القصة الأولى: ابن قريب لي يدرس في الصف الرابع الابتدائي عمره لا يتجاوز الحادية عشرة جاءني خلال الأسبوع الفائت يخبرني بأنه سوف يظهر على شاشة التلفزيون ويطلب مني أن أشاهده، وعند سؤالي له في أي برنامج سيكون ظهوره، قال بأنه سيكون في نشرات الأخبار فتماديت في سؤاله عن سبب ظهوره في التلفزيون فقال بأنه سوف يقوم مع أصدقائه في الصف غدا بمظاهرة. تبسمت من كلام الطفل الصغير هذا فزادني بالقول: سوف نقوم بتكسير المركز التجاري بالقرب من مدرستنا ومن ثم سنقوم بحرق أحد البنوك! وعندما سألته عن السبب الذي يدعوهم لهذه المظاهرة والتخريب، قال بأن المدرسة قد نظمت لهم رحلة لكنها لم تكتمل بسبب أن " الأبلة" منعتهم من اللعب فهم محتجون على تصرف تلك " الأبلة " فهم يقولون نريد أن نتظاهر.
القصة الثانية: شباب في عمر الورد من ذكور وإناث أنهوا أكثر من خمس عشرة سنة من سنين عمرهم في التحصيل الدراسي ونالوا بذلك شهادة جامعية أو لم يحالف البعض منهم التوفيق في إكمالها فخرجوا بالشهادة العامة، يتقاسمون جميعا نفس الهم، الجلوس في البيت وانتظار الوظيفة إلى أن تأتي أو يحاولون هم الذهاب إليها ومطاردتها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا. هؤلا الورود طال ببعضهم الانتظار لسنوات عدة بلا عائل يقضون ليلهم في السهر ونهارهم في النوم. وبدلا من ذلك قرروا التظاهر عل ذلك أن ينفعهم في توفير فرص وظيفية لهم، فخرج الكثير منهم مطالبا بتحسين الأوضاع والالتفات إليهم وتوفير فرص عيش كريم لهم وإعانتهم في إيجاد فرص وظيفية بعد أن ملوا من الانتظار في طوابير تزداد أعدادها كل يوم فهؤلا الشباب رفعوا شعار نريد أن نتظاهر.
القصة الثالثة: شباب أكملوا عقد الأربعين حالهم كحال الوطن الذي هو أيضا أكمل عقد الأربعين من التنمية والبناء وهو بالمناسبة سن اكتمال العقل عند الإنسان ونزل الوحي على النبي عليه السلام وهو في هذا السن. هؤلا الشباب الأربعيني يطالب الوطن بالتغيير، يطالبه بالرشد، يطالبه باكتمال منظومة التشريعات والقوانين بعد أن قضى سنوات عمره السابقة في العمل والبناء، هم يقولون بأن عمرهم وعمر وطنهم قد وصل إلى مرحلة النضج واكتمال العقل ويطالبون أنفسهم قبل وطنهم بالتغيير والمحاسبة عما فات والمضي قدما إلى الأمام بكل عزيمة وإصرار وتجديد فهم يقولون نريد أن نتظاهر لمصلحة هذا الوطن.
هذه القصص الثلاث باتت حاضرة في بلدنا عمان هذه الأيام الكل يطالب بالتغيير الذي هو سنة الحياة الدنيا وسنة الشعوب والأمم للتطور والتقدم، الطفل يطالب بفهم أعمق وأكبر لطفولته في المدرسة والبيت والاستماع إليه بدلا من عده من فئة من لا يفهم. أطفال اليوم غير أطفال الأمس.
الزهور أيضا تطالب بالتغيير فوظيفة الأمس لم تعد تناسب شاب اليوم ومرتب وظيفة الأمس لم يعد يتناسب مع متطلبات حياة اليوم، ومن اكتمل عقله عند الأربعين يطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية في جسد الدولة وإزالة الترهلات التي بدت عليها حتى ترجع شابة كما كانت.
في هذه المرحلة من عمرنا وعمر وطننا كتب علينا حتمية التغيير وهذا التغيير لن ننتظره سنين طويلة حتى يأتينا معلبا من الخارج فنحن وبعون من الله قادرون على إحداثه في أنفسنا أولا وفي وطننا ثانيا. وكما يقول المولى عز وجل " وعسى أن تكرهوا شيئنا وهو خير لكم" عسى أن ما نكرهه اليوم هو خير لنا ولأجيالنا من بعدنا.
تعليقات