لست من المؤمنين ولا من المصدقين ولا حتى من المروجين لهذه الكذبة، ولكنني لمستها وتعرضت لها قبل يومين وتحديدا في الاول من هذا الشهر الكذوب.
موقفان جعلاني أسلم بأن لهذه الكذبة – الخرافة- مريدون ومؤمنون بها بل وينتظرونها بفارغ الصبر حين تحل لانها بالنسبة لهم كما يعتقدون هي للتسلية وايقاع الآخرين في شركهم.
أول هذه المواقف جاءت من عملاق محركات البحث الشهير جوجل الذي أعلن على صفحته الاولى عن خدمة جديدة أسماها " حاسة الشم"، ومن فرط شغفي بمعرفة الجديد في التقنية وعوالهما اضافة الى فضولي الشديد حشرت أنفي في تلك الخدمة لتجريبها، فقد كانت تقول بأنك اليوم تستطيع أن تشم كل الروائح في العالم عن طريق جهازك المحمول أو هاتفك النقال، والتجربة هي خير اثبات لهذا.
شخصيا، أعرف أن تلك الاجهزة الالكترونية هي ألواح صماء لا تشم ولا تسمع، ولكنني صدقت جوجل فهو أصدق من كثير من البشر. اخترت عطرا فرنسيا غالي الثمن، نصحني الموقع بأن أقرب أنفي وابدأ بضغط كلمة إبدأ حتى أستطيع أن استمتع بالرائحة الزكية، وعندما لم تصلني أية رائحة قال لي بأنك بحاجة الى مساعدة وأن لدي مشكلة تتمثل في إنني اليوم في الاول من ابريل وهو يوم الكذبة الكبرى.
ثاني هذه المواقف جاءت عن طريق بريد الكتروني ارسله أحد القراء بمناسبة تدشين جريدة عمان اوبزيرفر لشكلها وتبويبها الجديدين، قال فيها " يبدو أنها كذبة ابريل".
كما جاء على لسان موسوعة ويكبيديا العالمية في تعريفها لهذه الكذبة بأنها " يوم كذبة إبريل هو إحتفال أصله أوربي ثم انتشر في العديد من الدول في الأول من شهر إبريل من كل عام. إعتاد الناس فيه على الإحتفال وإطلاق النكات وخداع بعضهم البعض، وفيه تحصل مواقف كثيرة معظمها طريفة وبعضها محزن جراء كذب الناس في مثل هذا اليوم".
نحن كمسلمين - يفترض بنا- أن لا نؤمن بالكذب مطلقا لا في ابريل ولا في غيره من الشهور الهجرية والميلادية، وأن لا ننساق وراء ما يروجه الآخرون ، وأن يكون لنا اعتبارنا الخاص بنا نابع من ديننا وعقيدتنا وعاداتنا، وفي هذا اليوم وفي استثناء غريب وجدنا أن عددا من الشعوب هي مثلنا تراعي عاداتها وتقاليدها ودينها ولا تؤمن مطلقا بهذه الكذبة مثل الشعبين الإسباني والألماني والسبب أن هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينياً أما في ألمانيا فهو يوافق يوم ميلاد بسمارك.
قد يكون البعض قد وقعوا ضحية هذا اليوم كما وقعت فيه، وقد يكونوا قد وقعوا في هذا الشرك من قبل أصدقاء أو أفراد وهذا ما قد يمكن غض الطرف عنه باعتباره مزحة أو نكتة بين الاصدقاء والاحباب، ولكن عندما تتبنى بعض الجهات الاعلامية ووسائل الاتصال الحديث هذه الكذبة وتروج لها وتحاول الترويح لها بكل الطرق، هنا يكون الامر قد دخل في نطاق المحظور خوفا من أن تصبح هذه العادة ثابتة عند الكثير من الناس لا سيما مع جيل جديد لا يمتلك الحصانة الكافية ضد مخاطر الكذب.
منشور بجريدة عمان
http://main.omandaily.om/node/130872
تعليقات