التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صحائف تطوى


         ­تفصلنا ايام قليلات نخلع فيها سنة ونلبس سنة أخرى جديدة ويحدونا الامل والرجاء بان تكون السنة الجديدة بحلتها الجديدة أفضل من سابقتها يعم فيها الامن والاستقرار والطمأنينة وتبدأ الاسعار التائهة في العودة الى رشدها ويبدأ الاقتصاد المترنح بالثبات والوقوف في وجه عواصف هوجاء قادمة من الشمال القارس ويبدأ الناس في النظر الى اخوانهم بمزيد من الثقة والتآخي.

صحائف هذا العام المشرفة على الطي كانت غير جيدة بالكثير من المقاييس حيث عانت الكثير من المؤسسات والشركات من تعثر وافلاس وليس آخرها اعلان عملاق صناعة الاعلام الامريكي " مجموعة التريبيون" عن طي صفحاتها واشهار افلاسها بعد أن كانت في يوم من الايام مشارك رئيسي وصانع للسياسة الامريكية الداخلية والخارجية ذات نفوذ كبير على الكثير من الاصعدة السياسية والاقتصادية.

مجموعة تربيون الاعلامية التي تملك ثمان صحف يومية، من بينها صحف "شيكاغو تريبيون" و"لوس أنجلوس تايمز"، و"بالتيمور صن" و"أورلاندو سنتينل" واسعة الانتشار، بالإضافة إلى ثلاث وعشرين محطة تلفزيونية رئيسية بالولايات المتحدة، وفريق رياضي يلبعب البيسبول هو فريق شيكاجو كابز أعلنت افلاسها بعد عجزها عن الوفاء بمستلزمات خدمة ديونها التي زادت عن ثمانية مليارات دولار.

واستكمالا لمسلسل طي الصحائف عرضت مجلة " نيوزويك" الامريكية على  موظفيها تسويات مالية مقابل تركهم العمل في المجلة بشكل اختياري لمواجهة

الانخفاض الكبير والعجز الذي تعاني منه المجلة في مواردها المالية بسبب تناقص الاعلان وعزوف الكثير من الشركات عن عدم الاعلان في الصحف والمجلات لتقليل النفقات والترشيد في الاستهلاك وهو الامر الذي أثر سلبا على صناعة

 الاعلام لا سيما صناعة الصحافة المطبوعة.

ربما تكون هذه الازمة التي تمر بها الكثير من المؤسسات الاعلامية سواء التي أشهرت أفلاسها أو التي لم تشهره بعد بسبب تدني أرقام التوزيع وعزوف المعلنين عن شراء مساحات اعلانية يثير الكثير من التساؤل حول مستقبل الصحافة المطبوعة ومدى صموده في هذا العصر عصر التقنية والحاسب الالي والهاتف النقال وشبكة الانترنيت واستبدال الكثير من القراء الصحيفة الورقية  بأخرى الكترونية لا تكلف مبالغ مادية ولا تجد صعوبة كبرى في العثور عليها ويسهل تصفحها في أي مكان وزمان.

مهما كان من أمر فانه من المبكر الحكم على مدى نجاح الصحافة المقروءة الكترونيا في سحب البساط من الصحافة المقروءة ورقيا لا سيما في عالمنا العربي حيث لا يزال الكثير من القراء في عالمنا يميل الى الصحيفة الورقية التي يشعر برائحة الورق والحبر عندما يتصفحها ولا يميل الى المكوث طويلا أمام الشاشات المسطحة لقراءة جريدة أو مجلة ولكن قد يبقى الرهان على الجيل الجديد الذى رضع من حليب الكمبيوتر وفطم على الانترنيت بانه هو من سيغير مفهوم الصحافة والى أن نلتقي في عام جديد نتنمى أن لا تتلوث صحائف العام الجديد بما تلوثت به صحائف هذا العام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع