شدني ما نشر في
بعض صحفنا المحلية على مدى يومين ماضيين عن استغلال بعض ذوي النفوذ لمنصاصبهم
لتحقيق مآرب ومكاسب شخصية، وهذا ما شجعني على الكتابة عن موضوع كرسي الوزير الذي
دائما ما ينظر اليه بأنه الكرسي الذي يمنح صاحبه كافة الامتيازات بدون أن يسأله
أحد لا من داخل وزارته ولا من خارجها عن من أين لك هذا.
الموضوع الاول
الذي عنيته هو عمود للزميل حمود الطوقي والذي كتبه باعتراف لوزير سابق قال فيه
" إن كرسي الوزارة مغر ومن خلاله تتفتح لك كل مغاليق الابواب , وتحصل على ما
تريد سواء بحق او بغيره"
أما الموضوع الآخر
فهو تحقيق الزميل عبدالله الخايفي عن تجاوزات في استثمارات قطاع التعدين جاء فيه
" أن التحقيق يكشف عن العديد من المخالفات
واستغلال المنصب في الاستئثار بالخريطة التعدينية
واصدار تصاريح التعدين والتربح من ورائها .. الخ".
إن ما قاله الوزير السابق في اعترافه صحيحا
فعندما تصل الى مرتبة وزير وتجلس على كرسيه فان الجميع يحسب لك ألف حساب ولا يرفض
لك طلب ولا يستطيع أحد أن يحادثك أو يناقشك أو يجادلك أو يحاسبك فأنت الاول والآخر
في كل شىء وأنت الآمر والناهي وأنت المسموع والمطاع حتى وإن كنت لا تمتلك من
الخبرة ما يؤهلك لادارة وزارة أو ما هو أقل منها بكثير.
في دولنا العربية عندما يصل المرء الى
مرتبة ادارية معينة فإنه لا يجوز سؤاله عما يصنعه فهو يفترض به أن يكون عارفا بكل
شىء وكلامه مسموع ومنفذ من كل أحد، وإن خالفه أو اختلف معه أي شخص أو موظف من
الداخل أو الخارج فإن مصير الآخر الى الزوال، وفي هذه الدول أيضا فإنك عندما تصل
الى تلك المرتبة العليا فإن كل شىء يصبح متاحا لك ورهن اشارتك ويفتح لك ما كان
مغلقا من أبواب.
كثير من أصحاب المعالي في دول العرب دخلوا
من باب المعالي وهم فقراء لا يمتلكون الا ما يلبسونه أو يركبونه وخرجوا من ذلك
الباب وقد ملكوا ما لا يمكن لقارون في زمانه أن يمتلكه، ليس لتفانيهم واجتهادهم
وإنما لعلاقاتهم وصيتهم وخطب ودهم والتسهيلات التي يقدمونها والتسهيلات التي تقدم
لهم وغيرها من الحوافز التي ترتقي بصاحبها الى المراتب العليا في بضع سنين من
توليه ولاية الامر.
ما نفتقده في دولنا شيئان هما الضمير الحي
لدى الكثير ممن اؤتمن على أمر المسلمين والرقابة على ذلك الضمير. وفي كلا الحالتين
فإن غياب الضمير والرقابة يجران الى الكثير من عواقب الامور السيئة ليس على
المؤسسة والفرد وإنما يمتد أثرهما على الدولة بأكملها، ويصبح من الصعوبة بمكان
اصلاح ما أفسده البشر.
قد تكون الخطوة التي اتخذها جهاز الرقابة
المالية والادارية للدولة بشأن الافصاح السنوي واقرار الذمة المالية للمسؤول
الحكومي بما فيها التعاملات المالية مع الوحدات الحكومية له ولأزواجه وأولاده
القصر من أموال وسندات في البنوك، قد تكون هذه بداية جيدة ولكنها تبقى قانونا يمكن
الالتفاف عليه من خلال الحصول على الكثير من المنافع والمزايا التي توجد ألف طريقة
وطريقة للالتفاف حولها ما دام صاحبها موجودا في كرسي الوزير.
ــــــــــ
تعليقات