التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فستان أحلام



  

    سأبدأ مقالي هذا اليوم في كتابة خاتمته قبل مقدمته، فكما يقول المثل " الأمور بخواتيمها" ولا داعي لإزعاج أمثالكم ممن لا يزال يقرأ بكلام كثير لا طائل منه.


انتهى برنامج " عرب أيدول" الأسبوع الماضي بفوز متسابق أو متسابقة لا أعرف من هو ربما جهل أو عدم اكتراث مني بهذا الموضوع، فلجأت إلى محرك البحث "جوجل" ليعرفني بالفائز بهذا اللقب لأنني أنا المقصر في متابعة هذا البرنامج ومتابعة نجومه ومقدميه في حين أن الإعلانات والدعايات عنه كانت تملأ الدنيا كلها.


ما دفعني إلى الكتابة عن فستان أحلام هو السيل الهائل من رسائل الواتس آب التي كانت ترن كل حين ومن كل حدب وصوب مستنكرة المبلغ الذي صرف على هذا الفستان وكيف أنه يمكن أن تعتاش عليه الأمة العربية لشهور عدة في حال صرف على بعض الدول التي تعاني من أزمات في الغذاء أو أزمات في السياسة. فقررت البحث عن هذا الفستان ورؤيته ومتابعة هذا البرنامج الذي صرفت عليه ملايين الريالات والدولارات.


خلال بحثي لم ألتفت كثيرا إلى من فاز باللقب وتوج على عرش الطرب العربي، ولكن ما لفت انتباهي هو الضجة التي صاحبت الإعلان عن سعر وقيمة الفستان وعدد المصوتين بالرسائل القصيرة والمبالغ المالية التي ذهبت إلى خزينة القناة التي عرفت بذكاء شديد كيف تدير هذا البرنامج.


إن صحت الأرقام المنقولة والمنشورة على شبكة الانترنيت والهواتف النقالة من أن قيمة هذا الفستان المطرز بالألماس بلغت مليون وثلاثمائة ألف ريال سعودي، وان عدد المصوتين في الحلقة الأخيرة فقط لهذا البرنامج بلغ 34 مليون صوت ولو اعتبرنا أن كل رسالة نصية بدولار واحد فقط، وبحسبة بسيطة يجريها طفل صغير يكون المبلغ 34 مليون دولار في ليلة واحدة !.


لم أتفاجأ كثيرا بهذه المبالغ، لأنني أعرف ومتيقن من أنها ربما تكون أكثر من ذلك في مثل هذه البرامج التي تقدم الفن والغناء والرقص وتخاطب الشباب وتستحثهم على المشاركة فيها بجيوبهم وأجسامهم لا بعقولهم.


سأسرد لكم موقف عشته قبل يومين مع مجموعة من طلبة إحدى الكليات كنت في استضافتهم. ورد في إحدى النقاشات اسم " الزياني" في خبر يخص القضية السورية، فعندما سألت الطلبة من منكم يعرف من هو الزياني هذا؟ جاءت الإجابات مختلفة فمنهم من قال معارض سوري ومنهم من رد بأنه من الحكومة السورية، ومنهم من قال لا نعرفه، عندها سألتهم من الذي يغني " بحبك آه" فجاءت إجابات الطلبة كلهم وبلسان واحد نانسي عجرم. فتجرأت وسألت سؤالا غيره عن أمين عام الأمم المتحدة فأجاب أحدهم بأنه بان كي مون فهو حفظ الاسم لأنه يذكره ب " بوكمون".


هذا حال شبابنا، وقد لا يلام فيما يذهب إليه من اهتمامه بالفن والفنانين ومن على شاكلتهم لان لكل جيل عنوانه وعنوان هذا العصر هو الفن الذي هو يأتينا من كل حدب وصوب عبر الفضائيات ووسائل الاتصال المختلفة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع