة عابرة للقارات قد تتسبب في طردك من عملك أو خضوعك لتحقيق مطول من قبل رب عملك أو من يماثله في المرتبة ان لم يرق له ما كتبته على صفحتك الشخصية في أية وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة منها والقديمة. هذا التحذير وبهذه اللهجة من الوعيد جاءت عقب شكاوى تقدم بها أناس طردوا من عملهم أو انتهكت خصوصياتهم عن طريق اختراق حساباتهم الالكترونية وقاموا برفع شكواهم الى المحاكم من الظلم الواقع عليهم من قبل أربابهم، منهم من أنصفه القضاء وحكم ببراءته ومنهم من حكم ضده بحجة أن ما نشر يعد انتهاكا لسرية العمل وقدسيته. آخر ما قرأت عن مسلسل الفصل كان لصحفي غرد في تويتر عن تمنيه أن يصاب جناح طائرة ريال مدريد بعطل قبل أن يخوض مباراة مع فريق خصم كان الصحفي من مشجعيه، غير أن الاذاعة التي كان يعمل بها هذا الصحفي قررت فصله والاستغناء عن خدماته بسبب هذه التغريدة التي اعتبرتها مشينة بحق هذا النادي العريق وأصدرت بيانا قالت فيه "بأنها قررت فصله من عمله، لكنها مستمرة في دعم حرية التعبير وتعدد الاراء التي لا تنتهك اخلاقيات مهنة الصحافة". أمثلة كثيرة ل

الحرب والسلام

لم تمض سوى سنوات قليلة على خلق البشر حتى نشبت بينهم الحرب، ولم تكن هذه الحرب بحاجة الى سبب كبير لإشعالها ولم تنطفئ إلا بمقتل أحد أطرافها وندم الطرف الآخر على ما اقترفه من إثم. لم يستوعب من أتى من أولاد آدم درس الحرب الأولى وندم أبيهم الأول على خطيئته الكبرى، بل استمروا في إذكائها ودق طبولها والتحريض لها فلم يتورع الأبناء عن ممارسة دور المتسلط الداعي الى الحرب لإخضاع الآخر أو قتله وتشريده فبقيت الأرض مكانا ومسرحا للحرب كما هي مكان ومسرح للسلم وإن كان بدرجة أقل. قرأت عبارة وردت في كتاب «الحرب قبل الحضارة» للأمريكي لورانس كيلي خلص فيها الى أن «ما يقرب من تسعين في المائة فأكثر من المجتمعات البشرية المعروفة على مر التاريخ قد شنت حربا أو ساهمت في إذكائها» وقد يشكك البعض في صحة هذه المقولة والأرقام الواردة فيها بحكم صعوبة دراسة التاريخ البشري ودراسة تاريخ الحروب البشرية، ولكن من يتصفح كتب التاريخ ويستدعي مسلسل الأحداث البشرية يجد نفسه أمام حلقات طويلة ومتسلسلة الأحداث عن حروب قامت بين أفراد وقبائل وعشائر ودول وامبراطوريات منذ ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا لأسباب معلومة وغير معلومة ولأ