التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تلفزيون الحارة


  ظاهرة جديدة بدأت من مصر ومؤهلة لان تغزو باقي العالم، فكرتها بسيطة جدا اخترعها المواطن المصري البسيط لمشاهدة القنوات الفضائية بأقل تكلفة مالية، بدأت من الحارة والأزقة الشعبية وبدأت في الانتشار وباتت اليوم تشكل ظاهرة جديدة في الإعلام وهي ما أطلق عليه اصطلاحا " تلفزيون الحارة" وبدأت الأجهزة الحكومية في مراقبة ومصادرة " قنوات الحارة" لما باتت تمثله من خطر وفورة على تقاليد الإعلام التقليدي. لنقترب قليلا من هذا التلفزيون ونتعرف على بداياته وانتشاره حتى صار الكثيرون يفضلونه عن القنوات الفضائية المبثوثة على الأقمار الصناعية المتعارف عليها.
الفكرة ابتدأت بما عرف بفكرة الدش أو التلفزيون المركزي، شبيه بما هو تقوم به الفنادق والقرى السياحية من توصيل مجموعة من القنوات الفضائية المختارة إلى عدد كبير من الغرف، بحيث يتم توزيع مجموعة من القنوات الفضائية على بيوت الحارة التي يمكن أن يصل عددها إلى مئات البيوت وبدأ أصحاب هذه الفكرة بأخذ مبالغ مالية نظير الاشتراك في تلك الخدمة بدلا من شراء جهاز دش أو ريسيفر خاص.
طور القائمون على هذه التقنية من أفكارهم وبدوا في اختراع ما أطلقوا عليه " قناة أو تلفزيون الحارة" فكرته نفس فكرة التلفزيون المركزي باستخدام جهاز الكمبيوتر في تخزين المواد المصورة ومن ثم بثها عن طريق أسلاك ممدودة عبر المنازل والبيوت بحيث يمكن لأي مشترك في الحارة مشاهدة ما يتم بثه من تلك القناة وبكل وضوح.
بدأت قناة الحارة في التطور والانتشار بحيث بدأ القائمون عليها وهم ملاك تلك القنوات في إدخال عناصر الترفيه والتسلية فيها من خلال بث بعض الأغاني الشعبية التي لا يمكن عرضها على الفضائيات العادية، وبث المناسبات الاجتماعية كالأعراس والأفراح وأعياد الميلاد وبعض الأفلام والمسرحيات التي يصنعونها بأنفسهم وبث مباريات الحارة الرياضية بالإضافة إلى بث إعلانات تجارية شعبية من داخل الحارة كمحلات الحارة الصغيرة ومقاهيها ومطاعمها وما فيها من حركة تجارية حتى أصبح صاحب عربة الفول يقدم إعلاناته عن طريق تلك القناة.
أصحاب " قناة الحارة" فكروا في استغلالها تجاريا وبدوا في التعاقد مع "أصحاب  البزنس" في الحارة لتصوير إعلاناتهم التجارية وبثها في قنواتهم التي باتت تحمل هوية وشعارا محددا لها مشاهدوها ومتابعوها وراصدوها وبدأت تلك القنوات في جني الربح المادي من قنواتهم، ووصل الأمر بأن يعرف المواطن البسيط نفسه بأنه "صاحب قناة فضائية شعبية" .
باتت تلك القنوات تمثل أرقا للحكومات والجهات المنظمة لعمليات الاتصالات بسبب عدم خضوعها لأي قانون سواء قانون البث أو قانون الاتصالات وإنما هي قنوات عشوائية يبثها ويستقبلها أهل الحارة، ولكن ما زاد من خطورتها أن الحكومة باتت غير قادرة على التحكم فيما يبث في تلكم القنوات وعدم القدرة على مراقبتها أو التحكم فيها، الأمر الذي يمكن أن يساء فيه استغلالها من قبل الكثير من الجماعات والحركات من خلال تسييسها لتلكم القنوات.
فكرة المواطن الصحفي كانت مقتصرة على المواطن العادي يقوم بإنشاء مدونة الكترونية خاصة له أو من خلال ما يكتبه على شبكة الانترنيت ولكن يبدو أن دائرة هذا المواطن الصحفي قد توسعت كثيرا لتشمل مجال التلفزيون ويمكن أن يتسع هذا المصطلح ليسمى "المواطن الإعلامي".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع