التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في بلاط صاحبة الجلالة


http://2015.omandaily.om/?p=220062عرش صاحبة الجلالة مهدد بالزوال، عبارة أنذرنا وحذرنا بها من أتى لاحقا للتربع على عروش ليس لها رسوخ في الأرض وإنما امتدادها ونموها يبدأ من الأرض ليرتفع عاليا إلى السماء ثم يتلاشى ويتبخر ويتفتت إلى قطع وأشلاء صغيرة لا نفع منها لا للبلاد ولا للعباد.
نعم نعترف أن عرشنا مهدد ولكنه ليس إلى زوال، عرش صاحبة الجلالة سيبقى ما شاء الله له أن يبقى والقائمون عليه سيبقون مخلصين له متفانين في خدمته ملتزمين بأصول وفنون وأخلاقيات وقيم العمل حتى وإن كان هذا العمل هو بحث عن المتاعب.
عشت دهرا ليس بالطويل في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة، فأنا لم أعاصر أو أعان ما عاناه الأوائل من تعب وضنك وجهد المهنة الصحفية التي كانت تتطلب جهدا في الحصول على الخبر والمعلومة وبذل جهد أكبر في التحرير والتنقيح والتدقيق والتعديل والجهد المضاعف بعد ذلك في التنضيد والرسم والتبويب والطباعة، حيث كانت كل تلك الوسائل والى عهد قريب بدائية تعتمد على الجهد البشري أكثر من اعتمادها على التقنية الحديثة.
اليوم تبدلت كثير من الأمور وحلت الآلة محل الإنسان وأصبح جهد التحرير والطباعة والتوزيع أقل مما كان عليه، حتى عادات القراءة لدى القارئ تبدلت ورغباته اختلفت عما كانت عليه في السابق، وبات اللجوء إلى بدائل أخرى في استقاء الخبر والمعلومة يمتد إلى آفاق ووسائط أخرى بدأت في منافسة صاحبة الجلالة التي صنفها البعض بأنها رجعية ونعتها آخر بأنها تقليدية ورماها ثالث بالتواطؤ ورابع بالتبعية وهددها البعض بزوال سلطتها وقرب انتهاء عصرها الذي دام لقرون عدة من دون منافس له.
ومع كل ما سمعناه وقرأناه وعايشناه من محاولة اغتصاب عرش الصحافة، إلا أنها لا تزال صامدة في وجه كل التحديات ولعل أولها هو تحدي الثقة والمصداقية فيها وفي كل ما تبثه وتنشره لقارئها الذي هو رأس مالها وهو الحكم والفيصل في كل هذه المعارك، حيث قال هذا القارئ كلمته في استطلاع أجراه المركز الوطني للإحصاء حول ثقة المواطن العماني في وسائل الإعلام المحلية المختلفة وتوصل فيه إلى أن الصحف والمجلات الورقية المطبوعة لا تزال تحتل المرتبة الأولى في المصداقية في نشر الخبر والمعلومة عند القارئ، تلتها الإذاعة العمانية ومن ثم التلفزيون وفي ذيل القائمة جاءت مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات وما شاكلها من فضاءات لتكون أقل وسائل الاتصال والتواصل ثقة وتصديقا لدى المواطن عند استقائه الأخبار والمعلومات.
هذا الاستطلاع أدخل السرور والبهجة في نفس كل صحفي تلطخت يداه بأحبار الطباعة وأقلام الحبر وسهرت عيناه لتحرير الأخبار وكلت قدماه من المسير لتغطية حدث هنا وخبر هناك وخارت قواه من الوقوف أمام آلات النسخ والقص واللصق وتعبت عيناه من السهر طوال الليل بانتظار ولادة  النسخة الأولى من جريدة تصدر كل يوم لتصل إلى القارئ قبل أن يصحو ويبدأ بتناول فنجان قهوته في الصباح الباكر.
شكرا لكل قارئ أعاد الثقة إلى صاحبة السلطة ولكل عامل في بلاط صاحبة الجلالة.
عبدالله بن سالم الشعيلي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع