قبل عامين أوقفت إدارة القمر الصناعي المصري النايل سات بث القنوات الفضائية التي تروج للسحر والشعوذة والتي كانت تبث على نفس القمر ويصل مداها إلى المشاهد العربي أينما كان من المحيط إلى الخليج.
قرار وقف بث تلكم القنوات جاء عقب مطالبات رسمية وشعبية من الجماهير العربية التي رفضت ذلك النوع من الدجل الذي تمارسه بعض القنوات الفضائية على الهواء بحجة أن الكثير من المشاهدين العرب هم بحاجة إلى تلك النوعية من البرامج التي يتعرفون فيها على حظوظهم وأبراجهم ومستقبلهم بحيث يقوم شخص يدعي انه شيخ فاضل بتفسير الأحلام وتعريف المتصلين بمستقبلهم وشريك حياتهم إلى غيرها من البدع الأرضية التي انتشرت فضائيا.
ولو رجعنا إلى الوراء قليلا لوجدنا أن هذه المهنة أي الشعوذة والدجل كانت تدر دخلا جيدا على ممتهنها ومحترفها من شيوخ الدجل وكان الناس يتسامعون عن هذا الشيخ أو ذاك عن طريق الأخبار والتوصيات من قبل الآباء والأمهات والأقارب ومع تطور التقنيات الحديثة في الاتصال والإعلام صار الكثير من المشايخ ينشرون إعلاناتهم على القنوات الفضائية والصحف والمجلات المسترزقة التي لا يعنيها أي ميثاق إعلامي أو شرفي بقدر ما يعنيها الربح المادي حتى لو كان ذلك على حساب المشاهد أوالقارىء.
كنت أعتقد بان موجة الدجل الفضائي قد انحسرت لكن إعلانا تجاريا في صحيفة محلية جعلني أعدل عن رأيي لأقول أن إغلاق قنوات الدجل والشعوذة كان من الفضاء الخارجي فقط لكنه موجود في فضائنا الداخلي المحلي وعلى الورق أيضا. الدجل الأرضي لا يزال موجودا على الورق والصفحات الإعلانية ولم تستطع الجهات المنظمة والمشرفة على الصحف والإعلانات التجارية المحلية من فعل أي شيء وكان الأمر لا يعني أحدا.
دعوني أقتبس بعضا مما نشر في الإعلان " خدمة الرسائل لتفسير الأحلام والفحص والعلاج القرآني، أرسل للهاتف المختص ما يلي ’أريد تفسير أحلامي أريد نموذج جلسة شفي فيها المبتلى مرئي أو صوتي" ويتذيل الإعلان بهذا الكلام "بالرغم من زحمة آلاف الطلبات فإننا نضمن بإذن ربي 1.في جلسة واحدة معاناتكم تنتهي 2. فعالية محونا القرآني3. علاج الأرق الليلي والغضب والخمول وما يحيرك من الربط والعقم والصرع والسحر والعين والمرض النفسي".
وفي إعلان آخر على نفس الصحيفة يقول لك شيخ آخر برسالة جوالك اكتشف بعض ما حيرك صحتك واهلك ومالك وزواجك ومضرة الجن لجسدك وعمار مسكنك".
وتطول قائمة ما اصطلحت الصحيفة على تسميته ب "طب" من وصفات لأعشاب طبيعية لعلاجات غريبة منها الضعف الجنسي للجنسين وتقوية… إلى علاجات السحر وتفسير الأحلام والقضاء على السمنة ولحياة جنسية سعيدة وغيرها من الوصفات التي كنا في يوم من الأيام نخجل حتى من ذكر اسمها أمام أصدقائنا واليوم باتت منشورة وعلى الصفحات الأولى من صحفنا المحلية.
ما أعتقده بانه لا توجد رقابة أبدا لا على صحفنا فيما تنشره من إعلانات ولا على الإعلانات نفسها ولا توجد هيئة مستقلة تشرف على إجازة الإعلانات التجارية في وسائل الإعلام ولا توجد رقابة من قبل الجهات الصحية على العيادات المعالجة بالأعشاب الطبيعية فالجميع صار رقيب نفسه ويتصرف على هواه والضحية هو المواطن الذي يعتقد إن ما ينشر في وسائل الإعلام هو أمر مشروع ومصرح به من قبل الحكومة.
لنقف مثل ما وقف الآخرون أمام فضائيات الدجل والشعوذة ولا ندع مجالا لصحافة الشعوذة أن تغزو دارنا وأتمنى لكم الشفاء...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات