التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جمعية ومهرجان

خلال سنين عمري حضرت الكثير من المهرجانات السينمائية والتلفزيونية والتسجيلية في أقطار مختلفة من العالم منها ما تميز بنكهة عربية ومنها ما كانت نكهته بمذاق عربي، لكنني وعلى الرغم من تعدد تلكم المهرجانات والنكهات الا إنني لم أجد أن جمعية أهلية هي من قامت بتنظيم تلك المهرجانات.


قد لا أختلف مع قارىء هذه السطور بان هنالك فرقا كبيرا وبونا شاسعا بين تنظيم واقامة المهرجانات الدولية وبين مهرجاننا المحلي ذو الصبغة العالمية، الا انني أجزم بالقطع بان من يقف وراء تلكم المهرجانات ليست جمعيات أهلية مكونة من مجموعة من الشباب الطموح، وإنما جيش كبير من المنظمين يقف على رأسها الحكومات المحلية لتلكم الدول وان لم تكن الحكومات نفسها فقد يكون من ينوب عنها بميزانيات ضخمة تعادل في أحيان كثيرة ميزانيات بعض الدول الافريقية الفقيرة.


الجمعية العمانية للسينما، ومنذ تأسيسها رسمت لنفسها خطا مستقيما وقطعت على نفسها وعدا بتنظيم أول مهرجان للسينما في المنطقة، حتى وإن كانت دول المنطقة ولا تزال تفتقد هذه الصناعة الجميلة، صناعة السينما التي يحلم بها الكبار والصغار، يعشقها الجميع صانعوها ومشاهدوها، الكل يتهافت عليها وكأنها الساحر الذي جاء لينتشلهم ويخلصهم مما هم فيه من سبات عميق.


إصرار الجمعية العمانية للسينما على إقامة هذا المهرجان كل عام وتشجيع الشباب على مواصلة الانتاج وان لم يكن إنتاجا سينمائيا وانما هو إنتاج قريب للسينما، الافلام الروائية والقصيرة والافلام التسجيلية التي تعد الأقرب الى روح السينما يعتبر من الجهود المباركة التي تحاول الجمعية تنميتها وصقلها لدى الشباب المتحمس لمثل هذه الافكار.


افتتاح النسخة السادسة لمهرجان مسقط السينمائي هذا العام وهو العام الذي يصادف إحتفال السلطنة بالذكرى الاربعين لقيام النهضة العمانية، يحمل مذاقا خاصا من حيث عدد الافلام العمانية التسجيلية والقصيرة والتي اختير لها أن تأخذ الرقم الاربعين للاحتفال بهذه المناسبة، وربما كان الوصول الى هذا الرقم ليس سهلا على الاطلاق من حيث قلة وندرة المشتغلين على مثل هذه النوعية من الافلام التسجيلية والقصيرة.


أعجبتني جملة قالتها طفلة صغيرة خلال حفل الافتتاح " إذا كنت قادر على الصراخ فاصرخ، واذا كنت ما قادر فلا تصرخ"، وأعتقد أن هذه هي رسالة الجمعية من تنظيم هذا المهرجان، وأتمنى على كل الجمعيات الاهلية النشيطة والمجدة معنا هنا في السلطنة أن تصرخ وتقول نعم " أستطيع الصراخ وبأعلى صوتي أيضا".



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...