التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بحث عن مستحيل




عنوان عمودي هذا اقتبسته من عنوان فيلم عماني سيحتفل بتدشينه قريبا، ولكني لم أقصد هنا في المقام الاول الإشارة إلى الفيلم وعنوانه وقصته ونجومه بقدر ما عنيت أن البحث عن الفيلم العماني بات بحثا عن مستحيل.

خلال هذا الشهر أعلنت الجمعية المشرفة على إنتاج الأفلام والسينما والدراما في السلطنة وأعني بها الجمعية العمانية للسينما عن تنظيمها للدورة السابعة للمهرجان وبدء استقبال طلبات الاشتراك لمن يرغب في عرض انتاجاته السينمائية والدرامية في هذا المهرجان. ومنذ إنشاء الجمعية والمهرجان لم نحضى نحن كجمهور سوى بفيلم سينمائي يتيم هو فيلم " البوم" الذي لا يزال يغرد بمفرده في سماء السينما العمانية بعدها توقفت كل الطموحات وانتقل المهرجان من مهرجان للسينما إلى مهرجان للأفلام القصيرة والوثائقية تعرض فيه تجارب الشباب الذي يحاول إنتاج أفلام قصيرة يفتقر الكثير منها إلى الأسس الصحيحة لإنتاج هذه الأفلام، حتى الأفلام الوثائقية التي ركن إليها المهرجان باعتبارها رديف للسينما لم نرى من يمتهنها ويحترفها سوى التلفزيون الذي هو أولا وأخيرا مؤسسة حكومية لديها القدرة على تمويل وإنتاج مثل هذا النوع من الأفلام.


هي فعلا البحث عن فيلم عماني بات بحث عن مستحيل؟


قد يكون الجواب بنعم بسبب أن الكثير ممن يعنيهم الأمر يعتبرون أن السينما لا تزال ترف زائد ولا يجب التركيز عليه، بل إن التركيز يجب أن ينصب على الأولويات الأساسية في البناء كتشييد الطرق والكهرباء والصحة والتعليم وإنفاق الأموال يجب أن يكون لهذه الخدمات بدلا من إنفاقها على فيلم يعرض لمدة ساعة وهو أولا وأخيرا يعرض فقط للتسلية والترفيه في أوقات الفراغ.


قد يكون في هذا الأمر بعض الصحة لا سيما وان الإنتاج السينمائي بات مكلفا جدا مقارنة بالانتاجات التلفزيونية الأخرى ، وقد تعادل كلفة إنتاج فيلم سينمائي محترف كلفة سفلتة شارع أو توصيل تيار كهربائي لمنطقة نائية.

هذا إذا سلمنا بأن من يقوم بهذا الدور هو الحكومة فقط التي في غالب الأحيان وفي معظم دول العالم لا تتدخل في موضوع السينما سواء بالتمويل أو بالإنتاج وتترك المجال مفتوحا لمن أراد أن يستثمر وهي تسن التشريعات والقوانين التي تكفل جذب الاستثمارات وتنميتها وإزالة العراقيل التي تعترض تنمية وارتقاء هذه الصناعة.


ملف السينما في بلادي صار متخما بالكثير من الاوراق التي يتقاذفها ممن يعنيهم أمره ويلقي كل فرد فيه بالمسؤولية على الآخر، الكل ينتظر الفرج ممن عنده الفرج ليبقى هذا الملف مغلقا لحين اكتمال أوراقه.

لنرجع إلى موضوع فيلمنا الرئيس وهو الفيلم العماني " بحث عن مستحيل" الذي أنهى المشرفون عليه – وهم بالمناسبة – أفراد مجتهدون تدعمهم بعض الشركات الصغيرة فقط في مجال الإنتاج، أنهوا عمليات المونتاج والمكساج ليكون جاهزا للعرض والتدشين قريبا جدا ليضيف رقما جديدا لقائمة الأفلام السينمائية العمانية.


أمنية لكل من يعشق السينما بأن يرى كل عام مبادرة كمبادرة هذا الفيلم لمحاولة كسر البحث عن المستحيل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع