لم تستطع شيخه أن تحبس عبرة سالت من خدها عندما سألها أطفالها عن أبيهم وأين هو ومتى سيعود محملا بالهدايا كما وعدتهم فقد طالت غيبته هذه المرة، لم تمتلك إلا الصمت لتلوذ به فهي لا تجد جوابا شافيا لها ولأطفالها عندما تتذكر الحادث الأليم الذي وقع لزوجها عندما كان عائدا من عمله وكله شوق وحنين لرؤية طفليه ويخبرها بأنه اشترى هديتين متشابهتين لطفليه كي لا يغار كلا منهما، تتذكر شيخه آخر مكالمة تلقتها من زوجها قبل أن تتلقى بعدها بنصف ساعة فقط مكالمة أخرى من مركز الشرطة تفيد بان زوجها انتقل إلى جوار ربه بعدما خرجت عليه سيارة كانت تسير في عكس اتجاهه ولم يكن صاحبها يستطيع الرؤية فاصطدم بسيارة زوجها وأكملت المهمة سيارة أخرى من الحجم الكبير كانت تسير خلف سيارة زوجها فبقيت أشلاء جثة زوجها معلقة بين سيارتين.
أوردت إحصائية الحوادث المرورية الصادرة عن شرطة عمان السلطانية خلال فترة أسبوع من 7/2 وحتى 13/2 إن عدد حوادث السير التي وقعت خلال أسبوع واحد فقط في مختلف أرجاء السلطنة بلغ مائة وأربعة وثلاثين حادث سير خلفت ورائها خمسة وعشرين حالة وفاة ومائتين وتسعة وسبعين حالة إصابة، كل هذا في أسبوع واحد فقط وخلال شهر يناير بلغت نسبة الوفيات في حوادث السير اثنان وتسعون حالة وفاة.
لم تصدق عيني ولمن يستوعب عقلي هذه الأرقام خمسة وعشرون حالة وفاة خلال أسبوع واحد فقط ونحن نعيش في بلد حباها الله الكثير من الخيرات وتعد طرقاتها من أجمل وأفضل الطرقات في العالم ويعد الأمن والنظام والتمسك بقواعد الأمان لدينا من أفضل الدول وهذا بشهادة مني شخصيا وبمقارنة بين أنظمتنا المرورية وأنظمة الكثير من الدول الأخرى حتى المتقدمة منها، ولكن يبقى هنالك الكثير من العوامل التي تلقى على الكثير من السائقين ومستخدمي الطريق وهي الاستهتار وكأن السيارة التي يقودها والشارع الذي يمشي فيه ما هما إلا لعبة في يد السائق يحركها كيفما يشاء.
يبدو أن الأمر بحاجة إلى مراجعة أخرى ووقفة من جديد لقانون المرور وقواعده وأن تبحث شرطة عمان السلطانية مع الجهات الأخرى في تشديد الإجراءات على رخص القيادة والحصول عليها وتكثيف الدوريات وكاميرات المراقبة في كل شوارع السلطنة والبدء في حملات إعلامية للتوعية لمن لا يلق بالا لحوادث المرور المميتة.
لم تملك شيخه جوابا لسؤال طفليها هل تلوم زوجها أم تلوم الآخرين أم تلوم المجتمع أم إنها تلوم قوانين المرور المتساهلة في العقوبة مع المستهترين، قررت عدم لوم أي أحد ورفعت كفيها إلى السماء والدمعة تسيل على خدها وهي ضارعة إلى ربها أن يتغمد روح زوجها برحمته وأن يدخله فسيح جناته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات