أشعر بنوع من الفرح والسرور عندما أبدأ صباحي بتفقد بريدي الالكتروني، قد يزداد هذا الفرح سعادة وقد يرتد إلى نوع من خيبة الأمل كل ذلك يعتمد على مدى حجم الرسائل الواردة في صندوق رسائلي الالكتروني فمقدار الرسائل التي أتلقاها أقيس يومي فلو كان صندوقي متورما بالرسائل فان سعادتي تتضاعف وأبدأ في الانهماك في قراءتها والرد عليها، في حين لو كان الصندوق فارغا كما تركته فان يومي سيصتبغ بلون السواد وأفقد الرغبة في عمل الكثير من الأشياء.
تجربتي مع الرسائل وأعني بها هنا الالكترونية فقط لأنني لا أمتلك رصيدا كافيا من الرسائل الورقية ولم تكن هواية المراسلة كما كان يهوى ذلك كثير من أقراني تأسرني وما أذكره فقط إنني كنت أتلقى القليل من الرسائل الورقية في صندوق بريد أحد الأصدقاء هي عبارة عن فواتير كانت تطلب مني دفعها.
أعود إلى بداياتي مع البريد الالكتروني حيث كانت منذ فترة طويلة تمتد إلى العشر سنوات من الآن عندما قمت بإنشاء بريد الكتروني أقتصر على رسائل الإعلانات التجارية التي تأتي من بعض الشركات المتطفلة من هنا وهناك ومع ذلك كنت أجد فيها متعة شخصية تعادل متعة تصفح فواتير الهاتف في صندوق بريد صديقي.
اليوم، صار الجميع يمتلك بريده الالكتروني الخاص به بل ويمكن أن يكون لديه أكثر من بريد في أكثر من موقع الكتروني واحد مخصص للعمل والآخر مخصص للأصدقاء والثالث مخصص للدردشة والرابع مخصص للإعلانات والاشتراكات وتطول القائمة لتجد أن الشخص يصل إلى حد التشبع من كثرة البريد الوارد المنهال عليه من شرق العالم وغربه يهمل بعضه ويهتم بآخر.
يبقى لتصفح البريد مذاق ومتعة خاصة كل حسب طريقته فمنذ الأزمان القديمة تجد السلاطين والملوك كانوا يستمتعون بتلقي بريدهم سواء المنقول شفهيا من آخرين أو المكتوب على عظام الجمال وأوراق البردي حيث تظهر هيبتهم في الرد على هذا أو توجيه ذلك، كما أعطى البريد أهمية ومهابة خاصة للكثير من الناس فالمسئول يبدأ يومه في تلقي أرتال كثيرة من الأوراق فيبدأ في ممارسة سلطته فيمنع هذا ويعطي هذا ويقيم هذا ويشطب ذاك إلى أن تزول متعته بزوال الأكوام الكبيرة من الأوراق، كما يجد الكثير من الناس في مفتاح صندوق البريد خير صديق لهم فيلجئون إليه في كثير من الأوقات علهم ينجدهم برسالة أو ورقة أو مطبوعة أو حتى فاتورة تزيل عنهم كدر الحياة ورتابتها.
أجد متعتي الشخصية في بريدي الالكتروني الذي أنسى فيه العالم أجمع وأنا أحلق في فضاءات بعيدة لأطوف العالم أجمع من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه وأنا أمام جهاز صغير يطوف بي العالم لأنتهي من بريدي وأجد نفسي إنني لا زلت لم أبارح مكاني على أريكتي الصغيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات