يقال والعهدة على الرواي: إن أول فيروس أصاب الإنسان كان في العصر الحجري الحديث عندما تسببت طماطة زرعها فلاح حجري في انتقال العدوى إليه، ويقول الراوي ذاته: إن علماء المصريات- وهم العلماء المختصون بدراسة تاريخ مصر القديمة- اكتشفوا أن مومياء رمسيس الخامس المتوفى قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام قد ظهرت عليها علامات إصابته بفيروس الجدري مما أدى إلى وفاته وهو صغير في السن في الثلاثينات من عمره بسبب ذلك الفيروس، وقد دللت آثار طفح جلدي وبثور صغيرة بارزة على رقبته وصدره ووجهه على أصابته بذلك الفيروس الخطير.
رحم الله أجدادنا الفراعنة ومن قبلهم ومن بعدهم ومن سيأتي منهم مستقبلا ممن فتكت وستفتك بهم الفيروسات التي لا يزول أثرها حتى بعد إجهازها على ضحيتها، فهي تتبدل وتتغير في أوصافها وأشكالها وألوانها وآثارها ونتائجها فمرة تأتيك من النبات ومرة من الحيوان ومرة من الطيور وأخرى تأتيك من الإنسان وغيرها يأتيك من الطبيعة والجو المحيط حيث تتعدد الاسباب والانفلونزا واحدة، ولا يمر علينا عام إلا ونسمع عن فيروس جديد بأعراض جديدة يبدأ بعدها العلماء في التفكير في اختيار اسم له يتناسب مع مواصفاته وأعراضه.
أسماء الفيروسات لو تطرقنا إليها كاملة لوجدنا أنفسنا بحاجة إلى رسالة دكتوراة قد لا تكفي ربما لإيفائها حقها من البحث والتقصي عن السبب الحقيقي وراء تسمية ذلك الفيروس بذلك الاسم ومن أطلقه عليه، هذا في حال لو اكتفينا بالفيروسات البشرية فضلا عن الفيروسات الاصطناعية التي تفتك بأجهزة الكمبيوتر والمحمول المريضة والعليلة والتي تتنوع في أعراضها وأشكالها وألوانها وطرق الوقاية منها.
علماء البشر وأطباؤهم كانوا ينظرون في السابق الى تلك الفيروسات على أنها وباء وهلاك ومرض عضال يؤدي في بعض أحيانه الى الهلاك والدمار ويحيل حياة الإنسان الى ضنك وشقاء، فكانوا يطلقون على تلك الأوبئة أسماء منفرة قاسية ومرعبة وقبيحة في بعض الاحيان مثل الحصبة والجدري والشلل والحمى القلاعية وحمى الضنك والسعار وغيرها من الأسماء التي يرهب اسمها المصاب بها أكثر مما ترهبه أعراضها.
أما اليوم فبعد أن كثرت أنواع الفيروسات وتعددت أعراضها وأشكالها وبدأ الإنسان في التآلف معها وإيجاد ترياقات لها، فكر علماء البشر وأطبائهم في التخفيف عنا من صدمة تلك الأسماء فبدأوا في انتقاء أسماء ناعمة مخملية هادئة وأنيقة تحمل أسماء نساء جميلات وأماكن خلابة مثل كورونا وزيكا وسارس ومليسا «النسخة البشرية» حيث لا يجد حاملها فظاظة من قولها وإنما حلاوة وطراوة في نطقها، وتسهل عليه بعضا من آلامها وأوجاعها.
ويرجع هذا التحول في تسمية هذه الفيروسات البشرية بأسماء جميلة تأسيا بأسماء الفيروسات الاصطناعية الفاتكة بالألواح الإلكترونية حيث يختار لها صانعوها كما قلنا أسماء جذابة مثل ميلسيا «النسخة الإلكترونية» وفيروس الحب وفيروس نيمدا وفيروس مايكل أنجلو وغيرها من أسماء الفيروسات اللطيفة التي يكون وبائها أقل فتكا بالبشرية لأنها ولله الحمد والى اليوم لم يثبت بالدليل القاطع ولا البرهان الساطع أنها يمكن أن تنتقل من الألواح إلى الأجسام اللهم باستثناء فيروسات الإدمان التي يعاني المصاب بها أرقا وسهرا وعزلة وهياما بألواحه.
يقول المثل العربي «ما بين حانا ومانا ضاعت لحانا» وهو مثل يضرب عند وقوع المصيبة وقصته أن أعرابيا تزوج من امرأة اسمها حانا وبعدها بعشرين عاما تزوج بمانا فكانت الثانية تنزع الشعر الأبيض من لحيته والأولى تنزع الأسود حتى طارت لحيته فقال قولته تلك، أما أنا فأقول «ما بين مليسا وزيكا ضاعت صحتنا»، اللهم الطف بنا.
http://omandaily.om/?p=320289
تعليقات