التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠٢١

في ذكرى عام مضى

عام يلملم أوراقه ويطوي صحائفه بكل ما فيها من حسن وقبيح، جيد وسيئ، صحة وسقم، حب وكراهية. عام جمع الكثير من المتناقضات والمترادفات ويأبى أن يرحل برتابة كما رحلت السنون التي سبقته، بل ترك ذكريات كثيرة وندوبا عميقة وأوجاعا يتوالى أنينها أبد الدهر. عام تقترب آخر أوراقه من السقوط لكنه قبلها أسقط أوراقا كثيرة وعرى أرواحا عديدة وثكل أنفسا وأضحك قلوبا وأبكى أرواحا. عام يرحل بعد أن ترك أرضا بورا ينعق فيها الغراب وتعصف فيها رياح الحروب والأزمات، والأوبئة، والأسقام، والأوجاع. عام يرحل وقد نشر السلام والطمأنينة في بعض البلاد التي زارها الحظ فابتسم لها القدر وصافحتها السعادة والهناء. عام تكًسب منه أناس وملل ونحل ودول وخسر فيه أيضا أناس وملل ونحل ودول. عام يأبى أن ينسلّ من دون ضوضاء أو ضجيج أو أن يغادر من دون جلبة، عام يأبى أن يقول وداعا من دون مفاجآت اللحظة الأخيرة. عام خط بقلمه كثير من القوانين والأعراف وغير في كثير من القيم والعادات ورسخ لمفاهيم لم تكن حاضرة قبله وبدل من كينونة الإنسان وصيرورته وأخرج من قمقمه كثير من المغالطات لم تكن مستحبة ولا مستساغة في الأعوام التي سبقته وحرف وبدل في بشرية الإن

في ذكرى القديس جيروم

  شيخ المترجمين أو شفيع المترجمين كما  جاء في وصف الأمم المتحدة  للقديس جيروم المتوفى في الثلاثين من سبتمبر من العام 420 ميلادية بالقرب من بيت لحم في فلسطين، وبهذا التاريخ تحتفي الأمم المتحدة بهذا اليوم بوصفه اليوم العالمي للترجمة  بإطلاق  مسابقة  لأفضل الترجمات باللغات   العربية والصينية والإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية والألمانية،  ويحتفل المترجمو ن  بهذا اليوم في ابراز دورهم الثقافي والمعرفي المتمثل في نقل العلوم والمعارف والثقافات والآداب من اللغات المتعددة. لم اكتب هذا الاستهلال للاحتفاء بالترجمة او المترجمين فدورهم معروف ومشهود على مر التاريخ البشري وانما دفعني للكتابة ما  قرأته عن بدايات تغلب الذكاء الاصطناعي على المترجم البشري ومحاولة سحب البساط من الترجمة البشرية الادمية الى ترجمة الالة الاصطناعية التي تمتاز بكثير من المميزات كما ذكرت في التقرير الانف الذكر منها  الكلفة والسهولة والتوافر وغيرها من العوامل المتعلقة  بالالة  أكثر منها ما هو متعلق بالإنسان والابداع. جدلية الانسان والالة ليست بالجديدة ولا بالحديثة فهي أزلية ومستمرة وستستمر الى الابد لكنها تختلف في الشكل و

المتبسطون

  قبل فترة بسيطة شاهدت فيلما وثائقيا عن ما يمكن ترجمته بمصطلح المتخففون أو المتبسطون أو الزهاد Minimalism وتعني هذه الكلمة وهذا المصطلح المقلون من متع الحياة الدنيا والمكتفون بالأشياء الضرورية في الحياة من دون الاسراف والتبذير باقتناء الزائد عن الحاجة. فكرة الفيلم تمحور حول صديقين حققا أغلب أحلامهما من البيوت الواسعة والسيارات الفخمة لكنهما اكتشفا فجأة أنهما غير سعداء، وأنهما لا يحتاجان إلى كل ما يمتلكانه فيقرران التخلص من الكثير من ممتلكاتهما ويعيشان حياة البساطة المكتفية بالقليل من المتاع. بعيدا عن الفيلم وقريبا من الواقع فنحن كبشر بطبيعتنا نميل إلى النمط الاستهلاكي في تكديس الأشياء وشراء ما لا يلزم إما انبهار بما تطرحه المصانع والشركات والمعامل من جديد في كل وقت وحين أو إرضاء لرغبات ونزوات داخلية نسكتها بالشراء والتسوق من دون التفكير في الحاجة الى ما نشتريه ولا كيفية استخدامه وأما تقليد وتشبه بما لدى الآخرين من متاع فنلجأ إلى الشراء لمجاراة أولئك الآخرين وللتشبه بهم وبما يقتنون، وكل ذلك مرده كما ذكرت بعض الدراسات النفسية لكي ” نشعر بالسعادة”. الشعور بالسعادة كما وصفها المتبسطون الزه

المواطنة بين المحلية والعالمية

بين   مفهومي   المواطن   العالمي   والمواطن   المحلي   تنشطر   الدول   والمجتمعات   وحتى   الأفراد   إلى   شطرين،   أولهما   المتبني   والمحتضن لمفهوم   العالمية   بشتى   أشكالها   وصورها   وأدواتها   التي   تتجلى   في   السماوات   المفتوحة   والتكتلات   السياسية   والاقتصادية المنفتحة   على   العالم   والتطور   التقني   والعلمي   والمعرفي   والاقتصادات   العابرة   للقارات   وتحرير   الأسواق   والتواصل   الحضاري   بين دول   العالم   وقاراته   إضافة   إلى   تقاطع   المصالح   المشتركة   بين   الدول   لا   سيما   في   الكثير   من   القضايا   الدولية   التي   تمس   العالم   بأكمله مثل   قضايا   التغير   المناخي   والحفاظ   على   البيئة   وصون   الطبيعة   والقضاء   على   الفقر   والقضاء   على   الأمراض   مثل   شلل   الأطفال والحصبة   والملاريا   وغيرها   من   القضايا   التي   تقود   دفتها   الهيئات   والمنظمات   الدولية   مثل   الأمم   المتحدة   التي   تضم   في   عضويتها كل   دول   العالم   قاطبة . أما   الشطر   الثاني   من   هذه   المعادلة   فهي   شطر   المواطن   المحلي   أو   المواطنة   ا