يقول المثل الصيني « يتمنى أن يصبح ابنه تنينا» وهو يضرب عادة ككناية عمن أراد لأبنائه أن يكونوا ذوي قوة ومنعة وحظوة وجاه وسلطان ولمن أريد لهم أن يكونوا ذوي حظ عظيم في الدنيا، ولهذا نجد الثقافة الصينية تصور التنين في شكل كائنات طويلة أفعوانية ذات قشور بأربعة أرجل ويشبه الصينيون أباطرتهم بالتنانين التي اتخذوها رمزا لسلطانهم ودليلا على قوتهم وجبروتهم.
استقبلتنا هذه التنانين منذ أن وطئت أرجلنا أرض الصين العظيمة ذات المليار وأربعمائة مليون نسمة يشكلون حوالي عشرين في المائة من سكان العالم لا يقارعهم في ذلك سوى الهند التي تأتي بعدهم بمليار وبعض كسور من الملايين من البشر، غير أن هذا التنين يفوق في قوته واقتصاده ونفوذه كل تنانين العالم التي تبدو صغيرة أمام هذا العملاق الصيني المتوثب الذي يحاول أن يقفز بجسمه اللدن على كل شبر من العالم.
في المطار الذي بدا خاليا من المليارات البشرية التي سكنت عقولنا قبل أن نصل إلى وجهتنا حيث لم نجد أو نرى تلك الأجسام المتراصة في طوابير كبيرة تتقدم خطوات بسيطة لإنهاء إجراءات سفرها، وإنما كان الأمر على عكس ذلك فالنظام كان سائدا في تلك البقعة من الأرض الصينية – وهذا على العموم هو حال كل الصين- النظام والأمن سائدان في كل مكان، وما أن تقدمنا باتجاه موظف الهجرة حتى توقفت الألسن عن الكلام وحلت محلها لغة الإشارة والابتسام والتمتمة بالكلمة اليتيمة التي تعلمناها من القاموس الصيني في الترحيب بكل من تراه « نيهاو» وهي ذات الكلمة التي رددها علينا ذلك الموظف الذي انشغل كثيرا بمقارنة أسمائنا وصورنا المطبوعة على جواز السفر مع صورنا الحقيقية الماثلة أمامه فهي كما قال مرشدنا الصيني لاحقا «بأنكم معشر العرب تمتلكون أسماء غريبة وطويلة لا يمكن لأحد أن يفهمها إلا بصعوبة بالغة».
صار حالنا في الصين كما شبهنا به المتنبي عندما قال « ولكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان» فنحن صرنا غريبي الوجه واللسان عن العرق الصيني لا نعرف كيف نتفاهم معهم فحصيلتنا من اللغة الصينية تعادل صفرا لا نستطيع حتى أن نلفظ كلماتها فضلا عن قراءة رموزها التي تصل إلى أكثر من ستة آلاف رمز، وبحسب بعض المواقع فاللغة الصينية مكونة من ستين ألف رمز يحتاج الشخص الصيني العادي إلى أكثر من ستة آلاف رمز للقراءة العادية أي لقراءة الجريدة في حين يحتاج المثقف أو الكاتب إلى أكثر من ذلك بكثير، وهذه اللغة لا تحتوي على أبجدية أو حروف كما في لغتنا العربية التي تصل حروفها إلى ثمانية وعشرين حرفا وفي الانجليزية ستة وعشرين حرفا ولكنها تحتوي على كلمات، فالرمز الواحد عبارة عن كلمة مستقلة ويكتب الرمز من اليسار لليمين، ومن أعلى لأسفل.
أنقذتنا مرافقتنا ومترجمتنا الصينية أمينة من مأزق اللغة الصينية والتحدث بها مرحبة بنا في الصين بلسان عربي مبين ومتمنية لنا إقامة سعيدة في بلادها وبرفقتها فهي ستكون الرفيق والمترجم لنا طوال الرحلة وهذا ما أراحنا وألقى بعض السكينة على قلوبنا من أن يدي أمينة سوف تتولى إفهامنا ما عجز الصينيون عن إفهامنا إياه وما نعجز نحن عن إيصاله وإفهامه للطرف الصيني الآخر.
بدأت أولى جولاتنا في العاصمة الصينية بكين من شوارعها التي كساها اللون الأخضر كاملا فأينما يممت فإن الأشجار والزهور والورود تحيط بك فلا تشعر إلا وكأنك في حديقة غناء لا تمل النظر إليها، فضلا عن نظافة شوارعها ونظام أهلها في المشي والعبور والوقوف، كل شيء في الصين يمشي بنظام جميل.
قطعت علينا فتاتنا الحسناء تأملنا في شوارع بكين وضواحيها معلنة لنا بأن أول زيارة تاريخية لنا في الصين سوف تكون للمدينة المحرمة، والتي كان وقع اسمها كفيلا بمسح آثار التعب والإجهاد البادية على وجوهنا وأجسادنا فتساءلنا كلنا هل هنالك من محرم في الصين؟ وما هو وجه الحرمة في هذه المدينة؟ وهل يجوز لنا نحن كمسلمين من زيارة المحرم؟ أسئلة أجابتها مرافقتنا ومترجمتنا بأن تلك المدينة كانت محرمة على الشعب دخولها أما اليوم فهي مباحة للكل أن يدخلها.
في المقال القادم سوف نستكمل رحلتنا إلى بلاد التنين الصيني.
http://omandaily.om/?p=359491
استقبلتنا هذه التنانين منذ أن وطئت أرجلنا أرض الصين العظيمة ذات المليار وأربعمائة مليون نسمة يشكلون حوالي عشرين في المائة من سكان العالم لا يقارعهم في ذلك سوى الهند التي تأتي بعدهم بمليار وبعض كسور من الملايين من البشر، غير أن هذا التنين يفوق في قوته واقتصاده ونفوذه كل تنانين العالم التي تبدو صغيرة أمام هذا العملاق الصيني المتوثب الذي يحاول أن يقفز بجسمه اللدن على كل شبر من العالم.
في المطار الذي بدا خاليا من المليارات البشرية التي سكنت عقولنا قبل أن نصل إلى وجهتنا حيث لم نجد أو نرى تلك الأجسام المتراصة في طوابير كبيرة تتقدم خطوات بسيطة لإنهاء إجراءات سفرها، وإنما كان الأمر على عكس ذلك فالنظام كان سائدا في تلك البقعة من الأرض الصينية – وهذا على العموم هو حال كل الصين- النظام والأمن سائدان في كل مكان، وما أن تقدمنا باتجاه موظف الهجرة حتى توقفت الألسن عن الكلام وحلت محلها لغة الإشارة والابتسام والتمتمة بالكلمة اليتيمة التي تعلمناها من القاموس الصيني في الترحيب بكل من تراه « نيهاو» وهي ذات الكلمة التي رددها علينا ذلك الموظف الذي انشغل كثيرا بمقارنة أسمائنا وصورنا المطبوعة على جواز السفر مع صورنا الحقيقية الماثلة أمامه فهي كما قال مرشدنا الصيني لاحقا «بأنكم معشر العرب تمتلكون أسماء غريبة وطويلة لا يمكن لأحد أن يفهمها إلا بصعوبة بالغة».
صار حالنا في الصين كما شبهنا به المتنبي عندما قال « ولكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان» فنحن صرنا غريبي الوجه واللسان عن العرق الصيني لا نعرف كيف نتفاهم معهم فحصيلتنا من اللغة الصينية تعادل صفرا لا نستطيع حتى أن نلفظ كلماتها فضلا عن قراءة رموزها التي تصل إلى أكثر من ستة آلاف رمز، وبحسب بعض المواقع فاللغة الصينية مكونة من ستين ألف رمز يحتاج الشخص الصيني العادي إلى أكثر من ستة آلاف رمز للقراءة العادية أي لقراءة الجريدة في حين يحتاج المثقف أو الكاتب إلى أكثر من ذلك بكثير، وهذه اللغة لا تحتوي على أبجدية أو حروف كما في لغتنا العربية التي تصل حروفها إلى ثمانية وعشرين حرفا وفي الانجليزية ستة وعشرين حرفا ولكنها تحتوي على كلمات، فالرمز الواحد عبارة عن كلمة مستقلة ويكتب الرمز من اليسار لليمين، ومن أعلى لأسفل.
أنقذتنا مرافقتنا ومترجمتنا الصينية أمينة من مأزق اللغة الصينية والتحدث بها مرحبة بنا في الصين بلسان عربي مبين ومتمنية لنا إقامة سعيدة في بلادها وبرفقتها فهي ستكون الرفيق والمترجم لنا طوال الرحلة وهذا ما أراحنا وألقى بعض السكينة على قلوبنا من أن يدي أمينة سوف تتولى إفهامنا ما عجز الصينيون عن إفهامنا إياه وما نعجز نحن عن إيصاله وإفهامه للطرف الصيني الآخر.
بدأت أولى جولاتنا في العاصمة الصينية بكين من شوارعها التي كساها اللون الأخضر كاملا فأينما يممت فإن الأشجار والزهور والورود تحيط بك فلا تشعر إلا وكأنك في حديقة غناء لا تمل النظر إليها، فضلا عن نظافة شوارعها ونظام أهلها في المشي والعبور والوقوف، كل شيء في الصين يمشي بنظام جميل.
قطعت علينا فتاتنا الحسناء تأملنا في شوارع بكين وضواحيها معلنة لنا بأن أول زيارة تاريخية لنا في الصين سوف تكون للمدينة المحرمة، والتي كان وقع اسمها كفيلا بمسح آثار التعب والإجهاد البادية على وجوهنا وأجسادنا فتساءلنا كلنا هل هنالك من محرم في الصين؟ وما هو وجه الحرمة في هذه المدينة؟ وهل يجوز لنا نحن كمسلمين من زيارة المحرم؟ أسئلة أجابتها مرافقتنا ومترجمتنا بأن تلك المدينة كانت محرمة على الشعب دخولها أما اليوم فهي مباحة للكل أن يدخلها.
في المقال القادم سوف نستكمل رحلتنا إلى بلاد التنين الصيني.
http://omandaily.om/?p=359491
تعليقات