التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تلوث السماء العربية

السماء العربية اليوم غير صافية، فهي ملبدة بغيوم كثيرة تحجب عنها الرؤية الصحيحة. لا نستطيع التمييز في ظل هذه الضبابية بين الجيد والسيئ، تداخلت علينا الأقمار والنجوم، بتنا كالتائه الذي لا يعرف طريقه من أن يبدأ وأين ينتهي.

سمائنا العربية لحقتها موجة التلوث حيث أفقدتها الكثير من صفائها وبريقها ولمعانها وألقها.
كانت درة يهتدي بها التائه في سماوات الأرض، ويستمتع بصفائها وجمالها الناس كافة في مشرق الأرض ومغربها، وأصبحت اليوم وبسبب كثرة الملوثات بها تدعونا إلى الرحمة والشفقة بها من ممارساتنا العبثية ومن تجاربنا الفضائية ممن يعنيه الأمر وممن لا يعنيه، ممن أمتلك الخبرة وسبر أغوار تلك السماوات وممن غامر وقامر بماله في سبيل الارتقاء عاليا في سماء الأرض.
لنقترب من الصورة أكثر ونعدد بعض الأمثلة على المقامرين والمغامرين اللذين تسلقوا إلى فضاء الكلمة بدعاوى مختلفة كالحرية والديمقراطية والشفافية والعولمة وغيرها من الكلمات التي لا يفقه معناها من تفوه بها، وسأترك الحكم لق أنت عزيزي قارئ هذه السطور هل أضاف هلا وأمثالهم نجوما جديدة إلى سمائنا أم أن إضافاتهم هذه لا تتعدى كونها سحابة كثيفة من الدخان بدأت الانتشار في سمائنا العربية حتى غطت على باقي الأقمار والنجوم.
في سمائنا العربية هنالك قنوات فضائية تدعي " الحقيقة" وهي وكما أعتقد شخصيا بأنها بعيدة جدا عن الحقيقة، تمارس الكثير من الدجل والشعوذة والغش واستغلال حاجة الناس. كثير من ضحاياها وممن وقعوا فريسة خداعها رحلوا عن دنيانا وغيبهم الموت بسبب تصديقهم لجهل " الحقيقة"، وآخرون تاهوا في أروقة المحاكم بحثا عن " الحقيقة" وعمن يعوضهم من حقيقة أن ما غاب أموالهم إنما ذهب في جيب صاحب الحقيقة.
قنوات فضائية أخرى تدعي " الصفاء" وهي غير صافية أبدا وتحمل في أثيرها الكثير من الكدر الذي يلوث صفاء سمائنا. تمارس هذه القنوات الكثير من الفتن والفساد الديني بحجة أن ما يناقش فيها إنما هو نوع من التصافي بين المذاهب ومحاولة لتصفية الأجواء الإسلامية والعربية من كل شحناء وبغضاء. وممن وقعوا ضحية لصفاء هذه القنوات نبذهم المجتمع وتبرأ منهم وصار الناس ينعتونهم بأنهم رأس الفتنة وأساسها.
هنالك قنوات فضائية أخرى تميل إلى التشبه " بالذهب" في لمعانه ولكنها هي أقرب إلى الصدأ. تمارس هذه القنوات ومن جرى على شاكلتها الكثير من الرقص والعري والتفسخ وكأن المجتمع العربي لا هم له سوى الرقص والتعري ومشاهدة الراقصات من مختلف الأجواء العربية يتراقصن ويتمايلن على أنغام الطبل العربي. وممن وقع فريسة وضحية لبريق هذه القنوات ربما يشعر بلذة في حينها لكنها لذة مشوبة بسموم تحقن في جسمه لا يزول أثرها إلا بعد جلسات مطولة من العلاج الروحاني.
 هل يا ترى تتفقون معي في أن الدافع وراء ما يمكن تسميته سموم نبتت في السماء العربية نابع من عدم رقابة على سمائنا؟ وأن الفضاء صار مفتوحا لكل مستثمر امتلك رصيدا ثقيلا من الأموال سواء أكان الإعلام تخصصه أراد مضاعفة رصيده والوصول إلى عنان السماء باسمه؟ أم أن الأمر يجري كما هو مقدر في السماء كيفما اتفق. أترك الإجابة لكم..

تعليقات

‏قال safaya
ليست العربية فقط
حتى الغرب مظلومين كثيراً
أصبحت القنوات فقط تعرض المتناقض مع المجتمع ، وتبرز الفئة القليلة الغريبة لتنشرها ، وتسيل لعاب الروح في الفراغ فقط

لسنا نحن فقط

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع