التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طلاق

في هذه الدنيا الواسعة الكثير منا يرغب في الطلاق والتخلص من الآخر الذي يعكر عليه صفو يومه وهدوئه واستقراره فيلجأ إلى انخاذ قرار الطلاق ليفك الارتباط بينه وبين من عكر عليه صفو حياته.

لا يندرج في مقالي هذا فقط الطلاق المتعارف عليه بين بني البشر وهو طلاق الرجل لزوجته أو طلب المرأة الطلاق من زوجها فهذا كثير الحدوث ونسمع عنه كل ساعة، ولكن ما عنيته بالطلاق هنا وكما ورد في لسان العرب بأن الطلاق يعني التخلية والإرسال، فأنت تتخلى وترسل وتطلق كل ما لا يتناسب مع هواك ومزاجك وكل ما خالفك في الرأي والصواب سواء أكان هذا الشيء زوجة أو وظيفة أو جهاز أو متاع خاص فكل ما تملكه ولا يتناسب مع ميولك فيوجب عليه الطلاق.
ومن هذا المنطلق نجد أننا نطلق أشياء كثيرة في حياتنا كل يوم فمرة نطلق صديقا ومرة نطلق وظيفة ومرة أخرى نطلق جهاز التلفزيون وجهاز النقال وفي أحيان ضيقة جدا نطلق شريكة الحياة.
قد نملك سرعة اتخاذ قرار الطلاق كما هو الحال في تطليق بعض الأشياء من حولنا، ولكننا لا نجد هذه السرعة في اتخاذ بعض قرارات الطلاق كما هو الحال في طلاق شريك العمر لأنه وكما يقال العشرة لا تهون إلا على الإنسان الهين، ومن يفكر في التخلي عن شريك عمره كما يتخلى وبكل بساطة عن جهازه النقال أو سيارته أو حتى وظيفته فإنه يصبح إنسانا غير مأمون الجانب وغير موثوق لأنه وبكل بساطة قد يفكر في طلاق كل الأشياء من حوله.
أصبح هذا المصطلح "الطلاق" شائعا ومستخدما في كل المحافل ويعبر عنه في كل الصيغ والعبارات فنسمع عن الطلاق السياسي كما في وسائل الإعلام التي باتت تستخدم هذا المصطلح، فالكثير من محرري الأخبار بات يستشهد بكثير من عبارات الطلاق مثل طلاق الشمال عن الجنوب أو طلاق بين طرفين مثل الحكومة والمعارضة أو بين طرفي الحكم، كما واكب هذا المصطلح التقنيات الحديثة في عالم التقنية والانترنت فنجد أن الكثير من المهووسين بالمواقع الاجتماعية ومواقع الدردشة يطلقها بعد أن يمل من تصفحها ليهجرها إلى أخرى، فمثلا هنالك من يطلق "الفيس بوك" ليذهب إلى حضن موقع آخر ليطلقه إلى غيره، وهكذا يكون الطلاق السيبيري أو كما يطلقون عليه طلاق أون لاين واقعا لا محالة، وهذا يذكرني بقصة أخرى وهي أن الطلاق بين بني البشر صار عن طريق الإيميل بأن يرسل المطلق إلى مطلقته بريدا الكترونيا يعلمها فيه بنيته تطليقها، أو كما استسهل البعض منهم إرسال رسالة نصية قصيرة تحوي صيغة الطلاق، أبعده الله عنا وعنكم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع