أغاضني كثيرا إعلان تلفزيوني لا يزال يعرض على شاشات الفضائيات العربية يدعو الرجال من أمثالي إلى الاسترجال وكأنه يشكك في فحولة ورجولة كل مواطن عربي.
قصة هذا الإعلان تقول إن شخصيتك يكونها ما تشربه فإذا كنت تشرب ذلك الشراب الشعيري كما في الإعلان فأنت رجل، وإما إذا لم تتذوق بعد طعم ذلك الشراب فانك لم تصل بعد إلى مرحلة الرجولة والفحولة ويقدم لك هذا الإعلان نصيحة مجانية "إن كنت تريد أن تصير رجلا فعليك بشراب الشعير هذا فهو يمنحك الفحولة".
وكما أغاضني هذا الإعلان فقد أغاظ الكثير من الرجال أمثالي فهم ليسوا بحاجة إلى التدليل على رجولتهم حيث أن رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في مصر طالب الجهات المعنية بإزالة هذا الإعلان المنافٍ للذوق والآداب العامة والذي يتضمن كلمة "استرجل"، المنشور في كثير من الأماكن وعلى الجسور والكباري، وجاء هذا الطلب يعد أن ضاق رئيس هذا الجهاز ذرعا بالإعلان الذي يمر عليه يوميا عند ذهابه وعودته من العمل ويدعوه إلى الاسترجال.
إعلان آخر أثار حفيظتي يعرض على شاشات الفضائيات هو غزل صريح جدا ويعلم من لا دراية لديه فنون الإغواء والإغراء للشباب والفتيات، الإعلان هو لمنتج مزيل الرائحة وتبدأ قصته الغرامية بأن تعجب بنت بمزيل الرائحة لشاب يعمل في مطعم فتوم بكتابة رقم تلفونها على السندويش الذي تستلمه من الشاب العامل في المطعم.
دعوات صريحة لم تحققها الدراما ولكن استطاعت الإعلانات التجارية في الترويج لها بكل صراحة ووضوح.
هذه الإعلانات وغيرها التي لا يراعي فيها الذوق العام بدأت تغزو حياتنا ويتعرض لها الصغير والكبير وتمر مرور الكرام على الجهات المعنية بدون أن يبدي أي أحد أي اعتراض عليها وكأن حياتنا صار يحكمها المادة والإعلان يهيمن على وسائل الإعلام وتلاشى الفارق بين كلمتي الإعلام والإعلان ولم يعد الكثير من وسائل الإعلام تفرق بين الكلمتين طالما أن العائد المادي مغر.
يبقى أن العلاقة الجدلية بين الإعلام والإعلان تستدعي سن تشريعات ونظم وقوانين تنظم العلاقة بينهما من جهة وبين الجهتين والجمهور المتلقي من جهة أخرى، وتأسيس جمعيات أهلية لحماية المشاهد مما يعرض عليه في وسائل الإعلام وتشديد الرقابة على المواد الإعلانية كل ذلك بهدف تحقيق توازن في المجتمع بحيث يتمتع الجميع بحقوقه ولا يشعر في يوم من الأيام بان رجولته على المحك مقترنة بشراب شعير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات