لا أريد أن أكون متشائما من العام 2010 الذي بدأ نصفه الأول في مغادرتنا هذه الأيام، ولكنني أستحضر بعضا من تشاؤم المتشائمين الذين اعتبروا هذا العام عاما كبيسا على الأقلام التي انكسرت بانكسار أصحابها وارتفاع أرواحهم إلى الرفيق الأعلى.
خلال الستة الأشهر الأولى من هذا العام غيب الموت عنا أركان كنا نستند إليها في الثقافة والفكر والأدب والدين، وبرحيلهم انطفأ النور الذي كان ينير لنا حياتنا ويرشدنا إلى الطريق الصحيح في حياتنا المليئة بالكثير من التناقضات والفوضى والقليل من النور والمعرفة.
آخر الأقلام التي انكسرت وجف مدادها قلم الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة الذي اعتبره الكثيرون بأنه أب الدراما المصرية والعربية الحديثة ويؤرخ بعضهم للدراما بما قبل عكاشة وما بعده حيث غيبه الموت عنا ليلة الجمعة بعد صراع مع المرض تمكن من كسر قلمه وقضى على لياليه التي أمتعنا فيها بليالي الحلمية والمصراوية وضمير أبله حكمت وعصفور النار وأرابيسك وزيزينيا وغيرها الكثير من المسلسلات والأفلام والمسرحيات التي أبدعها قلمه الجميل.
غياب عكاشة سيترك فراغا كبيرا في الساحة الدرامية العربية ولعلنا نلمس هذا الفراغ ابتداء من شهر رمضان هذا الذي سيحل علينا بدون قلمه الجريء الذي يصور لنا التفاصيل الدقيقة في حياة المواطن المصري اليومية الذي يعيش في الحارات والأزقة والقصور الفخمة .
قلم آخر انكسر قبل قلم عكاشة هو قلم أديب مصري أيضا هو الراحل محمود السعدني الذي عرفناه كاتبا وأديبا وصحفيا ذائع الصيت عرف عنه كتاباته الجريئة والساخرة في نفس الوقت التي تنتقد بعض الأوضاع، اضافة الى مؤلفاته العديده في الرواية والقصة وأدب الرحلات.
كما كسر الموت قلم مبدع عربي آخر من المغرب العربي هو المفكر والفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري وهو أحد رواد الفكر العربي المعاصر واشتهر بعدد من المؤلفات الفكرية والفلسفية لعل أشهرها هو كتاب " نقد العقل العربي". وبغيابه انطفأت شمعه كانت تنير الدرب للكثير من الباحثين عن المعرفة والحكمة التي قد لا يهتدي إليها الكثير من الناس اليوم.
وقبل فترة وجيزة تكسر قلم الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الذي عرف بتقواه وورعه من خلال ترأسه لمشيخة الأزهر الشريف لمدة خمسة عشر عاما قضاها في خدمة الإسلام والمسلمين وعمل بجهد كبير على التقريب بين الأديان والمذاهب، وله أيضا العديد من المؤلفات في القرآن والسنة والفقه.
ليرحم الله جميع موتانا ويرزقنا أقلاما أخرى بدلا من الأقلام المتكسرة كي تنير لنا طريقنا في هذه الحياة الدنيا.
تعليقات