سليم يعمل حلاقا في محل للحلاقة في أحد أحياء العاصمة مسقط، يومه يبدأ من الصباح الباكر وينتهي عند منتصف الليل لا يقطعه إلا باستراحة تمتد إلى ثلاث ساعات هي وقت غداء وقيلولة بالنسبة له، يعمل سبعة أيام في الأسبوع بدون توقف، عمله يتطلب منه الوقوف منتصبا في كل مرة يسلمه زبون رأسه أو ورقبته ليحلقها.
دخلت معه في حديث ودي للتسلية بدل الصمت المطبق على كلينا، فكانت فاتحة الحديث عن عمله وزبائنه وعن إجازتي التي قضيتها مستمتعا مع الأهل والأصدقاء في أجواء المطر الجميل خلال إجازة نهاية الأسبوع، فإذا بتنهيدة تصدر من أعماق صدره يتبعها بحسرة من أنه لا يمكنه ولا حتى لنصف يوم من أخذ إجازة فهو يعمل سبعة أيام في الأسبوع طوال العام باستثناء يومين في العام هما أيام أعياد المسلمين، وعند سؤاله عن السبب الذي يمنعه من أخذ إجازاته قال إن المسؤول عنهم في المحل لا يسمح لهم أبدا بأخذ أيام إجازة وكان هذا شرطا لقبول الوظيفة وقد يكون سببا لفقدانها إن هو طالب بيوم راحة يريح فيها بدنه من عناء التعب والإرهاق الشديد الذي يكابده من وقوفه اليوم أمام رؤوس الناس وذقونهم.
لا يقتصر إلغاء الإجازة الأسبوعية وإجازات الراحة على هذه الفئة الكادحة من العاملين المهمشين وإنما تشمل كذلك الكثيرين ممن ساقتهم الأقدار لامتهان مهن لا يسمح لهم فيها بأخذ ولو يوم راحة واحدا فقط لهم مثل المزارعين وخدم المنازل والسائقين وبعض الباعة وغيرهم الكثير ربما جهلا منهم بالقوانين التي تكفل لهم أيام إجازة أو خوفا منهم من فقدان مصدر للدخل يعتاشون ويعيشون غيرهم منه أو قد يكون تسلطا وتجبرا وتكبرا من كفيل عمله الذي يرغمه على العمل لسبعة أيام متواصلة في الأسبوع.
قانون العمل العماني– الذي يجهل مواده الكثير من العمال– أشار إشارة صريحة إلى أحقية العامل في الحصول على إجازة أسبوعية لا تقل عن يوم واحد، حيث نصت المادة (71) من هذا القانون على أنه على «صاحب العمل أن يمنح العامل راحة أسبوعية لا تقل عن أربع وعشرين ساعة متتالية بعد ستة أيام عمل متصلة على الأكثر»، كما نصت المادة (68) من القانون نفسه على أنه «لا يجوز تشغيل العامل تشغيلا فعليا أكثر من تسع ساعات في اليوم الواحد وبحد أقصى 48 ساعة في الأسبوع»، كما نصت المواثيق والمعاهدات الدولية التي حددها القانون الدولي ومنظمة العمل الدولية على أحقية وأهمية تمتع العامل بالإجازة الأسبوعية والسنوية وشددت على ذلك لضمان حصول العامل على حقوقه القانونية كاملة بما فيه حقه في التمتع بصحة سليمة وعقل سليم.
أخبرت سليم في عجالة عن حقوقه التي يجب أن يتمتع بها كعامل في السلطنة والقوانين التي كفلها له الدستور ومنها قانون العمل العماني الذي هو لا يعرف عنه شيئا مطلقا، إضافة إلى حقوقه التي تكفلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هنا بالسلطنة بضمانها ومنها حقه في العمل في بيئة عمل صحية غير محفوفة بالمخاطر وتمتعه بإجازات العمل الرسمية كاملة، فأجابني بوجه عابس ارتسمت هالات سوداء على محجر عينيه وبإشارة من سبابته بأنه لا يريد من كل ذلك، سوى يوم واحد فقط في الشهر كي ينعم بهدوء الحياة وجمالها.
http://omandaily.om/?p=325129
تعليقات