التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أمــة من الغنـم





حاشا لله أن يكون عنوان هذا العمود مقصود منه أننا نحن أمة العرب هي أمة الغنم فنحن أفضل من "الغنم" التي هي بلا عقل تسرح في هذه الدنيا بغير مسؤولية إلى أن يأتي يومها الموعود وتقاد فيه إلى الذبح. لكن المقصود هنا بأن هذه الامة هي الامة الامريكية التي وصفها الكاتب وليم ليدر في كتابه الذي حمل نفس العنوان بأنها عبارة عن قطيع من النعاج والغنم تقاد الى حيثما أراد الراعي أن يقودها بدون أن يبدي هذا القطيع أي اعتراض على مكان اقتياده.


ولكن لماذا أطلق هذا الكاتب على أمته أنها أمة الغنم؟ وإذا كانت الأمة الأمريكية والغربية على وجه العموم هي أمم من الغنم فماذا نكون نحن أمة العرب؟ هل سنكون في نفس مرتبتهم؟ أم أننا سنكون أعلى أو أقل من درجته؟.


الكتاب يتحدث في السياسة الخارجية الأمريكية والتعتيم الإعلامي وحجب الحقائق عن الشعب, وكيف تتحكم تلك الإدارة في شعبها وتحجب عنه الحقائق التي ترغب في حجبها وتفرج عما ترغب في الإفراج عنه.


وهو – أي الكاتب- أطلق على الشعب الأمريكي بأنه شعب من الغنم لا يفقه كثيرا من الأمور التي تجري من حوله فهو يصدق كل ما تبثه وسائل إعلامه من معلومات لا يكلف الفرد نفسه عناء تأكيد صحتها من عدمه.


يتحدث الكاتب في بعض فصول كتابه عن العلاقة بين الجمهور والحكومة، هل ما تقوله الحكومة وتنشره من أخبار في وسائل الإعلام هو أمر لا بد أن يؤخذ مأخذ الصدق وأنه هو الحقيقة بعينها؟أم أن على القائمين على موضوع الإعلام والمحررين الإعلاميين تحري صدق ما يسرب إليهم من أخبار وبيانات لان المواطن العادي ليس لديه الوقت الكافي للتحري عن صدق الأخبار وموضوعيتها. وهنا يحمل الكاتب المسؤولية على القائمين على الإعلام بضرورة تتبع وتحري الصدق والموضوعية فيما يكتب وعدم الانسياق وراء الأخبار المضللة وهو ما يقوله في إحدى فقرات هذا الكتاب "يقوم المحررون في الجريدة بوضع المانشيتات العريضة وفي المحصلة لا انأ ولا أنت نملك في أميركا إي وسيلة لندقق على ما نقرأه ولا يمكننا الاعتماد على الحكومة لمساعدتنا في ذلك".


سأكتفي بهذا القدر من استعراض هذا الكتاب ومن أراد من القراء الاستزادة فالكتاب موجود حتى على صفحات الانترنيت وهو بالمناسبة كتاب قديم ترجمه إلى العربية عدنان شومان وصدرت نسخته العربية في العام 2002، ولكن ما يعنينا في هذا الموضوع هو وصف الكاتب لامته بالغنم لأنهم مسيرون مثل قطيع الأغنام والراعي هو من يقوم بتسيير هذا القطيع أينما أراد وكيفما أراد.


في ذات الوقت، إذا كان أحد كتاب الغرب قد اعترف بتضليل الحكومات ووسائل الأعلام للشعب ولم يعتبر هذا الشعب بأنه أمة من البشربل أمة من الغنم، فماذا نقول نحن من ننام ونصحو في كل يوم على أخبار وبيانات غير صادقة سواء أكانت من جهات حكومية أو من جهات خارجية لا سيما في هذا العصر الذي أضحت فيه السماوات مفتوحة وأصبحت فيه الشبكات متداخلة وبات المواطن منا حائر بين تصديق من وتكذيب من ويبقى على كل فرد منا أن ينتبه إلى نفسه كي لا ينساق إلى قطيع الغنم أو ما هو أقل من قطيع الغنم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع