التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مصادرة الفكر



” مصادرة الفكر والتدبر والاجتهاد هذه من اكبر الكبائر. ونحن لن نسمح لأحد أن يصادر الفكر أبدا، من أي فئة كانت ”


                         قابوس بن سعيد.


ما نشرته بعض الصحف المحلية والعربية يوم أمس من إدانة بعض المثقفين والاعلاميين قرار وزارة الاعلام إيقاف المذيع سالم العمري عن تقديم أية برامج سواء في إذاعة أو تلفزيون سلطنة عمان وإبلاغه بأن وزارة الاعلام لا ترحب به كمذيع على أثيرها على خلفية – كما قال الخبر المنشور- اعتذاره عن تقديم برنامج هنا عمان ومشاركته في الاعتصام الذي قام به الاعلاميون أمام مبنى الوزارة للمطالبة باصلاح الاعلام واطلاق حرية التعبير، هذا الخبر والذي أتى مصدره بيان وزع على بعض الصحف من جمعيات أهلية استنكرت هذا التصرف والذي أسمته بأنه غير مسؤول بالمرة يثير تساؤلات عديدة أهمها هل هذا هو الوقت المناسب لمثل هذا القرار؟ لا سيما وأن الوزارة والدولة معا يمران حاليا بمرحلة مخاض عسير قد يسفر عن ولادات جديدة في القوانين والتشريعات، اضافة الى أن هذا القرار قد يترك في كثير من النفوس الغير راضية عن أداء الاعلام العماني سخطا كبيرا ويضيف نقطة أخرى الى رصيد نقاط مصادرة الفكر التي يمارسها القائمون على الاعلام.


قال لي أحدهم كان قد شارك في الاعتصام الاعلامي بأن هذا القرار هو البداية. ولا أدري ما الذي عناه بكلمة البداية هل هي بداية النهاية لهذه الوزارة أم أنها بداية تصفية الحسابات مع من اعتصم، وأن البداية هي بسالم العمري كونه لا ينتمي الى المنظومة الاعلامية وتقرر التضحية به والدور آت على من اعتصم وينتمي الى المنظومة الاعلامية فكما نقول نحن " تراه جاينكم الدور".

تعمدت أن أبدأ مقالي هذا باستشهاد نسمعه ظهر كل يوم على أثير اذاعة سلطنة عمان الحكومية يقول فيه صاحب الجلالة بأنه لن يسمح لأي أحد أيا كان هذا الاحد بأن يصادر الفكر، ولا أدري هل ما قامت به وزارة الاعلام يصب في خانة مصادرة الفكر التي تحدث عنها ولي الامر، أم أن ما قامت به الوزارة لا يعدو كونه أمر صغير يحدث كل يوم مع كل مذيع كان يقدم برنامجه وتم الاعتذار منه كون البرنامج الذي يقدمه قد انتهت دورته البرامجيه وأن الدور قد حان لتغيير البرنامج بغيره وتغيير المذيع بآخر، ويبقى علينا انتظار تفسير من المسؤولين في وزارة الاعلام سواء بنفي أو اثبات صحة ما نسب الى العمري من ايقاف برامجه.

هنا تبرز الحاجة الى اعادة النظر في صياغة القوانين التي تنظم حياة الناس فيما يتعلق بعلاقاتهم مع الحكومة وأن لا يترك الامر لاجتهاد شخصي يقرر تفعيل أو تعطيل هذه القوانين وتتحكم المزاجية في اصدار أحكام كثير من الامور يجني عواقبها بعد ذلك شعب بأكمله، فنحن والحمد لله قد وصلنا الى نقطه ينبغي أن لا نتراجع أو نحيد عنها وأن لا نترك لاي كان الفرصة لمصادرة الفكر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع