التخطي إلى المحتوى الرئيسي

روح رياضية

يوم كنا صغارا نلعب كرة القدم كانت الاثارة تأتينا عندما نسمع بخبر مباراة فريقنا مع فريق القرية المجاورة، كان الحماس يدب في أوصالنا ويتعتبر ذلك اليوم غير عادي فهو يوم الثأر الكروي من القرية المجاورة، ويصبح حديث الناس في ذلك اليوم في قريتنا عن تلك المباراة ولاعبي فريقنا الذي سيسحقون الفريق الخصم بكل قوة واقتدار.

في حال الفوز على الفريق الخصم فان المسيرات والاعلام والهتافات تملاْ الشوارع، وفي حال الهزيمة فان الرؤوس المنكسة والتحسر على الفرص الضائعة ومحسوبية الحكم هي سيد الموقف ذلك اليوم.

كنا لا نشعر بهذين الشعورين لو كان الفريق الخصم آت من مكان غير معلوم لنا في خارطتنا القروية، كنا نستمتع بالمباراة ونشجع فريقنا ولكن ليست بذلك الحماس الكبير، وكنا نتقبل الهزيمة وتمر مرور الكرام باعتبار أننا نتقبلها بصدر رحب وبروح رياضية عالية.

هذا الحال لم يكن ينطبق علينا نحن القاصين عن العالم، بل كل من يسكن على هذه الارض الكروية يشعر بنفس الاحساس والشعور. الجار والقريب منا نغار منه ونعتبره عدوا لنا ولا نقبل هزيمته لنا مهما كانت الظروف، والفوز يتيح لنا فرصة للتشفي والتعالي وتذكير الآخر باننا أعلى وأفضل وأقوى منه.

ما ذكرني بهذا الموقف خبر قرأته منذ أيام عن ترك زوجة مصرية منزل زوجها الجزائري عشية المباراة الفاصلة بين البلدين، فلم تنتظر هذه الزوجة التي تقيم في الجزائر مع زوجها نتيجة المباراة بل تركت منزل الزوجية بكل كرامة رياضية تحسبا لأي مشاجرات ستحصل بينهما في حال فوز فريق أيا من الزوجين.

لا أدري ماذا كانت هذه الزوجة ستفعل لو جلست بجانب زوجها تشجع منتخب بلادها الذي لم يوفقه الحظ في الفوز على غريمه الجزائري، لا أدري ماذا سيكون رد الفعل في ذلك الوقت، ولكنني أخمن من أنه لن يكون أقل مما سمعناه وشاهدناه عقب المباراة من عنف مارسه الفريقان ضد بعضهما البعض ومن إقدام بعض الجماهير المصرية الغاضبة على التوجه صوب السفارة الجزائرية في القاهرة واستدعاء مصر للسفير الجزائري.

دائما هذا هو حال كرة القدم بين الاشقاء، سبب في قطع روابط الصداقة وتشنج وكره وبغضاء وحقد، ولم نسمع في يوم أن كرة القدم كانت سفير سلام ووئام بين الدول لا سيما الشقيقة منها، ولكن نتمنى أن يعم السلام الكروي على ربوع كرتنا الارضية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها وإنما برس

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج

إجازة

صديق من الصين الشعبية التقيته بعد انتهاء عسل الإجازة السنوية سألني عن عدد أيام الإجازة السنوية التي يستحقها الموظف العامل في المؤسسة الحكومية في السلطنة فقلت له ببساطة شديدة هي تختلف باختلاف الدرجات والمسميات لكنها في الأغلب لا تقل عن شهر كامل، جحظت عيناه الصغيرتان أصلا من صدمة ما قلت فردد من خلفي شهر كامل؟ قلت نعم وهذا لصغار الموظفين فما بالك بكبارهم! فأردفت على جوابي سؤال له عن أيام إجازاتهم الصينية السنوية فأجاب بصوت خافت لا يكاد يسمع: هي لا تزيد عن العشرة أيام، فانتقلت الدهشة منه إليَّ فقلت بشيء من الانفعال عشرة أيام فقط! هذه لا تكفي حتى للذهاب إلى فنجاء التي هي قريبة من مسقط. زاد هذا اللقاء من شغفي للبحث في الإجازات السنوية للأمم والشعوب والقبائل فوجدت العجب في ذلك، فبعض الدول لا تقر قوانينها الحصول على أيام إجازة سنوية مدفوعة الأجر وأن رغب الموظف بذلك فسيتم خصمها من رصيده المالي كما تفعل ذلك الولايات المتحدة المتقدمة في كل شيء إلا في نسبة حصول موظفيها على إجازاتهم، حيث ينظر رب العمل والموظف ذاته في تلك البلاد القاصية إلى الإجازة على أنها ترف زائد لا داعيَ له ومن يسرف في التمتع