التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بيت الأحلام.. فقط برسالة


"امتلك منزل أحلامك فقط بإرسال رسالة نصية قصيرة على الرقم المرادف لبلدك" بهذه الجملة يبدأ جني الملايين، وبهذه الجملة أيضا يبدأ نزيف الأموال وتبدأ الأصابع في الضغط على ازرار الهاتف لإرسال الرسالة القصيرة كما أرشد لها الإعلان التلفزيوني، فسعر منزل الأحلام زهيد جدا أو كما يقال برخص التراب إذا كان يمكن أن يأتي فقط برسالة أو بعشر أو بمائة رسالة قصيرة. يا بلاش كما يقول البعض.

الملايين من المشاهدين المستلقين على كنبات الراحة وأرائك الاسترخاء يصدقون ما يسمعونه، فيبدأون في إرسال ما تبقى لديهم من رصيد رافعين بعد كل رسالة أكف الدعاء أن يستجيب المولى عز وجل إلى رسائلهم النصية ويفوزا ببيت الأحلام أو بشقة العمر لتنتهي معاناتهم الشهرية من دفع للإيجار ونزاع مع المستأجر على رفع سعر الابجار بعد كل ثلاثة أشهر وغيرها من الأسباب التي تدفع الحالم خلف التلفزيون بان يرسل مئات الرسائل ويتصل آلاف الاتصالات ليفوز ولو بجدار واحد من جدران بيت العمر.
غنيمة بيت العمر أو شقة الحرية كما أسميها أنا تيمنا برواية الراحل غازي القصيبي رحمة الله عليه يتقاسمها الجميع فهي كعكة عيد الميلاد كما يقال في الغرب فجزء من هذه الكعكة يذهب إلى شركات الاتصال وجزء آخر محجوز لهيئة الاتصالات أما الجزء الأكبر من الكعكة فيذهب إلى جيب صاحب المحطة التلفزيونية التي تروج كل دقيقة لشقة الحرية تلك، وعلى مرسل الرسالة أن يدفع ثمن رسالته أضعافا مضاعفة ويقسم مبلغها على الثلاثة ومن يدخل معهم على الخط وكل رسالة هي بثلاث أضعافها.
الكثير من النصب والاحتيال يمارس من قبل القنوات التلفزيونية والإذاعية على الكثير من الضحايا من المستمعين والمشاهدين عن طريق التلاعب بالمشاعر والأحاسيس وتحقيق الأحلام وامتلاك الملايين وضمان مستقبل مزهر للعائلة. وقد يصل التلاعب في هذا الموضوع في بعض الأحيان إلى إظهار أسماء وهمية هي من حالفها الحظ بالفوز بالجوائز تغري البقية الباقية من الجمهور بالمشاركة
لو أردنا الحديث قليلا بلغة الأرقام عن المكاسب التي يحققها الأطراف الثلاثة من جيوبنا لوجدنا أن دراسة أشارت إلى أن عدد الرسائل النصية القصيرة التي ترد إلى المحطات التلفزيونية الفضائية فقط تصل إلى 150 ألف رسالة يوميا ومتوسط ما تتلقاه تلك المحطات من مكالمات هاتفية يصل إلى 33 ألف مكالمة في الساعة الواحدة، ويمكن تخيل المبلغ الذي تحصده الجهات الثلاث من رسالة واحدة قصيرة يصل سعرها ما بين ستمائة بيسة الى ريال واحد.
أستطيع أن أضمن استثمار جيد ومضمون لمن أراد أن يستثمر في مجال الإعلام والإعلان الفضائي، فكثيرة هي الطرق التي يمكن أن توصل صاحبها إلى الغنى والشهرة أقصر بكثير من الطرق الأخرى وعائدها مضمون مئة بالمائة كما تقول ذلك بعض إعلانات السندات والأسهم " عائدها مضمون مائة بالمائة".

تعليقات

‏قال safaya
عبدالله

الناس التي تبعث برسالة نصية للفوز ببيت من قناة هم أكبر مخدوعين
والناس التي تستقبل هذه الإتصالات والرسائل هم أكثر أناس عاطلين يربحون بالشطارة من أناس تغريهم عبارة ، أو صندوق فارغ مغطى بالحلوى البلاستيكية

.
.

سيرسل الشخص مليون رسالة ثم ربما سيفوز
.
.
شكراً لهذا المقال عبدالله

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع