كثير من الساسة يحلو لهم تسميتها بالدولة"الصامتة" أو الدولة القصية التي تسكن جانبالبحر، وفي عرف آخر غير عرف السياسيين هي الدولة التي تنفرد بمذهب مختلف عن مذاهب المسلمين كلهم هو المذهب الاباضي الذي لا يعرف عنه المسلمون ذاتهم الكثير ويؤمنون بأنه مذهب خارج عن المذاهب الاربعة، لذا فأهل تلك البلاد هم" خوارج" ليس فقط في مذهب الديني وانما حتى في مذهبهم السياسي الخارج عن عرف السياسة العربية والدولية.
عمان، أو سلطنة عمان كما تسمى في السجلات الرسمية وربما حتى في تسميتها هي خارجة عن المألوف حيث أنه لا يتسمى بهذا الاسم في عصرنا الحالي (سلطنة وسلطان) سوى دولة واحدة او دولتين في كل اقطار العالم، فحتى في اسمها هي خارجة عن العرف الدولي.
بدأ اسم هذه السلطنة التي تقع في اقصى الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية وتحدها ثلاثة بحار كبرى من جهاتها الثلاث هي بحر عمان وبحر العرب والخليج العربي الذي يربطها بعلاقة وطيدة مع باقي دول وامارات الخليج الخمس، بدأ اسمها يتردد كثيرا في افواه الساسة والمشتغلينبها هذه الايام فهذه الدولة الصامتة التي فاجأصمتها العالم لعبت دورا محوريا وتاريخيا في لم الاطراف المختلفة المعنية بالملف النووي الايراني وجمعهم على طاولة واحدة والتوصل الى اتفاق ينهي قطيعة وجفاء بين دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبين ايران التي كانت في يوم ما هي محور الشر الاول وفي قائمة الاشرار المهددين لاستقرار وسلام العالم أجمع بسبب أنشطتها النووية التي تمارسها والتي ربما كانت قد تفضي الى امتلاكها للقنبلة النووية كما يقول الغرب.
الكثيرون استعانوا بخرائط " جوجل" للبحث عن هذه السلطنة وموقعها ولماذا هي منعزلة وصامتة عن العالم أجمع، وربما استعان البعض أيضا بموقع " ويكيبديا" وسؤاله عن تاريخ هذه الدولة التي تبلغ مساحتها الاجمالية أكثر من ثلاثمائة وتعسة آلاف كيلو متر مربع وعدد سكانها الذي لايتعدى الثلاثة ملايين نسمة هم خليط بين أعراق مختلفة سافر البعض منهم في غابر الزمان الى شرق أفريقيا وعاد الى وطنه بسحنة ولهجة اخرى وبين اعراق اخرى وفدت الى هذه السلطنة من دول مجاورة كالهند وباكستان وايران فانصهرت كلها في هذه السلطنة بقيم وعادات وتقاليد ومذاهب دينية جعلت الجميع يرفع شعار القيمة الوطنية بدلا عن باقي القيم الاخرى.
هي دولة تمتلك الكثير من المقومات التي تميزها عمن يجاورها من دول الخليج المختلفة، تنام على ضفاف الماء، وتعانق جبالها الشامخة زرقة مياه البحر وترسم الشمس خيوطا ذهبية على صحاريها الشاسعة الامتداد، وكان البحر ولا يزال مصدر الرزق الاوفر حظا للسكان، مخرت عبابه سفنهم الخشبية التي كانوا يصنعونها من دون مساميرحديدية فوصلت الى كل اصقاع الارض شرقها وغربها في الصين والهند وشرق افريقيا حتىالولايات المتحدة التي استقبلت أول سفير عربي هو العماني أحمد بن النعمان في العام 1840 عندما جاء مبعوثا من السلطان سعيد بن سلطان على متن السفينة سلطانة وتم توثيق ذلك في متحف مدينة نيويورك بلوحة زيتية مثبتة على مدخله.
لا تزال العلاقة بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان منذ قدوم اول سفير للدبلوماسية لها وحتى اليوممتينة وتعززها العلاقات بين البلدين وهو ما لم تألوا فيه سلطنة عمان جهدا عندما توسطت لدى ايرانلاطلاق سراح عدد من المتحجزين الامريكان لديها،وهو ما عده المراقبون وخبراء السياسة بأنه بداية التقارب بين امريكا وايران بوساطة عمانية بعيدة عن الاضواء والصخب.
عمان التي سكنت هي ليست بلد وليد الامس فحضارته كما أثبتها علماء الانثربولوجيا والتاريخ يرجع الى الالف العاشر قبل ميلاد المسيح عليهالسلام، وكانت قوافل اللبان العماني المعطر تصل الى حضارات مصر وروما حيث تعبق كنائسها بروائحه الزكية الممتزجة بدعوات القسيسين والرهبان بأن يحفظ الله لهم تلك البلاد التي تأتي منها تلك الروائح العطرة.
سلطنة عمان لا تميل الى رفع الصوت عند تقديمها لخدمة أو اسداء لجميل أو تبرع لصديق أو المساعدة في حل مشكلة أو معضلة بين جارين أو غير جارين من بلاد الارض المترامية فهي تؤمن بأن الامن والسلم والاستقرار لا بد أن يسودا هذا العالم وأن تنعم أجيال البشرية جمعاء بعيش رغدبعيد عن الدمار والخراب والحرب، لانها كانت في يوم من الايام تعيش نفس هذه الظروف القاسية ولا تتمنى لأحد آخر أن يعيشها.
تعليقات