التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لنحلم بمكتبة كبرى



       كلما فتحت هذه الأيام صفحة الفيسبوك أجدها مليئة بأخبار حملة يقوم بها مجموعة من الأصدقاء المتطوعين، أطلقوا عليها اسم " كتاب في كل يد" وتهدف كما نشر عنها إلى تشجيع الأطفال على القراءة من خلال استضافة بعض الكتاب والأدباء لقراءة بعض القصص للأطفال وتشجيهم في ذات الوقت على سرد وكتابة قصصهم بأنفسهم.


مثل هذه الحملة وغيرها من الحملات مثل ( مبادرة مدينتي تقرأ ) وغيرها لم تنتظر المد الحكومي لدعمها، بل بادرت بنفسها في تشجيع المجتمع على العودة إلى الكتاب والقراءة بطرق مختلفة منها المحاضرات الثقافية والكتب المستعملة وغيرها من وسائل التشجيع وبالطبع لم تكن لديها ميزانيات مفتوحة تصرف على الحفلات والمدعوين والهدايا كما يحدث في حملات الحكومة المفتوحة التكاليف.


هذه الحملة تتقاطع في فعالياتها مع إقامة معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يطل علينا مرة كل عام لنتزود منه بما نرغب من كتب ومراجع نبقى بعدها في فترة جفاف ثقافي حتى يأتينا مدد آخر في عام آخر.


للأسف الشديد، أقول للأسف أنه لا يوجد معين آخر يمكن أن يروي ظمأ المتعطش للقراءة والكتاب غير هذا المعرض، فما دونه تبقى هنالك مكتبات مبعثرة تائهة بين تقديم الكتاب والقرطاسية تحاول أن تلملم خسائرها من بيع الكتب بقرطاسيات تباع لطلاب المدارس، ومع هذا إلا أن الكثير من هذه المكتبات لا يقاوم طويلا في زمن الجفاف الثقافي.


من هنا تبرز الحاجة إلى إنشاء مكتبة كبرى على أرض السلطنة تكون معلما من معالمها الثقافية ومنهلا ينهل منه طلاب العلم والمعرفة والثقافة خصوصا وأن هذا العصر يوسم بأنه عصر العلم والمعلوماتية وعصر يتسابق فيه الجميع على العلوم بكافة أشكالها وأنواعها، بل وحتى أصبحت اقتصادات الدول تقوم عليه بما اصطلح على تسميته "باقتصاد المعرفة" الذي يقوم على تسخير العلم لجلب المال وهو ما قامت به كثير من دول العالم ونجحت في أن تكون المعرفة رافدا من روافد الاقتصاد حالها كحال الثروات والصناعة والتجارة والسياحة .. الخ.


دعونا نحلم بأن يكون لدينا مكتبة عامة في عمان يتحدث عنها الجميع في شرق الأرض وغربها حالها كحال دار الأوبرا السلطانية التي ملأت أصواتها ومعزوفاتها أسماع العالم أجمع، لنحلم بأن يكون لدينا مكتبة كبرى تكون هي الأخرى معلما من معالم عمان يقارننا بها العالم بمكتبات العالم الكبرى مثل مكتبة الكونغرس أو مكتبة الإسكندرية أو المكتبة البريطانية أو غيرها من مكتبات أوربا والعالم المتقدم ولتكون دليلا قويا على حب وتقدير هذا الشعب وقيادته للعلم والمعرفة ولتكون هذه المكتبة نواة لتعليم أبناء عمان وأطفالها المعرفة والعلوم كما تفعل اليوم بعض الحملات والمبادرات الفردية لتشجيع القراءة..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع