هاتفني صديق قديم ليلة أمس، ودعاني إلى إطفاء كل مصباح عن بيتي لمدة ساعة من الثامنة والنصف مساء وحتى التاسعة والنصف. فسألته عن السبب؟ فأجاب بأن العالم كله بكل دوله وبيوته ومؤسساته ومصانعه يطفىء الكهرباء في تلك الساعة إحتفالا وتضامنا مع ما أسمي بيوم الارض.
يعرف هذا الصديق بأن الوقت الذي أشار اليه هو وقت الذروة تتجمع فيه الاسرة لتناول العشاء والمذاكرة ومشاهدة التلفزيون، ولو كان قد طلب مني إطفاء الكهرباء عن بيتي وحتى عن بيوت جيراني خلال الساعة الثانية أو الثالثة فجرا لما ترددت في ذلك لان الكهرباء ستكون مطفية أصلا عن ثلثي بيوت الحارة ولا تجد أي انارة أو مصباح مضاء خارج البيوت.
وعندما لم أنصع إلى كلامه، إتهمني بانني عدو للبيئة ولا يهمني أصلا الحفاظ على كوكب الارض وإنني أساعد في انبعاث الغازات وعلى زيادة الاحتباس الحراري وإنني مثل غيري أهدد نقاء ونظافة أمنا الارض التي تستحق منا فقط ساعة نطفىء فيها الكهرباء عن بيوتنا.
أذهلني هذا الكلام الكبير عني وعن تهديدي وعداوتي للعالم أجمع بسبب إنني سمحت لنفسي بابقاء الكهرباء في بيتي خلال تلك الساعة والعالم أجمع قد أطفأها عن بيوته ومدنه ومبانبه ومعالمه الانسانية للدلالة على أن العالم بأجمعه مشترك في ساعة الارض التي تهدف للتقليل من استهلاك الطاقة وتقليص حجم انبعاث الغازات الناتجة من المصانع والشركات والمحافظة على طبقة الأوزون وخفض الاحتباس الحراري، في خطوة تعد الاجرأ لتأمين حياة أفضل على هذا الكوكب الجميل.
من خلال يوم الارض يمكننا القول بان العالم قرية صغيرة، تتشارك هذه القرية الأفراح والهموم في وقت واحد. فالأزمات والكوارث المتعلقة بالبيئة وبالموارد الاقتصادية والطبيعية تتشارك فيها دول العالم أجمع، بحيث لا تستطيع دولة واحدة بمفردها التصدي لحل مشكلات العالم، لذا فان تضافر الجميع في حل تلك المشاكل سيولد حلولا جماعية لكل المشاكل البيئية والاقتصادية والبشرية التي يعاني منها العالم أجمع. وما يوم الأرض إلا دليل واضح على ضرورة تكاتف العالم أجمع للتقليل من المخاطر المحدقة بنا نحن سكان هذا الكوكب وأولها المخاطر البيئية.
ليلة البارحة، أطفأت الكثير من المؤسسات التجارية والصناعية هنا في السلطنة أنوارها تضامنا مع يوم الأرض، وأعطى هذا التضامن دلالة قوية على أن العالم ومنها السلطنة ماضية في سبيل التقليل من استهلاك الطاقة وجعل الأرض نظيفة زاهية من كل ملوثات. وتضامنت أنا أيضا مع هذا اليوم لأجنى فائدتين منها التضامن مع العالم وتقليل فاتورة الكهرباء التي بدأ حر الصيف في رفع معدلها.
تعليقات