قيل "إن اختلاف العلماء رحمة للامة"، ومن هذا الباب وسع كثير من العلماء فتاواهم على حسب المذاهب التي ينتمون لها، وكما هو حال عصرنا من اثارة للجدل والاختلاف فقد جاءت الفتوى لتعبر عن هذا الحال ولتثير الكثير من الكلام والجدل واللغط حولها وحول من أفتوا بها.
هنالك من الفتاوى ما يثير الضحك والسخرية في ذات الوقت لانها لا تتناسب مع الزمان الحاضر الذي تقال فيه، كما وأنه لم يتم اثارتها من قبل، وفضل العلماء السابقون السكوت عنها الى أن أتى علماء هذا الزمان فأثاروها ونفضوا الغبار عنها فصارت حديث الناس ويتم تناقلها بين الناس ليس على أنها فتوى من قبل شيخ ما وانما على سبيل التندر والضحك.
في الاونة الاخيرة سمعنا الكثير من الفتاوى التي تثير الضحك فمنهم من أفتى بجواز إرضاع المرأة لزميل العمل أو كما أطلق عليها فتوى ارضاع الكبير، ومنهم من أباح إفطار اللاعبين في رمضان، ومنهم من افتى بان التدخين لا يبطل احرام الحاج، وغيره ممن أباح تناول بعض المشروبات التي تحتوي على نسبة ضيئلة من الكحول. وعلى الرغم من صحة أو عدم صحة هذه النوعية من الفتاوى واقتناع أصحابها بها وسوقهم للكثير من الادلة من القرآن والسنة على صحة معتقداتهم فانه يبقى ان اثارة مثل هذه النوعية من الفتاوى في هذا الوقت يثير الكثير من الشك والريبة والجدل بين الناس، فيبقى صاحب الفتوى معلقا بين فتواه وبين ما يقوله الناس عنه فيضطر في كثير من الاحيان الى سحب فتواه.
استغل الكثير من الناس الفتوى لتأثيرها على الناس، لان العامة غالبا ما يصدق كلام العلماء، وما يصدر عنهم يعتبر بمثابة الفتوى الشرعية، لذا نجد أن الكثير من ذوي الاختلاف والجدل يلجأون الى العلماء لتبرير بعضا من اختلافاتهم ومواقفهم فتأتي الفتوى كرد على بعض من يخالف المخالفين أو وسيلة لتبرير بعضا من وجهات نظرهم.
كثر المفتون وسهلة الفتوى، فصار الجميع يفتي بعلم وبغير علم في كل مكان وفي كل زمان، سهلت وسائل الاتصال الحديثة الفتوى فصرنا نرى كل يوم مفتي على الهواء ينثر فتواه على مسمع ومرأى الجميع وصار الناس يتنقلون من مفتى لاخر طلبا لمن يتساهل ويتخفف معهم في الفتوى، وان لم يجد انتقل الى طلب الفتوى الالكترونية التي يمكن أن تأتيه من أي مكان ومن أي أحد في هذا الكون الشاسع فيختار منها ما تناسب هواه.
خطورة ما نحن فيه من تهاون البعض في الفتوى واستسهال الاخر لها يثير الكثير من التساؤل الى المكان الذي يمكن أن نصل اليه بهذه الفتوى، وما الذي يمكن أن تجره على مجتمعاتنا الاسلامية من مخاطر جمة، ومهما كان من أمر اختلاف العلماء رحمة للامة يبقى ان ليس كل من سؤل سؤال هو عالم ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات