التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موظف حكومي متغطرس


  


   أعرف أن عنوان هذا المقال سوف يثير غضب الكثير من موظفي الحكومة لا سيما من لهم علاقة مباشرة بخدمة الجمهور، فواقع الحال المعاش على الارض يقول  أن الكثير من موظفي المؤسسات الحكومية الخدمية " يتفنن" في ممارسة صلاحياته الممنوحة له على المراجع البسيط الذي لا يملك إلا أن يقول " إنشاء الله، اذا كان القانون يقول ذلك".

لا أرغب في استخدم كلمة أن "الموظف الحكومي يتفنن في إذلال المراجع" بشتى الطرق التي يوجد لنفسه فيها ثغرات قانونية والتي لا يوجد، وإنما هو يفتي بذلك من تلقاء نفسه، فقط ليرضي غرورا داخليا بأنه صاحب سلطة ويجب أن يمارسها على المراجعين.

كثيرة هي الامثلة التي أسمعها من أصدقاء عن ممارسات لموظف متغطرس لم يقابلهم بابتسامة أو ينظر اليهم وجها لوجه أو يستمع الى مطالبهم أو يبادلهم أطراف الحديث أو حاول التسهيل عليهم في بعض الامور أو سمعوا منه كلاما حلوا عذبا، بل إن العكس هو ما يحصل دائما فهو إما أن يكون منشغلا طوال وقته بهاتفه النقال أو يرد على رسالة قصيرة أو يتأفف من كثرة المراجعين أو يتحدث بضيق عن حال مؤسسته وحاله التي هو عليها، أو أن الملل قد نخر عظمه من رتابة ما يقوم به كل يوم فهو وكما يقول المثل " ما له بارض" في أسئلة المراجعين واستفساراتهم ومعاملاتهم.

مثل هؤلا يرفضون التغيير، ويرفضون مجاراة التقنيات الحديثة التي جاءت لخدمتهم والترويح عنهم، يرفضون الدعوات الموجهة لتبسيط الاجراءات وتسهيلها على المراجعين، بدعاوى كثيرة أبسطها أن استخدام التقنيات الحديثة في انجاز وتخليص معاملات المراجعين بحاجة الى جهد أكبر من الجهد الذي يستغرقه حضور المراجع بشخصه الى مقر عمل ذلك الموظف.

بيننا وبين تبسيط الاجراءات في المعاملات الحكومية بون شاسع. الخطوات المتخذة في هذا الخصوص لا تزال تحبو وتراوح مكانها، تتحرك قليلا وتقف كثيرا، ويقف وراء ذلك كله نوع من هؤلا الموظفين الذين يحاربون تبسيط هذه الاجراءات ويتلذذون في إبقاء تلك المعاملات بنظامها التقليدي.

من الملام في وجود مثل هؤلا في مؤسسات الدولة؟

قد تشير الاصبع الاولى في تلك الملامة وكما جرت عادتنا في القاء اللوم أن نحمله لرب العمل لا الموظف الممارس لذلك العمل. وقد يكون في هذا جزء ولو بسيط من الصحة، فلو أشرف كل رب عمل الى ما يقدمه موظفه من خدمة لمراجع لوقف على جوانب القصور في تلك الخدمات ولعرف مواطن الخلل في ذلك الموظف. ولو حرص رب العمل على اشراك موظفيه في دورات فنون التعامل مع الجمهور لعرف ذلك الموظف قيمة المراجع والخدمات التي تقدم له.

الاصبع الاخرى تدين الموظف ذاته، فهو إن لم يكن أهلا للترحيب بضيوف مؤسسته فالأفضل له التنحي عن ذلك وإيكاله لغيره، ولكن دائما ما يتشبث مثل هؤلا الموظفين بتلك المناصب لان البعض منهم " يستنفع منها".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع