التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أقصر طريق للشهرة




في زماننا كانت أمنية الشخص منا أن يصبح طبيبا أو مهندسا أو طيارا أو مهنة يتفاخر بها بين أقرانه حتى وإن كان نصيبه من الذكاء لا يساعده إلى الوصول إلى شهادة الثانوية العامة آنذاك، واليوم عندما تسأل نفس السؤال إلى الجيل الحالي فإن إجابته ستكون وبدون تردد أمنيتي أن أكون مغنيا أو ممثلا ويتساوى في ذلك من رزق ذكاء ومن لم يرزقه.



لعل أقصر الطرق للوصول إلى المجد والشهرة هي بطرق أسهل الأبواب والوقوف على ناصيتها ومن يحالفه الحظ فإن هذا الباب سينفتح في وجهه ويدخل إلى عالم الشهرة والمجد والثروات الطائلة، أما من أقفل في وجهه هذا الباب فإنه سيعود خائبا ويحاول طرق أبواب أخرى أكثر سماكة وأقوى من الأبواب الأولى.


أبواب الشهرة والمجد التي يطرقها الكثيرون هي ببساطة أبواب السماوات المفتوحة والإعلام المتحرر، فمن عرف الطريق إلى هذه الأبواب فإنه سيصل بسهولة كبيرة، أما من ظل طريقه فإنه سيتوه في عوالم هذه الدنيا.


سألت فنانة ممن امتهن الغناء حرفة لهن عن أقصر الطرق إلى الشهرة، فأجابت وبدون تردد: إنه التلفزيون فهو الطريق الأقصر إلى الشهرة، حيث تستطيع الوصول إلى الشهرة بسهولة شديدة لا تتطلب منك الكثير من الجهد، فبظهورك على شاشة التلفزيون يمكن أن تصبح نجما أو نجمة ويتهافت عليك الجميع ليطلب ودك ويحوز على رضاك.
أسترجع قصة تعزز ما قالته تلك الفنانة حكاها صديق لي من أن مكالمات هائلة انهالت على هاتفه النقال بمجرد أن ظهر في يوم من الأيام على شاشة التلفزيون، ومن لم يتصل به للتهنئة على ظهوره اكتفى بإرسال رسالة نصية تؤكد مشاهدته فضائيا. يرجع سحر التلفزيون كونه يدخل للبيوت بغير استئذان من أصحابها فهو ضيف مرحب به أينما حل وارتحل لا يرده أحد ولا يقوى على مفارقته أحد وكما قال أحدهم إن هذا العصر هو عصر التلفزيون وإن الحياة بدون تلفزيون تصبح حياة لا تطاق.
منذ أمد طويل وشاشة التلفزيون هي أقصر طريق إلى الشهرة، ولكن مع كثرة قنوات الفضاء كثر عدد النجوم وكثر عدد الطالبين للشهرة، منهم من يسعى لها سعيا حثيثا ومنهم من تأتيه على طبق من ذهب وتعرض عليه أن يكون مشهورا، ويبقى الأمر متروكا لمن يشاهد هذا التلفزيون في تصنيف من يشاهده هل يضعه في خانة المشاهير أم في خانة الراقصين.






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع