التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لنا إعلامنا ولكم إعلامكم

                                                     لنا إعلامنا ولكم إعلامكم لا حجة بيننا وبينكم يحكم الجمهور فيما بيننا.

  مقولة أطلقا أحد الشباب فكان لزاما علي إيضاح العلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام البديل.

  الإعلام التقليدي الذي هو عبارة عن وسائل الإعلام التقليدية التي عرفها الناس منذ مئات السنين من صحف ومجلات ووكالات أنباء وإذاعة وتلفزيون تقف اليوم جنبا إلى جنبا في مواجهة الإعلام الحديث أو الإعلام البديل أو إعلام الانترنيت الذي أصبح اليوم هو الإعلام البديل عن الإعلام التقليدي الذي غالبا ما تهيمن عليه الحكومات أو طبقة من أثرياء الناس.

باختراع الانترنيت بدأ الإعلام البديل يتبلور فيما أطلق عليه مصطلح المواطن الصحفي الذي بات فيه كل مواطن في أي قطر من العالم وفي أي زمان ومكان يكتب ويحرر وينشر ويذيع كل ما يرغب فيه بدون المرور عبر أي قنوات إعلامية أخرى، فبات المواطن هو نفسه صحفي. وتطور أمر هذا المواطن إلى أن صار بإمكانه التجديد من أخباره والأحداث التي تحصل له من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والمنتديات الالكترونية التي باتت تتسابق في نشر ما هو جديد ثانية بثانية.

على الجانب الآخر بقي الإعلام التقليدي أو إن صحت تسمية البعض له بالإعلام الديناصوري حبيس الكثير من البيروقراطية والروتين والرقابة ومسكون بكثير من الخوف والوجل من نشر أي شيء حتى لو كان أمرا معلوما لدى كل الناس اعتقادا أو خوفا من أن يؤثر ما ينشر على اتجاهات الجمهور وتعديل آرائهم، ويبدو أن القائمين على هذه الوسائل لم يعلموا أن ما يقومون به يساعد ويسرع في تقويض إمبراطورياتهم الإعلامية التي يتربعون على عروشها.

الأحداث الأخيرة التي تحدث في حبيبتنا عمان أظهرت وبما لا يدع مجالا لأي شك أو ريبة بأن الإعلام العماني التقليدي لم يستطع مجاراة ما يحصل على أرض الواقع واكتفى بالتفرج من بعيد على ما يحدث في هذه الأرض. لم ينقل إعلامنا التقليدي الصورة ولا حتى جزء منها وترك المجال برغبة منه إلى الإعلام البديل الذي تفنن وأبدع في نقل كل ثانية من تلك الأحداث سواء بالكلمة أو بالصوت أو بالصورة وأصبح المواطن وبكل بساطة يحصل على المعلومة والخبر بسرعة تفوق سرعة الصوت والضوء.

هذا الشاب نفسه قال لي "لسنا بحاجة إلى إعلامكم التقليدي" نحن لسنا بحاجة إلى معرفة أخبار الوزير الفلاني والمسئول العلاني، لسنا بحاجة إلى الاستماع إلى أغانيكم ومسيراتكم الوطنية، ولسنا بحاجة إلى معرفة ما يجري في تونس أو في مصر. نحن بحاجة إلى معرفة ما يجري على أرضنا وما يحصل لشبابنا، نحن بحاجة إلى إلقاء الضوء على أنفسنا والتركيز على وطننا وإظهار مواطن الخلل فيه ومحاولة إصلاحها. وما دام هذا الأمر لم يتواجد في إعلامكم فدعوه لكم، شاهدوه أنتم بأنفسكم نحن لنا إعلامنا ولكم إعلامكم ولنترك الفصل بيننا للجمهور والمواطن نفسه لتحديد وتقرير ما يتعرض له من وسائل الإعلام.

وجهة نظر شخصية بحتة: أيا كان ما يجري في الإعلام التقليدي أو الإعلام البديل لن يستغن أحدهما عن الآخر فكل وسيلة بحاجة إلى الأخرى وتبقى البدائل مطروحة أمام الجمهور لتحديد ما يتعرض له، ولكن يبقى على الإعلام التقليدي أن يواكب أحداث ما يجري لا أن يدسها في التراب ويبقى على الإعلام البديل أن لا يثير الزوابع التي تؤثر على رؤية ما حولنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع