قد يكون هذا العام هو عام الإفلاس ولا أعني هنا الإفلاس الشخصي فهذا والحمد لله نعاني منه منذ أزمان طويلة ولكن إفلاس هذا العام يشاركنا فيه الكبار من شخصيات مرموقة في المجتمع وشركات أقل ما كانت توصف به بأنها كانت عملاقة في حجمها واليوم أصبحت قزما بعد أن تلاشى أسمها وتكالبت عليها الديون وأجتمع حولها الكثيرون لينهشوا من لحمها ودمها فيما بقي آخرون تعتصرهم المرارة والحسرة على ما فاتهم من الخير.
أبرز الافلاسات في تاريخ هذا القرن قادته الولايات المتحدة وهي بالطبع قائدة الاقتصاد العالمي وما يحدث في أمريكا يتأثر به الجميع سواء في الجوانب الاقتصادية أو حتى السياسية ولعل خطاب الرئيس أوباما في القاهرة يعد أبرز مثال على القيادة الأمريكية للعالم حيث بدأ الكثير من الناس في تغيير وجهة نظره وتعامله مع سياسة الولايات المتحدة، ولعل إفلاس بنك ليمان برذرز كان البداية الحقيقية في لعبة الدومينو حيث تبعته الكثير من شركات التأمين الأمريكية والعالمية ومؤخرا سقطت القطعة الأكبر في هذه اللعبة وهي شركة جنرال موتورز التي تأسست في العام 1908 وقد يكون أصحابها قد أرادوا لها الإفلاس بعد إطفائها الشمعة المائة وواحد ولا ندري الدور القادم على من سيكون في مسلسل الافلاسات التاريخية.
قد يكون الإفلاس الذي يضربني كل آخر شهر هو بمثابة نعمة من عند الله لأنه يحميني من الكثير من الافلاسات المفتعلة التي يصاب بها الكثير من أصحاب الفلوس ولعل آخرها ما نطق فيه حكم العدل من الحكم بالسجن لثلاثة أعوام لصاحب منجم الوهم الذي زاد عدد ما كنزه في منجمه هذا على أكثر من واحد وثلاثين مليون ريال عماني وهو على ما أعتقد أكبر بكثير من الجواهر التي حصل عليها علي بابا من اللصوص الأربعين بعد أن سمع كلمة السر التي فتحت له أبواب المغارة " أفتح يا سمسم"، وقد تكون هذه الكلمة هي ذاتها التي فتحت الباب لصاحب منجم الوهم الذي ما أن قالها حتى بدأ الناس كلهم في أعطائه أموالهم ليحفظها لهم في المغارة.
ما يقلقني من أمر الافلاسات العالمية هو إفلاس الكثير من الصحف التي هي مصدر عيشي وعيش الكثير من الصحفيين أمثالي فانهيار الصحف يعني انهيار مهنتنا وبالتالي انهيار مصدر دخلنا الوحيد، ولعل ما أشعرني بالقلق الشديد الأنباء التي حملت إلينا خبر إفلاس أكبر مجموعة صحفية طبعا في الولايات المتحدة وهي مجموعة تريبيون وما تلاها من أفلاسات لأربع صحف أخرى وغيرها من الافلاسات الصحفية في مختلف أصقاع العالم، وأتمنى أن لا تمتد لعبة الإفلاس هذه إلى بلداننا العربية حتى لا نسقط مع آخر قطعة دومينو.
أعجبني حرص جمعية الصحفيين العمانية واستشرافها للمستقبل في تنظيمها لدورة تدريبية على مدى يومين في مجال " التجديد في المقال الصحفي" وان كان موضوع الدورة عن التجديد ولكن كان قصد الجمعية هنا هو التجديد في الصحافة حتى لا تبقى راكدة ويأتي عليها طوفان الركود والافلاس وتسقط كقطعة من قطع الدومينو الساقطة في هذا العالم.
نسأل الله أن يبقى لنا بلدنا بعيدا عن الافلاسات العالمية ونسأله كذلك أن يديم علينا صحفنا التي هي مصدر دخلنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات