قبل أن أبدأ في اختيار عنوان هذه المقالة، سألت العارف بكل شىء ( جوجل) عن يوميات الموظف الحكومي فجاءتني نتائجه بآلاف الصفحات التي تحمل هذا العنوان، ولكني قررت قراءة أول عناوين منها.
الاول مقال يتحدث فيه كاتبه عن الموظف الحكومي ويكيل له القدح والذم – على اعتبار أن الكاتب ليس من تلك الفئة- والثاني أيضا كاتب يسخر من موظف الحكومة وعمله، وأيضا ينأى بنفسه من هذا الموظف ويبرأ من الوظيفة الحكومية براءة الذئب من دم ابن يعقوب. وحيث أنني موظف حكومي متبرأ منه ومما يقوم به من عمل فانني سوف أتحدث عن نفسي فقط ولا يعني كلامي الذي سأسرده عليكم أيا من موظفي الحكومة الاجلاء في أي موقع كانوا أو لاي جهة يعملون، فأنا موظف يصل الى دوامه بين الثامنة والثامنة والنصف صباحا أقضي الساعات الاولى منه في السلام على الاخوان والزملاء وأخذ العلوم والاخبار لانه يكون قد مضى علينا يوم كامل لم نر فيه وجوه بعضنا البعض ونختمها بالقهوة التي تزكم رائحتها الانوف، ويستمر هذا المسلسل بين القهوة وقراءة الجريدة وتصفح الانترنيت والفيس بووك والصلاة حتى انتهاء وقت الدوام قبل الساعة الثانية.
لن استغرق في سرد تفاصيل يومي في عملي الحكومي فأعتقد أن الكثير منكم قد شاهده على شاشات التلفزيون فقد أشبعته الافلام والمسلسلات المصرية نقاشا وقدمته لنا بأن الموظف المصري يستطيع انجاز أعماله وأعمال أولاده ومطبخه وبيته ونومه وأكله وشربه في مقر عمله، وطبعا ليس بالضرورة أن ينطبق ما يقوم به الموظف الحكومي المصري على الموظف الحكومي العماني وان كانت الفوارق بينهما متقاربة.
ولكن هل يا ترى في هذه الحال نلوم الموظف أم الوظيفة أم الحكومة أم أننا ندور في دائرة حكومية لا ندري من نلوم فيها، وقد يكون أحدهم قد صدق عندما تندر عن سبب تسمية كثير من قطاعات الحكومة بالدوائر لانه وكما قال بأنها تدور حول نفسها ولا يستطيع زبائنها تخليص معاملاتهم بسبب دورانها الدائر بها وبمن فيها.
في زماننا الماضي كانت وظيفة الحكومة غاية صعبة المنال ومن يظفر بالوظيفة الميري تكون أمه دعياله كما يقول المصريون أيا كانت هذه الوظيفة حتى وان كانت ساعيا أو سائقا طالما هي تحت ظل الحكومة فأنت موظف حكومي لم ولن يستطيع أن يسألك أي شخص كان ابن من أنت أو لماذا تأخرت أو لم لم تنجز عملك أو أو أو فالجميع متساوون في حقوق الوظيفة.
لكن مفهوم الامس اختلف عن مفهوم اليوم، فشباب الفضاء ينظرون اليوم الى وظيفتي التي أشغلها في الحكومة بأنها مضيعة لزهرة شباب الانسان وما اقوم به من عمل خلال سنوات خدمتي في الحكومة التي قد تصل الى عشرين عاما يمكن القيام به خلال خمس سنوات على أكثر تقدير في هذا الزمان الخاص وبذلك فانني أكون قد خسرت خمس عشرة سنة من عمري اطارد خيط دخان كما قال عبد الحليم حافظ.
أعتقد بأننا في هذه المرحلة بحاجة الى النظر بجدية حقيقية الى موظف الحكومة والعمل الذي يقوم به والعمل على اعادة هيكلة الكثير من قطاعات الحكومة لا سيما التي تقدم خدمات للجمهور والاهتمام بالكادر الوظيفي الذي هو رأس المال الحقيقي لأي مؤسسة ناجحة والابتعاد عن النظرات السابقة التي كان كثير من مسؤولي مؤسسات الحكومة ينظرون اليها بأنهم هم وحدهم فقط من يفهم عمل الحكومة وأن الموظف من تحته هو مجرد أداة منفذة تستوي هي والطاولة التي يجلس عليها.
تعليقات