من الصعب جدا الإقلاع عن شيء أدمنته إلا بعد خضوعك للعلاج ولمدة طويلة. ولكن هل ينطبق هذا القول على الإقلاع عن الإدمان السيبيري؟ وأقصد به هنا الإقلاع عن استخدام الانترنيت وتطبيقاتها ومواقعها وبريدها الالكتروني حتى وإن كان هذا الإقلاع لمدة يوم واحد؟.
ربما لا يوافقني في هذا الرأي الكثير من مدمني الانترنيت ويعتبرون أن الإقلاع عن التدخين مثلا أسهل عليهم من الإقلاع عن الانترنيت، لان دمائهم امتزجت وتشربت بالكثير من نيكوتين الانترنيت الذي نفث سمومه في كل خلية من خلايا الجسم فأصبح الإقلاع عنه أشبه بالموت السريع الذي يأتيك مرة واحدة ودفعة واحدة.
هؤلا المدمنون أنفسهم هم من يطالب اليوم بالإقلاع عن الدخول إلى أحد مواقع الانترنيت وأشهرها وهو موقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك" الذائع الصيت الذي لا يوجد -حسب اعتقادي الشخصي- كبير أو صغير إلا وقد حصل على عضويه دائمة فيه ليتواصل فيه مع أصدقائه وزملائه من كافة أقطار العالم.
لا زلت أذكر أول تعارف بيني وبين الموقع الشهير عندما التقيت بالكثير من الأصدقاء عبره وصرت أتعرف على كل الأخبار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأخبار النميمة والكذب وأخبار الحروب المستعرة بين الطوائف والملل وعراكات المواقع الالكترونية والتجسس والتطفل، كل هذه الأخبار صارت متاحة عبر الزملاء الافتراضيين الذين قد لا ألتقي الكثير منهم في الحياة ولكني التقيتهم مجتمعين في هذا الموقع.
من يبحث في تاريخ الموقع الذي ملئ الدنيا وشغل الناس يجد أن مصممه الذي كان طالبا في جامعة هارفارد أراد له أن يكون موقعا للتواصل الاجتماعي بين طلبة جامعته فقط ولم يدر في ذهنه أبدا أن يحقق موقعه الذي أنشئه في العام 2004 شهرة تخطت حدود العالم وصار أشهر موقع الكتروني على وجه الأرض حتى أن رؤساء الدول والحكومات صاروا يستخدمونه للترويج عن حملاتهم الانتخابية أو للإعلان عن إطلاق خدمات أو استراتيجيات أو وجهات نظر تخص الحكومات والدول فضلا عن الأفراد أنفسهم الذين اعتبروه أفضل وأقصر وسيلة للوصول إلى كل العالم.
معارك الفيس بوك لا تنتهي فما أن تظهر جماعة تختلف في رأيها عن جماعة أخرى حتى تهب تلك الجماعة بدعوة لمقاطعة الموقع إلى أن يقوم بإغلاق صفحة تلك الجماعة المسببة للضيق والريبة، ولعل أفضل مثال على ذلك الدعوة التي أطلقها مجموعة من الشباب لمقاطعة الفيس بوك حتى يتم إغلاق صفحة شخص أدعى الإلوهية أو جماعة أخرى طالبت بقطع علاقاتها مع الفيس بوك حتى تغلق صفحة معادية للرسول أو جماعة أخرى طالبت بهذه القطيعة حتى تعدل الشركة المشرفة على الموقع من سياستها تجاه خصوصيات المشتركين وغيرها من المقاطعات، ولكن يبقى السؤال هل فعلا يستطيع من أدمن على الفيس بوك الإقلاع عنه؟ أترك الإجابة للمدمنين.
تعليقات