التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ثقافة العنف



طفت على السطح من جديد قضية ثقافة العنف لدى الاطفال بعد أن أقدم مراهق فنلندي على قتل أحد عشر شخصا عندما فتح النار عشوائيا في مدرسة تجارية في مدينة كاوهايوكي على بعد نحو ثلاثمائة كيلومتر شمال غرب العاصمة الفنلندية هلسنكي وقبلها وخلال شهر نوفمبر الماضي أقدم شاب في الثامنة عشرة من عمره على اقتحام مدرسة في منطقة توسولا بفنلندا على اطلاق  الرصاص بشكل عشوائي على طلاب المدرسة ويتسبب بمقتل ستة طلاب وممرضة المدرسة والمدير، ثم انتحر، وفي الولايات المتحدة التي شهدت أكبر معدل لجرائم قتل قام بها مراهقين بقتل زملاء لهم في مدارس ابتدائية وثانوية نادى الكثير من علماء اجتماع واساتذة اعلام وسياسيين بضرورة مراقبة ما يتعرض له الاطفال من محتوى ومضمون لا سيما ما يعرض على وسائل الاعلام كالتلفزيون والفضائيات الدولية ومراقبة الاهل لمحتوى ما يشاهده الاطفال من أفلام ورسوم متحركة وبرامج تحوي على الكثير من العنف ومطالبة الجهات المشرفة على تلكم القنوات بضرورة تحجيم بث أفلام العنف الموجهه للاطفال وتحديد أوقات بثها.

الالعاب الالكترونية الحديثة المتداولة بين الاطفال والمراهقين تحوي على الكثير من مسائل العنف والقتال والدم وتحمل الاطفال على تبني ما يعرض في تلك الالعاب ومطالبة الاهل بمحاكاة ما يقومون بلعبه.

أحدث الباحثين أشار الى ذلك بقوله "إن الألعاب الالكترونية بشكل عام، تسهم في تشكيل توجهات مستخدميها، خصوصا من صغار السن، حتى أن أحدهم قد لا يتوانى عن الطلب من والده أن يقوم بصدم مركبة أحد السائقين، في حال لم يستجب قائد تلك المركبة بطلب التنحي عن طريقه!".

شبكة الانترنيت هي العامل الاكبر في نشر ثقافة العنف لدى المراهقين والاطفال فالكثير من المواقع تحرض على العنف وتعلم الاطفال طريقة استخدام الكثير من الاسلحة، لذا فان الحاجة الى ضروة مراقبة محتوى ما يبث على هذه الشبكة من قبل الاهل والجهات المشرفة عليها ضروري جدا، فالصين مثلا بدأت في دعوة مالكي المواقع المحلية الى التوقيع على إتفاقية لمنع بث أية تسجيلات صوتية أو مرئية تشجع على العنف أو الجنس  للمحافظة على شبكة الانترنيت سليمة ونظيفة.

 

الدول الغربية المتضررة من مسألة عنف الاطفال والمراهقين يحملون وسائل الاعلام الكثير من المسؤولية والتبعية عن انتشار هذه الظاهرة، غير انهم في ذات الوقت يبحثون عن حلول تساعدهم في التقليل منها فعلى سبيل المثال أعلن الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون عن حملة وطنية ضد عنف الاطفال قادها بنفسه وحث فيها القنوات الفضائية وشركات الدعاية والاعلان ومتاجر الاسلحة الى ضرورة احترام الاطفال والمراهقين وعدم تعريضهم لمشاهد العنف وجعلها متاحة لهم، كما أعلن كلينتون عن بدء تشغيل رقاقة صغيرة تأتي بداخل التلفزيون ينطفىء أو يتغير البرنامج في حال ظهور إشارة حرف "v"  والذي هو اختصار لكلمة  عنف "violence"، وسيتم إجبار القنوات التلفزيونية على ترميز برامجها.

نحن بحاجة الى مراجعة الذات والجلوس مع أطفالنا وتحصينهم ضد أي عنف قادم الينا سواء كان هذا العنف من داخل الاسرة أم من خارجها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ashouily@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع