من طرائف ما يروى في موضوع السمعة الرقمية أن شابا تقدم
لخطبة فتاة وبعد أن تم السؤال التقليدي عنه وعن أصله وفصله وأهله طلب والد العروس
أن يبحث عن سمعة الشاب المتقدم لخطبة ابنته على الانترنيت ماذا يكتب في تويتر وفيس
بوك وما هي قناته على اليوتيوب وهل لديه مدونة الكترونية يكتب فيها وماذا يكتب
وغيرها من العوالم الرقمية التي أجلت قرار الموافقة على اختياره عريسا الا بعد
اجتياز اختبار السمعة الرقمية.
قد تكون هذه طرفة ولكنها في حقيقة الامر تعبر عن الواقع
الذي نعيشه وسيأتي اليوم القريب الذي يتم فيه البحث عن سمعة الشخص الالكترونية أكثر
من البحث عن أصله وفصله وحسبه ونسبه، حيث أن عالم المال والاعمال قد بدأ في تطبيق
هذا المبدأ وهو البحث الالكتروني عن سمعة وصيت من يتقدم لديها لشغل وظيفة معينة
فأصبح معيار التفاضل في الحصول على فرص وظيفية لمن تكون صفحته الالكترونية بيضاء
لم تدنس بأي قضية ولم يمسها أي تعليق خادش او تلحق صاحبها أية جريمة الكترونية.
ومع تنامي هذا الهاجس الذي بدأ يؤرق الشباب والمراهقين خوفا
على سمعتهم من أن يدنسها منشور أو تغريدة أو صورة أو مقطع لفيديو مخل قد يفسر
بأوجه عدة، اتجه كثيرون الى البحث عن أنفسهم في شبكة الانترنيت لتقييم سمعتهم
الالكترونية، حيث أظهرت دراسة أجريت في الولايات المتحدة أن أكثر من نصف مستخدمي
الانترنيت من البالغين أدخلوا أسمائهم في محركات البحث مثل جوجل وغيرها لتقييم
سمعتهم الرقمية وماذا كتبوا وكتب عنهم وكيف هي سمعتهم في عالم الانترنيت، وخلصت
الدراسة الى أن ادارة السمعة الالكترونية للافراد والمؤسسات على حد سواء أصبحت
اليوم سمة مميزة للحياة على الانترنيت.
هذا في العالم الغربي، أما في عالمنا العربي فلا زالت
السمعة الرقمية للشخص ولبعض المؤسسات ليست بذات شأن كبير باعتبار أن النظرة الى
عوالم الانترنيت لم تصل لدينا الى مرحلة النضج وأن استخدام الانترنيت لا يزال لدى
الكثيرين إنما هو فقط للترفيه والتسلية ومشاركة الصور الشخصية والفيديوهات ونشر
الاخبار الشخصية والعائلية وكتابة الخواطر، ولم يصل الوعي بأهمية المحتوى الرقمي
وطرق ادارته وامكانية استغلاله من قبل بعض المتطفلين والمخترقين والمبتزين والمراقبين
الباحثين عن ثغرات الكترونية لاستغلالها لتشويه سمعة الشخص أو ابتزازه أو ايصاله
الى ما لم يكن يتوقع أن يصل اليه بسبب تغريدة نشرها على صفحته أو صورة نشرها في
حسابه أو شارك منشورا ساهم في تشويه سمعة غيره أو نشر شائعة أو خبرا غير صادق.
بعد كل ما قمت به من بحث وتقص عن هذا الموضوع قررت أن أتأكد بنفسي من سمعتي
الرقمية وما نشرت أنا نفسي عن نفسي وما نشره الآخرون عني، فلجأت الى أحد المواقع
الالكترونية لأسألها عني ففوجئت أن كثيرين يتقاسمون معي اسمي فمنهم من أعطى للاسم
سمعة جيدة ومنهم من أنزله الى الحضيض ولكن فيما يخصني أنا ذاتي فلا زلت والى اليوم
ولله الحمد أتمتع بسمعة رقمية عالية لم يدنسها هاكر ولم يستغلها مخترق ولم يغرد
بها شخص بسوء والاهم من كل هذا وذاك أن سمعتي الحقيقية وليست الافتراضية هي - كما
أحسب – جيدة ولم تتعرض الى أي تشويه.
تعليقات