التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أيوب وقانون المطبوعات



  قد لا يكترث أيوب كثيرا بقانون المطبوعات والنشر الذي كثر الحديث عنه هذه الايام في كل مكان ابتداء من وسائل الاعلام التي تناقش قانونها، مرورا بالأدباء والمفكرين والكتاب اللذين يكتبون في هذه الوسائل، وانتهاء بمؤسسات المجتمع المدني التي تدرس حاليا هذا القانون وفي نيتها اقتراح بدائل لتغييره وتعديل بنوده.

كما قلنا، بأن أيوب هذا لا يعنيه أمر هذا القانون فقد آثر الابتعاد والنأي بنفسه عنه، فهو في لندن عاصمة الضباب حيث لا يمكن أن يطاله هذا القانون، إلا في حال سافر هذا القانون والقائمون عليه الى تلك البلاد البعيدة وقرروا أن يجلسوا مع أيوب ويستفهموا منه لماذا هو معتزل عنهم في ذلك المكان القصي ولا يرغب في أن تضمه عباءة هذا القانون كما تضم اخوانه وأخواته من سائر وسائل الاعلام.

أيوب هذا، هي مجلة أطفال عمانية ستصدر قريبا من لندن باللغة العربية موجهة للاطفال من سن الرابعة وحتى التاسعة، جميع شخصياتها من الاطفال وهم ثلاثة أيوب، علياء والبدوي يلبسون الثياب العمانية التقليدية وتأتي قصصهم لتعبر عن البيئة العمانية الصرفة ( نقلا عن موقع المجلة على الانترنيت).

وقد آثر رئيس تحريرها الذهاب بها بعيدا لتصدر وكما قلنا من أوربا ربما لتحقيق انتشار أكبر والوصول الى أكبر شريحة من الاطفال العرب، ربما اسوة بكثير من ملاك وسائل الاعلام العربية اللذين يتخذون من لندن مكانا  مناسبا لاصدار مطبوعاتهم أو اطلاق قنواتهم الفضائية بعيدا عن أعين الرقيب الحكومي.

وأنا أقرأ هذا الخبر أثارني حقا اختيار لندن كمكان للصدور فقلت بخبث الصحفي، عله قانون المطبوعات والنشر هو الذي دفع رئيس التحرير للابتعاد والنأي بطفله الصغير عن أرض الوطن كي لا ينشأ هذا الطفل نشأة تنازعه فيها أهواء الحكومة وقوانينها المختلفة، وآثر أن يبدأ طفله خطواته الاولى في المشي من بلاد الغرب حتى يكتسب الكثير من الانضباط ولاالتزام والانتشار العالمي.

لنعد الى قانون المطبوعات والنشر الذي أقول – ربما كان وراء هجرة أيوب- وبعض من اخوانه، الذي بت أسمع ويسمع غيري عنه أقاويل وكلام كثير من طرفين هما من أطلق على نفسه المتضرر من هذا القانون وبين الحارس عليه. فالمتضررون يشتكون من إعاقته لعمل الصحفي ووسائل الاعلام سواء المحلية القائمة أم التي تنوي الهجرة الينا أو من يملكون ملايين الريالات وينوون الدخول في استثمار أموالهم في " بزنس" وسائل الاعلام، وكيف أن هذا القانون بات البعبع الذي يقض مضجع الاعلام ووسائله بمواده القديمة التي عفى عليها الزمان والتي ترجع الى سبعينيات وثمانينات القرن المنصرم. في حين أن حراسه والساهرون على تنفبذه من وزارة الاعلام والمدافعون عنه  يقولون بأن القانون لا يقيد أبدا حرية الصحفي والصحافة وإن بنوده ومواده – وإن كانت قديمة – ما جاءت الا لحماية وسائل الاعلام نفسها وصحفييها، وإن النية موجودة لتعديل بعض تلك البنود التي تتعلق بحرية التعبير وتسهيل وتبسيط الاجراءات.

لن أردد كلام المسؤولين في وزارة الاعلام من أن القانون لم يسجن ولو صحفيا واحدا أو يحاسبه في محاكم الدولة، ولكنني أتحدث عن تجربتي القصيرة في الكتابة في وسائل الاعلام من أنه لم يحدث في يوم ما أن سُئلت من جهة أمنية أو مدنية عما أكتبه وأنشره إلا إن كان ما ينشر لا يسمن ولا يغني من جوع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع